اصلهم ويقطعوني

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أصلهم ويقطعوني



عن أبى هريرة رضي الله عنه، أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابةً أصلهم ويقطعوني، وأُحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلمُ عنهم ويجهلون علي.


فقال: ( لئن كنت كما قلت فكأنما تُسفّهم الملّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمت على ذلك
) رواه مسلم .


معاني المفردات


تسفّهم: تطعمهم.


المَلّ : الرماد الحار الذى يُحمى ليدفن فيه الطعام فينضج،


وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحقهم من الأذى بأكل الرماد الحارّ.


الظهير : الناصر والمعين .


تفاصيل الموقف


للظلم مذاقه العلقميّ الذي لا تستسيغه النفوس، ولا تُطيقه القلوب،


فهو الموقد لنيران الحسرة، المُكدّر لصفو الحياة وصفائها،


المستجلب للهموم والمستدرّ للأحزان.


ولئن كان وقعُ الظلم على النفوس بمثل هذه المثابة،


فإنّ أقذعه وأشنعه، وأعمقه جرحاً وأشدّه إيلاماً،


ما كان صادراً من قرابة الإنسان ورَحِمه ؛


ذلك لأنّ المتصوّر من الأقربين نسباً توافر أسباب الرحمة وأواصر اللُحْمة،


بما يكون سبباً في تماسك بنائهم الأسريّ ليبقى حصناً يحمي من عاديات الزمان وحوادث الزمان.


أما أن تأتي الإساءة وتنطلق الأذيّة ممن تربطك بهم وشائج الأخوّة والدمّ، فأعظِمْ به من ظلم، وأعظِمْ بها من إساءة،


على حدّ قول الشاعر:


وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ... على النفس من وقع الحسام المهنّد


وكان من الذين اكتووا بهذه النيران، أحد صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلّم-،


ما توقّفت قرابته عن الإساءة إليه قولاً وفعلاً، بدءاً بالهجران والقطيعة، ومروراً بالهمزِ واللمز، وانتهاءً بالسخرية والتطاول.


وحاول الصحابيّ رضي الله عنه أن يحتمل هذه التصرّفات، وأن يتذرّع بالحلِم والصبر،


لعلمه بأن عشيرته مهما أساؤوا إليه سيظلّون جناحه الذي به يُحلّق، ولسانه الذي به ينطق، ويده التي بها يُنافح،


لكنّهم لم يقدّروا هذا السموّ الخُلقيّ والرفعة الإنسانيّة

فلا كرامةَ ولا احترام، بل زادوا عتوّاً ونفوراً، وطغياناً وظلماً،


وعندها قرّر أن يلملم جراحاته ويشتكي للنبي –صلى الله عليه وسلم- ما يجده من قرابته.


وأمام النبي –صلى الله عليه وسلّم- ألقى إليه مظلِمَته بكلماتٍ تقطرُ ألماً وحسرةً:


" يا رسول الله، إن لي قرابةً أصِلَهم ويقطعوني، وأُحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي" وكأنّه يقول بلسان حاله:


"فبماذا تأمرني يا رسول الله؟".


وجاءت الإجابة من النبي –صلى الله عليه وسلم- بعيداً عن المتوقّع، فلم يبيّن الوعيد في حقّ أولئك، ولم يوجهه إلى المعاملة بالمثل –وهذا من حقّ السائل- ،


ولكنّه أرشده إلى ما تقتضيه معالي الأخلاق من الاستمرار على صلتهم والتواصل معهم مهما فعلوا،


مبيّناً له حاله وحالهم في مثلٍ رائع، مبشّراً في الوقت ذاته بمعونة الله سبحانه وتعالى ونصره له،


قال عليه الصلاة والسلام : ( لئن كنت كما قلت فكأنما تُسفّهم الملّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمت على ذلك ) .


وهذا والله هو محض الكرم ولُباب العقل، فعفوٌ يتلوه عفو، وحلمٌ يقابل إساءة، وتغافلٌ عن زلّة، وتأويل لهفوة،


وتتابع من هذه المواقف الكريمة، والخصال الكريمة، والأعمال الجليلة، ستذيب جبل الجليد مهما طال الزمن،


وإن لم يكن ما يريد فهو نهر الأجور الجاري،

والثناء العطر من الخلق،


والمكانة العظيمة من النفوس، ورضى الله سبحانه فوق ذلك كلّه.


إضاءات حول الموقف


يشير الموقف النبويّ إلى أهمّية صلة الرحم ومكانتها بين مكارم الأخلاق،


ولولا فضلها وعظيم منزلتها ما أرشد النبي –صلى الله عليه وسلم- صاحب القصّة إلى احتمال الأذى في سبيل تحقيق هذه الشعبة من شعب الإيمان،


والتي جاء ذكرها في قول الله تعالى { واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} (النساء:1)،


وجاء التحذير من ضدّها في قول الحقّ تبارك وتعالى:

{ فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} (محمد:22-23)،


وقوله تعالى: { والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار} (الرعد:25).


وصلة الرحم ورد الحثّ عليها في عددٍ ليس بالقليل من الأحاديث النبويّة الصحيحة،


تبيّن أنها سببٌ في طول العمر ومباركة الرزق،


وأنّ الله تعالى قد تكفّل للرحم بأن يصل من وصلها ويقطع من قطعها،


فقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم- : ( إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم:


هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟


قالت: بلى يا رب قال: فهو لك
) متفق عليه،


وقال عليه الصلاة والسلام: (من سرّه أن يُبسط له في رزقه وأن يُنسأ له في أثره - أي يؤخر له في أجله وعمره- فليصل رحمه) متفق عليه،


وفي التحذير من القطيعة قال عليه الصلاة والسلام: ( لا يدخل الجنة قاطع رحم) متفق عليه.


بل قد صحّ في السنّة ما يحثّ على صلة الأرحام غير الأوفياء،


وهو ما يُطابق المعنى الذي جاء به الموقف الذي بين أيدينا،


فقد قال عليه الصلاة والسلام: ( ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل هو الذى إذا قطعت رحمه وصلها) رواه أبو داود .


ومما يستوقفنا في أصل القصّة أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يُعلّم صحابته الرُقيّ والإحسان في أمورهم كلّها،


فلئن كان العدل يقتضي من المظلوم أن يُعامل من ظلمه بالمثل،


أو أن يهجرهم تجنّباً لسهامه المؤذية، ونباله الجارحة،


فأين الصبر وأين الحلم؟ وأين العفو وأين المسامحة؟


وأين المودّة وأين الرحمة؟


بهذا فقط تُنال طمأنينة النفس وراحة البال،
وما أحسن قول


المقنع الكندي :


وإن الذي بيـني وبيـن بني أبي وبين بني عمي لمختلف جدا
أراهم إلى نصـري بطـاءً وإن هم دعوني إلى نصر أتيتهم شدا
إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا



منقول للفائدة


وفقنا الله وإياكم لطاعته ، وأعاننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته


</I>
</B>
4
493

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

jouliana
jouliana
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

بسم الله الرحمن الرحيم
موقع مداد
www.midad.me




رمضان . . . أهلا ومرحبا بالضيف الكريم الذي سرعان ما يمضي , ففي رمضان تتضاعف الأجور وتصفد مردة الشياطين وتفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النيران فهو شهر خير وبركات . . . يحسن بنا نحن المسلمين أن نستعد لاستقباله خير استقبال . . . فالمسافر يستعد لسفره ، والموظف يستعد بالدورات التدريبية لوظيفته كلما ازدادت أهمية , والشياطين تستعد لهذا الشهر أو توسوس للناس - قبل أن تصفد فيه - بأنواع الملاهي كالأفلام والألعاب الفارغة ، ونحن المسلمين ينبغي علينا أن نستعد له أفضل استعداد ، فما أسعد من استفاد من رمضان من أول يوم ومن أول لحظة . . .
شهر رمضان: يقول عنه النبي – صلى الله عليه وسلم- : "رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه" وفي رواية "خاب وخسر كل من أدرك رمضان ولم يُغفر له ذنبه ".
فإليك أخي وإليك أختي هذه الوصايا القليلات نسأل الله أن ينفعنا وينفعكم بها وكل رمضان وأنتم بخير .....
يا ظمآن إلى رمضان
يا باغي الخير أقبل .. فقد أقبل رمضان
وقفة مع النفس قبل رمضان
وقفات قبل رمضان
وقفات على أبواب رمضان
جزاك الله عنا خير الجزاء وأفاض عليك من نعمه ظاهره وباطنه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
وكل عام وأنتم الى الله أقرب
وردة~حايل
وردة~حايل




جزاك الله خير
ام رغودي وهنودي
بارك الله فيك
دموع السماء!
دموع السماء!
جزاك الله خير الجزاء ..