بنت طيبة

بنت طيبة @bnt_tyb

عضوة فعالة

روعة من الروائع .......تفضلووووووووو

الأدب النبطي والفصيح

أحسست بنشوة عارمة ..سرت بداخلي ولامست وجداني.. وخُيل لي أني عدت لمجالس المتنبي أو جرير..فلم أستطع أن أحصر هذه المتعة على نفسي فتمنيت أت تشاركوني... بالمرثية الرائعة..روعة البدر في السماء المظلمة ..فأتمنى ان تعيشوا كما عشت معها وتنال أعجابكم.
....وهي لكاتب الساحات الكبير ..فتى الأدغال
فتفضلووووووو

هل حقّاً غابَ عن الساحةِ القلمُ الأديبُ والرجلُ الحسيبُ الأريبُ : عذبُ السجايا ! .

رُحماكَ اللهمَّ ولطفكَ .... فما كنتُ أحسِبُ أنّي سوفَ أرثي قلماً دخلَ إلى الساحةِ فملكَ قلوبها أدباً ، وأضاءها لُطفاً ، وسما بها خُلقاً .

سُبحانَ اللهِ .... أفي مثلِ مرِّ النسيمِ وغفوةِ الناعسِ وخفقةِ القلبِ المُرهفِ ، تغيبُ عنّا الفرحة ُ ، وتتصلُ بنا الترحة ُ ، وتتوالى علينا ديَمُ العبرةِ ، على فِراق ِ إلفٍ وصاحبٍ عرفناهُ عفَّ اللسان ِ ، نزيهَ اليراع ِ ، تامَّ الرّجولةِ ؟ .

أفي مثل ِ ومضةِ البرق ِ الخاطفِ ، ورعشةِ العين ِ الحالمةِ ، ومرِّ الخيال ِ المُسعدِ ، تُستبدلُ فرحتُنا برجلٍ أضاءَ علينا ساحتنا بروح ٍ شفّافةٍ ، وطبع ٍ نديٍّ ، وشهامةٍ أصيلةٍ ؟ .

هل حقّاً ماتَ العذبُ الأبيُّ " عذبُ السجايا " ، وتوارى عن أنظار ِ الروضةِ الأريضةِ الساحةِ العربيّةِ ! ، وهل ذوتْ دوحتهُ عن غابةِ العلم ِ والفكر ِ ! ، في مجلى من مجالي الفخر ِ ، ونادٍ من أنديةِ الرأي والأدبِ ، زاحمَ بهِ ذووهُ مفاخرَ من سبقَ ، وبعثوا بهِ رُفاتَ دار ِ الندوةِ ، وسوق ِ عكاظٍ ، وكرمة َ ابن ِ هانئ .

هل حقّاً ماتتْ تلكَ النفسُ الصافية ُ صفاءَ الدمعةِ ، الكريمة ُ كرمَ الوسميِّ ، السامية ُ سموَّ القمر ِ ، بدا بدراً في صفحاتِ السماءِ الدّنيا ! .

أوَ رحلَ عن العين ِ ، وتوارى حيثُ يسكنُ وحدهُ ، في قعر ٍ لحدٍ بلقع ٍ ، لا أنيسَ ولا صاحبَ ، ولا والدَ ولا ولدَ ! .

اللهمَّ لا رادَّ لقضائكَ الذي حُمَّ ووقعَ ، ولا معقّبَ لحكمكَ ، ولكنّا معاشرُ قوم ٍ جُبلنا على الضعفِ والأسى ، وتروّضنا بالحلم ِ والرحمة ِ ، وأمرنا بالصبر ِ والحِفاظِ ، فإنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعونَ ، وحسبُنا اللهُ ونِعمَ الوكيلُ ، وإنَّ لنا في اللهِ – عزَّ وجلَّ – عزاءً من كُلِّ مصيبةٍ ، وخلفاً من كُلِّ هالكٍ ، ودركاً من كلِّ فائتٍ ، وعِوضاً من كلِّ مُفارق ٍ .

لقد كنتُ أحسِبُ نفسي قويَّ المِراس ِ ، صلبَ الشكيمةِ ، ربيطَ الجأش ِ ، حتّى جاءني نعْي أخينا " عذبِ السجايا " ، فرُميتُ بالدهشةِ والوجوم ِ والحيرةِ المُطبقةِ ، وانثالتْ عليُّ العبراتُ من كلِّ حدبٍ وصوبٍ ، فما أحسستُ بنفسي إلا والدمعُ تضيقُ بهِ أخاديدُ الوجنةِ ، وتتضائلُ عندهُ هوامي الديمةِ ، فارتجّتِ الأركانُ وتضعضعتِ الجوانحُ ، وتخلّقَ الصبرُ بعدَ استقرار ِ جذورهِ ، وتولّتِ السكينة ُ ساعة َ الحاجةِ إليها ، وصرتُ كما قالَ أبو الطيّبِ :

طوى الجزيرة َ حتّى جاءني خبرٌ ********** فزعتُ فيهِ بآمالي إلى الكذبِ

حتّى إذا لم يدعْ لي صدقهُ أملاً ********** شرِقتُ بالدّمعِ حتّى كادَ يشرقُ بي

توارى الكثيرُ من الكُتّابِ عن سماءِ الدّنيا وصخبِها في هدوءٍ ، وعن سماءِ هذه الساحةِ الساحرةِ الباهرةِ في هدأةِ من النّاسِ ، منهم من عرفنا خبرهُ ومنهم من لم نعرفْ ، فقد ماتَ : الجار اللهِ ، وشيبةُ عرعرَ ، وبرقٌ ورعدٌ ، وعامي فصيحٌ ، وغيرُهم كثيرٌ ، رحلٌ منهم قومٌ في صمتٍ وسكونٍ فلم يعرفْهم أحدٌ أو يدرِ خبرهم ، وآخرونَ رحلوا فملئتْ قصّةُ رحيلهم دروبَ الساحاتِ ، وشغلتْ أهلها زمناً طويلاً ، كما كانوا في حياتِهم ذوي حضورٍ دائمٍ ووقعٍ مدوٍّ ، ولكنْ – والذي لا إلهَ غيرهُ – ما تأثّرتُ لموتٍ أحدٍ ما تأثرتهُ لموتِ أخي " عذبِ السجايا " حتّى كأنّي فقدتُ بهِ أخاً شقيقاً ، أو أباً رفيقاً ، ووجدتُ عليهِ من اللوعةِ والأسى والوجدِ ، ما لم أجدهُ في فقدِ غيرهِ ، على أنّني لا أعرفُ الرّجلَ حقيقةً إلا قلماً عصيّاً على الإذلال ِ ، وفكراً أبيّاً عن المساومةِ ، وخُلقاً سمحاً تتسعُ لجميعِ إخوانهِ وإن ضاقتْ بهِ نفوسُهم .

لقد كانَ – جادَ اللهُ ثراهُ بغوادي الرحمةِ وسحائبِ الرّضوانِ – كالنّدى الرقراقِ على خدِّ الوردِ الزكيِّ ، ثمَّ ما لبِثَ أن غارتْ عليهِ خيوطُ الأصيلِ فلم تُبقِ منهُ إلا خيالاً في العين ِ ، وكالحلم ِ الجميلِ في لحظةٍ غفوٍ على سنةٍ مُلحّةٍ ، أطارتها هبّةٌ مُفاجئةٌ وصحوةٌ طارئةٌ ، فعلِقتْ بواقيه بالخيالِ المكدودِ والذهنِ المجهودِ ، وكالنسيمِ الفوّاحِ يبعثُ على الأملِ وتشدو بهِ النفسُ العافيةَ ، فبدّدتهُ قواصفُ الريحِ الهادرِ ، إلا قليلاً ممّا حفظتهُ مكنوناتُ الصدورِ ، وكالظلِّ الفينانِ يجدُ فيهِ القائلُ صُبابةً من دعةٍ ، حتّى تُبضّعَ أوصالهِ متوعُ النّهارِ المُحرقِ .

لقد رحلَ عنّا بذاتهِ وقلمهِ ، لكنْ بقيَ أثرهُ يرفرفُ خفّاقاً في جنباتِ الساحةِ ، لتضيءَ لمن رامَ معالمَ الطريقِ نحوَ السموِّ في الكتابةِ ، والسماحةِ في الطبعِ ، والعلوِّ في الهمّةِ ، فما عرفناهُ – واللهِ – إلا عفَّ الضميرِ فلم نقرأ في كلامهِ عقداً على غدرٍ أو خيانةٍ ، ولم نعرفهُ إلا صحيحَ المُعتقدِ مُحبّاً للهِ ورسولهِ – صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ - ، ومُحافظاً على بلدهِ ووطنهِ ، فلم نقرأ لهُ دعوةً إلى بدعةٍ ، أو خروجاً على الجماعةِ ، أو ردّةً عن منهجِ الحقِّ ، وهو بينَ ذلكَ سليمُ الصدرِ دونَ ضغينةٍ أو حقدٍ على إخوانهِ ، يصلُهم صلةَ الوالدِ الحاني على ولدهِ ، وصلةَ الأخِ الرحيمِ بأشقائهِ ، وقلَّ أن يندَ قلمهُ بنقيصةٍ أو سخريةٍ أو دعوةً إلى إثمٍ وقطيعةِ رحمٍ .

إنّي لأقرأ في رثاءهِ وتأبينهِ نعياً لنفسي أوّلاً ، ثُمَّ لبقيّةِ إخواني من بعدي ، فإنَّ كلُّ ما هو آتٍ آتٍ لا محالةَ ، فهل أعددنا العُدّةَ لذلكِ الأجلِ المضروبِ والمصيرِ المُرتقبِ واليومِ المشهودِ ! ، إنَّ النفسَ لتصبو إلى الغوايةِ وتحِنُّ إلى العبثِ واللهْوِ ، وتمتطي صهواتِ الشهوةِ وتقعُ في المحظورِ ، وما هذه الأحداثُ وتلكَ النوائبُ إلا زواجرُ وعظاتٌ ، فمن لم يتّعظْ في ممرِّ الحياةِ ومكرورِ أيّامها ، فلْيتّعظْ بذكرِ الموتِ ورحيلِ الخلاّنِ ، فهي واعظٌ عظيمٌ لمن كانَ لهُ قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيدٌ :

وقد كانتْ حياتُكَ لي عِظاتٌ ********** فأنتَ اليومَ أوعظُ منكَ حيّاً

إنّنا مهما طالتْ أيامُنا واتسعتْ ليالينا ، إلا أنّا على مواردِ الهلاكِ نزدحمُ ، وإلى مظانِّ الحتفِ والفناءِ نستبقُ ، وفي مراقي المصيرِ المحتومِ والقدرِ المحمومِ نرتقي ، فمنّا من يُعجّلُ لهُ الرّدى فيلقاهُ في ولدهِ وزوجهِ وأهلهِ ، ومنهم من يُنسأ لهُ ذلكَ كلّهُ ، فيلبسُ ثيابَ العافيةِ من البلاءِ ، والسلامةِ من البواقعِ ، حتّى يؤجّلَ لهُ نصيبهُ وافراً ليلقاهُ في نفسهِ يومَ منيّتهِ ، وإلى اللهِ المُشتكى من غربةٍ تتضاعفُ في زمنِ الغربةِ والوحشةِ .

اللهمَّ ارحمْ عبدكَ عذبَ السجايا ، وافسحْ لهُ في قبرهِ ، وتجاوزْ عن سيئاتهِ ، واخلفهُ في عقبهِ في الغابرينَ ، وارفعْ درجتهُ عندكَ في المهديينَ ، وأبدلهُ داراً خيراً من دارهِ ، وأهلاً خيراً من أهلهِ ، اللهمَّ لا تحرمنا أجرهُ ، ولا تفتنّا بعدهُ .

دمتم بخيرٍ .

أخوكم : فتى .

==========

تموتُ النّفوسُ بأوصابها ********* ولم تدر ِ عوّادها ما بها

وما أنصفتْ مهجة ٌ تشتكي ********* أذاها إلى غير ِ أحبابها
2
589

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

سولاف3
سولاف3
دائما تتحفينا بالمفيد المميز


فلك مني كل شكر ودعاء بالتوفيق


اااااااااللهم ارحم المسلمين
بنت طيبة
بنت طيبة
الحبية سولاف 3
يسرني جداً تشريفك الدائم بارك الله فيك