الدنيا دار سفر لا دار إقامة، ومنزل عبور لا موطن حبور ( الزهد في الدنيا )

ملتقى الإيمان

فإنّ الدنيا دار سفر لا دار إقامة، ومنزل عبور لا موطن حبور، فينبغي للمؤمن أن يكون فيها على جناح سفر، يهيئ زاده ومتاعه للرحيل المحتوم.


فالسعيد من اتخذ لهذا السفر زادا يبلغه إلى رضوان الله تعالى والفوز بالجنة والنجاة من النار.





إنما الدنيا إلى الجنة والنار طريق
والليالي متجر الإنسان والأيام سوق


ارجع الى الله قبل فوات الآوان

هيا من الليلة عد إلى الله وتب إلى الله، فَكِّرْ وَحَاسِبْ نَفْسَك وكن لها كالشريك الشحيح الذي يُحاسِبُ شَرِيكَهُ، ماذا ضَيَّعتْ وَمَاذَا قَصَّرْتْ وَمَاذَا فَرَّطْتْ؟ وقل لها:


يا نفسُ قَدْ أَزِفَ الرحيلُ
وَأَظَلَّكِ الخطْبُ الجليلُ
فتأهبي يا نَفْسُ للرحيل
لايَلْعَبْ بِكِِ الأملُ الطويلُ
فلتنزلن بمنزلٍ
ينسى الخليلَ به الخليلُ
وليركبنّ عَلَيْكِ فِيه
مِنَ الثَّرَى حِمْلٌ ثَقِيلُ
ساوا الفناء بيننا جميع
فما يبقى العزيزٌ ولا الذليلٌ

فكِّر في لحظة تخرج فيها من هذه الدنيا بلا جاه ولا مَنصب ولاسلطان فكِّر في لحظة ستدخل فيها إلى قبرٍ ضيق يتركك فيه أهلكُ وَخِلاَّنَك وَأَحْبَابَكْ، ويتركوك مع عملك بين يدي أرحم الراحمين
فكر حينها عندما يناديك رب العالمين..
( عبدي لقد ذهبو وتركوك وفي التراب وضعوك ولو جلسو عندك ما نفعوك واليوم ليس لك الا انا وانا الحي الذي لا يموت )
فكِّر في لحظه سيُنادى عليك فيها على رؤوس الأشهاد ليكلمك الله جلا وعلا بدون ترجمان فكِّرْ في لحظةٍ ترى فيها جهنم والعياذ بالله، قد أُوتي بها لها سبعون ألف زمام مع كل زِمَامْ سبعون ألف ملك يجرونها وهي ترمي بشرر كا القصر
مثل لنفسك ايها المغرور .... يوم القيامة والسماء تمور
اذا كورت شمس النهار وادنيت....حتى على رؤوس العباد تسير
واذا النجوم تساقطت وتناثرت....وتبدلت بعد الضياء كدور
واذا الجبال تقلعت باصولها....فرأيتها مثل السحاب تسير
واذا العشار تعطلت وتخربت....خلت الديار فما بها معمور
واذا الوحوش لدى القيامة حشرت....وتقول للملائكة اين نسير
واذا الجليل طوى السماء بيمينه....طى السجل كتابه المنشور
واذا الصحائف نشرت وتطايرت.... وتهتكت للعالمين ستور
واذا الوليد بأمه متعلق....يخشى القصاص وقلبه مذعور
هذا بلا ذنب يخاف جناية....فكيف المصر على الذنوب دهور
واذا الجحيم سعرت نيرانها....ولها على اهل الذنوب زفير
واذا الجنان تزخرفت وتطيبت ....لفتى على طول البلاء صبو.
اذا
عجّل من الليلة با الرجوع والتوبة الى الله
أين أنت من التوحيد ؟
أين أنت من القرآن ؟
اين انت من الصلاة لآوقاتها ؟
أين أنت من حقيقة الاتباع ؟
أين أنت من البذل لدين الله ؟
أين أنت من التحرك للدعوة الى الله ؟
أين أنت من الحلال ؟ أين أنت من الحرام ؟
أين أنت من السُّنَّة ؟ أين أنت من البِدْعَة ؟
أين أنت من الحق ؟ أين أنت من الباطل ؟
اين انت من الله رب العالمين ؟

قف الليلة وقفة صدق مع نفسك، قبل أن تقف بين يدي الله الذي كتب عليك في كتابٍ عنده، { فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي ولا يَنسَى }
قال: فأين رحمة الله؟
قال: إن رحمة الله قريب من المحسنين.
قال: فكيف القدوم غدًا على الله؟
أما العبد المحسن فالكغائب يرجع إلى أهله، وأما العبد المسيء فكالأَبِقْ يرجع إلى مولاه.

تُبْ إلى الله..

هل أنت مسلم كما أراد الله؟ هل أنت مسلم كما رسم لك طريقك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فأرجو ألا تُفهم التوبة بفهمها القاصر الضيّق، وإنما التوبة هي الدين كله، فالدين كله داخل في مسمى التوبة.
ومن هذا المُنْطَلَقْ، فَلْنَقِفْ جميعًا مع أنفسنا الليلة وقفة صدق لنجدد التوبة الي الله تعالي






تعريف الزهد في الدنيا



تعددت عبارات السلف في تعريف الزهد في الدنيا وكلها تدور على عدم الرغبة فيها وخلو القلب من التعلق بها.


قال الإمام أحمد : الزهد في الدنيا : قصر الأمل.


وقال عبدالواحد بن زيد : الزهد في الدينار والدرهم.


وسئل الجنيد عن الزهد فقال : استصغار الدنيا، ومحو آثارها من القلب.


وقال أبو سليمان الداراني : الزهد : ترك ما يشغل عن الله.


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة، واستحسنه ابن القيم جدا.


قال ابن القيم : والذي أجمع عليه العارفون : أن الزهد سفر القلب من وطن الدنيا، وأخذ في منازل الآخرة !!.


فأين المسافرون بقلوبهم إلى الله؟


أين المشمرون إلى المنازل الرفيعة والدرجات العالية؟


أين عشاق الجنان وطلاب الآخرة؟


الزهد في القرآن


قال الإمام ابن القيم: والقرآن مملوء من التزهيد في الدنيا، والإخبار بخستها و قلتها، وانقطاعها وسرعة فنائها، والترغيب في الآخرة والإخبار بشرفها ودوامها.


ومن الآيات التي حثت على التزهيد في الدنيا :


1ـ قوله تعالى : { اعلموا أنّما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثمّ يهيج فتراه مصفرّا ثمّ يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } .


2ـ وقوله سبحانه : { زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب } .


3ـ وقوله تعالى : { من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب } .


4ـ وقوله تعالى : { قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا } .


5ـ وقوله تعالى : { بل تؤثرون الحياة الدنيا ، والآخرة خير وأبقى } .


أحاديث الزهد في الدنيا


أما أحاديث النبي التي رغبت في الزهد في الدنيا والتقلل منها والعزوف عنها فهي كثيرة منها:


1ـ قول النبي لابن عمر رضي الله عنهما : « كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل » . وزاد الترمذي في روايته : « وعدّ نفسك من أصحاب القبور »2ـ وقال النبي : « الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر » .


3ـ وقال مبينا حقارة الدنيا : « ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليمّ ، فلينظر بم يرجع » .


4ـ وقال : « مالي وللدنيا ، إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال ـ أي نام ـ في ظل شجرة ، في يوم صائف ، ثم راح وتركها » .


5ـ وقال : « لوكانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافرا منها شربة ماء » .


6ـ وقال : « ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس » .


7ـ وقال : « اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصا، ولا يزدادون من الله إلا بعدا » .


حقيقة الزهد في الدنيا
الزهد في الدنيا هو ما كان عليه رسول الله وأصحابه، فهو ليس بتحريم الطيبات وتضييع الأموال، ولا بلبس المرقع من الثياب، ولا بالجلوس في البيوت وانتظار الصدقات، فإن العمل الحلال والكسب الحلال والنفقة الحلال عبادة يتقرب بها العبد إلى الله ، بشرط أن تكون الدنيا في الأيدي، ولا تكون في القلوب، وإذا كانت الدنيا في يد العبد لا في قلبه، استوى في عينه إقبالها وإدبارها ، فلم يفرح بإقبالها، ولم يحزن على إدبارها.


قال ابن القيم في وصف حقيقة الزهد: وليس المراد ـ من الزهد ـ رفضها ـ أي الدنيا ـ من الملك، فقد كان سليمان وداود عليهما السلام من أزهد أهل زمانهما، ولهما من المال والملك والنساء مالهما.


وكان نبينا من أزهد البشر على الإطلاق وله تسع نسوة.


وكان علي بن أبي طالب، وعبدالرحمن بن عوف، والزبير وعثمان رضي الله عنهم من الزهاد مع ما كان لهم من الأموال.


ومن أحسن ما قيل في الزهد كلام الحسن أو غيره: ليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك.


جاء رجل إلى الحسن فقال: إن لي جارا لا يأكل الفالوذج، فقال الحسن: ولم؟ قال: يقول: لا أؤدي شكره، فقال الحسن: إن جارك جاهل ، وهل يؤدي شكر الماء البارد؟.


أهمية الزهد
إنّ الزهد في الدنيا ليس من نافلة القول، بل هو أمر لازم لكل من أراد رضوان الله تعالى والفوز بجنته، ويكفي في فضيلته أنه اختيار نبينا محمد وأصحابه، قال ابن القيم رحمه الله : ( لا تتم الرغبة في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا، فإيثار الدنيا على الآخرة إما من فساد في الإيمان، وإما من فساد في العقل، أو منهما معا ).


ولذا نبذها رسول الله صلى الله عليه وسلم وراء ظهره هو وأصحابه، وصرفوا عنها قلوبهم، وهجروها ولم يميلوا إليها، عدوها سجنا لا جنة، فزهدوا فيها حقيقة الزهد، ولو أرادوها لنالوا منها كل محبوب، ولوصلوا منها إلى كل مرغوب، ولكنهم علموا أنها دار عبور لا دار سرور، وأنها سحابة صيف ينقشع عن قليل، وخيال طيف ما استتم الزيارة حتى أذن بالرحيل.


أقسام الزهد
قال ابن القيم رحمه الله .. الزهد أقسام :


1ـ زهد في الحرام وهو فرض عين.


2ـ وزهد في الشبهات، وهو بحسب مراتب الشبهة، فإن قويت التحق بالواجب، وإن ضعفت كان مستحبا.


3ـ وزهد في الفضول، وهو زهد فيما لا يعني من الكلام والنظر والسؤال واللقاء وغيره.


4ـ وزهد في الناس.


5ـ وزهد في النفس، بحيث تهون عليه نفسه في الله.


6ـ وزهد جامع لذلك كله، وهو الزهد فيما سوى الله وفي كل ما يشغلك عنه.


وأفضل الزهد إخفاء الزهد.. والقلب المعلق بالشهوات لا يصح له زهد ولا ورع.


أقوال السلف في الزهد
قال على بن أبي طالب رضي الله عنه : ( إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل ، { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى } )


وقال عيسى بن مريم عليه السلام : اعبروها و لا تعمروها.


وقال : من ذا الذي يبني على موج البحر دارا؟! تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا.


وقال عبدالله بن عون : إنّ من كان قبلنا كانوا يجعلون للدنيا ما فضل عن آخرتهم، وإنكم تجعلون لآخرتكم ما فضل عن دنياكم.


قلت : هذا كان في زمان عبد الله بن عون، أما اليوم فإن أكثر الناس قد زهدوا في الآخرة حتى بالفضلة !!


الأسباب المعينة على الزهد في الدنيا
1ـ النظر في الدنيا وسرعة زوالها وفنائها ونقصها وخستها ومافي المزاحمة عليها من الغصص والنغص والأنكاد.


2ـ النظر في الآخرة وإقبالها ومجيئها ودوامها وبقائها وشرف ما فيها من الخيرات.


3ـ الإكثار من ذكر الموت والدار الآخرة.


4ـ تشييع الجنائز والتفكر في مصارع الآباء والإخوان وأنهم لم يأخذوا في قبورهم شيئا من الدنيا ولم يستفيدوا غير العمل الصالح.


5ـ التفرغ للآخرة والإقبال على طاعة الله وإعمار الأوقات بالذكر وتلاوة القرآن.


6ـ إيثار المصالح الدينية على المصالح الدنيوية.


7ـ البذل والإنفاق وكثرة الصدقات.


8ـ ترك مجالس أهل الدنيا والاشتغال بمجالس الآخرة.


9ـ الإقلال من الطعام والشراب والنوم والضحك والمزاح.


10ـ مطالعة أخبار الزاهدين وبخاصة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
2
634

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

قهوة بالبيبسي
جزاك الله خيراً
فراشه جديده2007
جزاكي الله خيراااااااااااااااا


ادعوكي لزيارة موضوعي
http://forum.hawaaworld.com/showthread.php?t=2749694

بتشرفني زيارتك ومشاركتك