الدرس الثامن والأخير - دورة العقيدة ( شرح لمعة الإعتقاد)

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله

تفريغ الدرس الثامن والأخير

يقول المؤلف : ( ومحمد رسول الله خاتم النبيين وهذا ثابت في الكتاب والسنة (ولكن رسول الله وخاتم النبيين) والنبي يقول (أنا خاتم النبيين لانبي بعدي) فمن لوازم الإيمان به تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر والإعتقاد الجازم أنه خاتم النبيين لانبي بعده . أيضا الإعتقاد الجازم أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فهذه الأمور من لوازم الإيمان برسالته , فمن أخل بشيء منها فلم يؤمن برسالته .
( سيد المرسلين ) وهذا ثابت في أحاديث السنة في حديث الشفاعة الطويل لما قدم له الشاه المصلية فنهس منها نهسة وقال (أنا سيد ولد آدم ولافخر ) ومن الأدلة على سيادته الشفاعة العضمى يوم القيامة لايصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته فلايصح إيمان ولا إسلام عبد بعد مبعثه إلا بالإيمان به ولهذا قال كما في صحيح مسلم : (لايسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لايؤمن بي إلا دخل النار ) وقال الله (قل ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) , (إن الدين عند الله الإسلام ) , (تبارك الذي نزل الفرقان على عبد ليكون للعالمين نذيرا ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (وكان النبي يبعث في قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة ) وبهذا رد على الطائفتين , الطائفة الأولى النسطورية من النصارى هذه فرقة صدقت برسالة النبي وقالت محمد رسول من الله ليس كذاب ولكنه للعرب خاصة كما أن موسى لبني إسرائيل خاصة ,محمد للعرب خاصة . لكن يمكن أن نرد عليهم من كلامهم فنقول إذا كنتم آمنتم وسلمتم أن محمد رسول من الله فرسول الله يقول : ( أني رسول الله إليكم جميعا ) هذا ينقض قولهم فالرسول عندكم لايكذب فهو الآن يقول أني رسول الله إليكم جميعا فعليكم الإيمان والتصديق بأنه رسول إلى الناس جميعا . أيضا مما يرد به لعل المؤلف أراد الرد على هؤلاء بعض غلاة الصوفية الذين زعموا أنهم يسعهم الخروج عن شريعته عليه الصلاة والسلام كما وسع الخَضِر الخروج عن شريعة موسى ويتبنى هذا القول ابن عربي المكي الطائي صاحب الفصول والفتوحات المكية القائل:
مقام النبوة في برزخ * فويق الرسول ودون الولي
فهو الترتيب عنده الدرجات الولي ثم النبي ثم الرسول فالرسول عنده آخر الدرجات . فهؤلاء هو وابن سبعين والزهراوردي والحلاج كل هؤلاء من غلاة الصوفية الذين جمعوا بين الغلو والتصوف والفلسفة وزعموا أنهم يسعهم الخروج عن شريعة النبي بل زعموا أنهم أعلى درجة من النبي لأن النبي يأخذ الوحي عن طريق جبريل هم يقولون لا نحن نأخذ الوحي مباشرة عن الله نسمع مباشرة عن الله ولهذا كما جاء ابن عربي في خصوصه إلى حديث ( مثلي ومثل الأنبياء كمثل قصر أحسن بناءه إلا موضع لبنه فكنت أنا اللبنة) هذا من الأدلة التي يستدل بها أهل العلم على أنه خاتم الأنبياء هذا القصر إكتمل مابقي إلى اللبنة فجاء النبي فأكمله قال لا الحديث ماروي بهذا الشكل حديث القصر مبني من لبنة ذهب ومن لبنة فضة فالنبي يمثل لبنة الفضة فأكملها وبقي لبنة الذهب فهو أنا لأني خاتم الأولياء .
يقول المؤلف : (ولا يقضى بين الناس في القيامة إلا بشفاعته ) وهذا سبق الكلام عنه وهي الشفاعة العظمى التي يحمده الناس عليها
(ولا يدخل الجنة أمة إلا بعد دخول أمته) وهذا أيضا ثابت في الصحيح وهذا من تكريم الله لهذه الأمة فهو أكثر الناس تبعا يوم القيامة وأكثر الأنبياء وأتباع يدخلون الجنة فأمته هي أكثر الأمم وهم أول من يدخل الجنة من الأمم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( نحن السابقون اللاحقون ) نحن آخر الأمم خروجا ونحن ولله الحمد أول الأمم دخولا إلى الجنة ولهذا يستفتتح فيفتح له ثم يؤذن لأمته بالدخول .
يقول المؤلف : (صاحب لواء الحمد والمقام المحمود) وهذا ثابت كما عند الترمذي ( أنا صاحب لواء الحمد والأنبياء والرسل تحت لوائي ) وهذا من تكريم الله عز وجل لهذا النبي . معلوم أنه اللواء يعطى الشخص الذي يحمل اللواء شيء من الفخر والبروز - يعني يميز عن سائر الناس , فيوم القيامة يعطى لواء الحمد لواء واحد الأنبياء والرسل كلهم تحت لوائه والمقام المحمود اختلف فيه المقصود بالمقام المحمود النبي فسره كما في حديث أنس في صحيح البخاري أن الشفاعة هي من قول الله تعالى ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) وذهب مجاهد وجمع من الإئمة إلى ان المقام المحمود أنه يجلسه الله عز وجل معه على العرش , وجرى الخلاف في هذه المسألة خلاف طويل حتى ألف بعضهم فيها رسالة وكتب فيها ابو داوود رحمه الله صاحب السنن ايضا كلاما طويلا وكما ذكر احد الأئمة المتقدمين انه لم يثبت في ذلك عن النبي شيء لكن هذا جائز مافي مايمنع لاشرعا ولاعقلا فإذا ثبت قلنا به , نعم , وعلى كل حال ان ثبت فيكون المقام المحمود مقامان مقام الشفاعة ومقام الإجلاس معه .
يقول المؤلف : (الحوض المورود )تقدم الكلام عنه الذي يرده الناس عليه .
يقول المؤلف : ( وهو إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم) وهذا ايضا جاء في احاديث انه مقدم وامام الأنبياء وخطيبهم عليه الصلاة والسلام .
( أمته خير الأمم وأصحابه خير أصحاب) امته خير الأمم كما ثبت في قول الله (كنتم خير أمة اخرجت للناس ) وقول النبي (نحن السابقون اللاحقون ) واصحابه خير اصحاب وهذا لاشك فيه مادام اكته خير الامم فأصحابه خير أصحاب أنبياء الله اصطفاه واختارهم على سائر الناس لصحبة أفضل الخلق ولعلنا نقف على هذا الكلام .


شرح لمعة الاعتقاد (الشريط الخامس)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
يقول المؤلف رحمه الله تعالى الإمام ابن قدامه في لمعة الاعتقاد:
( وأفضل أمته أبو بكر الصديق ثم عمر الفاروق ثم عثمان ذو النورين ثم علي المرتضى رضي الله عنهم أجمعين . لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كنا نقول والنبي صلى الله عليه وآله وسلم حي: أفضل الأمة أو أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي فيبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلا ينكره)
الحديث الذي ذكره المؤلف صحيح وأصله في صحيح البخاري .
لما ذكر منزلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم ذكر المؤلف منزلة أمته وأنها خير الأمم ، ثنّى بعد ذلك بذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمن عقيدة أهل السنة والجماعة محبة أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعرفة قدرهم وقد ضمنها أهل العلم - اعني هذه المسألة مسألة الصحابة ومحبة الصحابة والكلام في الصحابة – ضمنوا هذه المسألة أبواب العقيدة لمّا وجد من يطعن فيهم ويتكلم في خلافة بعضهم ولما يترتب على الطعن فيهم الطعن في النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، إذا كان هؤلاء أصحابه وخلّص أمته هم بهذه الدرجة من السوء كما يزعم هؤلاء فلا شك أن هذا فيه طعن في النبي صلى الله عليه وآله وسلم بل طعن في اختيار الله عز وجل فكيف يصطفي ويختار من هذه الأمة لصحبة نبيه صلى الله وآله وسلم من هم شرار الأمة ثم أيضا لما يترتب على الطعن في هؤلاء الطعن في ماذا؟
الطعن في الشريعة لأنهم حملة الشرع ونقلة هذا الدين ولهذا كما سيأتي أن من زعم أنهم كفروا أو ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم كما قال ابن تيمية فلا شك في كفره بل فلا شك في كفر من لم يكفِّر هذا الرجل لأن هذا فيه إبطال للشريعة ، هؤلاء هم الذين نقلوا لنا الشريعة .. وعلى كل حال سيأتي الكلام عن الصحابة.
فبدأهم بقوله : وأفضل أمته- أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما علمنا بالأمس هم أفضل الأمم ( كنتم خير أمة أخرجت للناس)- أفضل هذه الأمة بلا نزاع وبإجماع أهل السنة والجماعة أفضل الأمة أبو بكر ثم عمر ، هذا مما جرى الإجماع عليه ، أما أفضلية أبي بكر فجاء في أحاديث كثيرة منها - وإن كان بعض العلم تكلم في سنده – " ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين على رجل أفضل من أبي بكر"
وإنما ثبت في صحيح البخاري أيضا الحديث الآخر لما جاء عمروا بن العاص فقال له: من أحب الناس إليك يا رسول الله قال: عائشة ، قال: أعني من الرجال قال : أبوها ".
والأحاديث في فضل الصديق وتقديم النبي صلى الله عليه وسلم له في كل شيء هذه لا تخفى على مسلم ولهذا أمر عليه الصلاة والسلام بإغلاق كل خوخة إلا خوخة أبي بكر وذكر أنه أمنّ الناس عليه في صحبته. وقال( لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر ، ولكن صاحبكم خليل الرحمن أو خليل الله عز وجل ).
ثم بعد أبي بكر في الفضل والمكانة والمنزلة والدرجة عمر رضي الله عنه وهذا لا خلاف فيه ولهذا ابن عمر رضي الله عنه يقول كنا نخير على يعني كأنه بإجماع الصحابة كانوا يرتبونهم بهذا الشكل أبو بكر ثم عمر ثم عثمان والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع ويرى ويقرهم على ذلك فصار هذا إجماعا من الصحابة على هذا الترتيب .
وقع الخلاف عند بعض أهل السنة في المفاضلة بين عثمان وعلي فمن أهل العلم المتقدمين من أئمة السلف كالإمام أبي حنيفة والإمام أبي ثور من رأى تقديم علي على عثمان في الفضل ولكن الذي استقر عليه رأي أهل السنة ورجع هؤلاء إلى قول جمهور أهل السنة – قالوا به قديما- لكن لما تبين لهم الحق رجعوا إلى ما استقر عليه قول أهل السنة من تقديم عثمان على علي رضي الله عنه
ولكن ذكر شيخ الإسلام أن هذه المسألة لا يبدع المخالف فيها
يعني من قدم علي على عثمان لا يعتبر مبتدع لأنها مسألة يسوغ الخلاف فيها والأدلة فيها محتملة عند بعض الناس وله سلف في ذلك، لكن الرأي الراجح والرأي الذي استقر عليه رأي جمهور أهل السنة تقديم عثمان على علي رضي الله عنه فترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة.
يقول المؤلف : (وصحت الرواية عن علي رضي الله عنه أنه قال: "خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ولو شئت لسميت الثالث".) أخرجه الإمام أحمد وأصله في صحيح البخاري من حديث محمد بن الحنفية لما سأله من أفضل هذه الأمة.
وفي هذا رد على الرافضة ، هذا علي رضي الله عنه يرى أن أفضل هذه الأمة أبو بكر ثم عمر على خلاف ما ذهب إليه الرافضة من تقديم علي على أبي بكر وعمر.
يقول المؤلف : (وروى أبو الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين على رجل أفضل من أبي بكر ") وهذا الذي قلت لكم أن في سنده مقال ولكن الحمد لله تشهد له أحاديث أخرى ثابتة في الصحيحين.
يقول المؤلف : ( وهو أحق خلق الله بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفضله وسابقته وتقديم النبي صلى الله عليه وآله وسلم له في الصلاة على جميع الصحابة رضي الله عنه وإجماع الصحابة على تقديمه ومبايعته ولم يكن الله ليجمعهم على ضلال )
لاشك أن مما أجمع عليه أهل السنة أن أحق الناس بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر وهذا أيضا على خلاف ما ذهب إليه الرافضة والزيدية الذين زعموا أن الأحق بالخلافة علي وأنه هو الوصي بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
لكن اختلف أهل السنة في ثبوت خلافته هل هو بالنص أم بالاختيار ومن قال إنه بالنص هل هو بالنص الجلي أم بالنص الخفي؟
فممن ذهب إلى القول أنها بالنص جليا كان أو خفيا الأدلة واحدة الذين قالوا بالنص الجلي أو الخفي أدلتهم شبه متقاربة إن لم تكن واحده لكن هؤلاء قالوا إن هذه الأدلة صريحة وأولئك قالوا أنها ليست بصريحة.
استدلوا بكثير من الأدلة منها تقديم النبي صلى الله عليه وآله وسلم له في الصلاة، قالوا هذا نص , منه على أن الخليفة بعده أبو بكر ولهذا حاولت عائشة رضي الله عنها أن يقدم غيره ، وراجعته في ذلك أكثر من مرة : ( إن أبا بكر رجل أسيف فلو أمرت عمر) هي رضي الله عنها لا تريد أن يتشاءم المسلمون بأبيها لأنه أول رجل سيقف موقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس فراجعته ثم راجعته ثم قال: إنكن صويحبات يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس ، هذا من باب التأكيد من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتولى الأمر أبو بكر وأن الأحق بالفضل والخلافة وتولي الأمر، جاء بلال رضي الله عنه كما في صحيح البخاري إلى أبي بكر وأمره أن يتقدم فأبو بكر رضي الله عنه من باب التواضع قدم عمر ، لما سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم صوت عمر أطل عليهم مغضبا وقال: "يأبى الله ورسوله إلا أبا بكر" فمباشرة تراجع عمر وتقدم أبو بكر رضي الله عنهما،
هذا دليل.
الدليل الثاني: حديث المرأة أيضا في صحيح البخاري لما جاءت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمرها أن تأتيه من العام القادم ، قالت : أرأيت إن لم أجدك - كأنها تعرض بالموت- قال: "فأتي أبا بكر"
قالوا: هذا فيه نص من النبي صلى الله عليه وآله وسلم جليا كان أو خفيا على أن الذي يتولى الأمر بعده أبو بكر.
الدليل الثالث: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة:"ادعوا لي أخاك وأباك لأكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف الناس عنه" لكنه ترك الكتاب، قالوا : هذا نص.
أيضا من الأدلة التي استدل بها هؤلاء: أحاديث الرؤى التي رآها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو رئيت وعبرها ( حديث الميزان الذي دُلي من السماء فوزن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأمة فوزن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورجح النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم وزن أبو بكر بالأمة فوزن أبو بكر)
وأيضا حديث (الدلو الذي دلي من السماء ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " فأخذت بعراقها فشربت منها ما شاء الله ثم أخذها أبو بكر ثم أخذها عمر ثم أخذها عثمان فامتشطت منه)
فالصحابة رضي الله عنهم فسروا أن هذا ولاة الأمر بعدة
وأيضا حديث (النزع من القليب "رأيتني أنزع ثم نزع أبو بكر وفي نزعه ضعف ثم أخذها عمر فاستحالت غربا فنزع حتى ضرب الناس بعطن)
قالوا: كل هذه الرؤى فيها نص على أن الخليفة بعده أبو بكر رضي الله عنه.
استدل أصحاب الفريق الآخر الذين قالوا أنها ليست بالنص وإنما بالاختيار في حديث ابن عمر الصريح في صحيح البخاري: لما طعن قيل له استخلف قال: إن استخلف فقد استخلف فقد استخلف من هو خير مني وإن اترك فقد ترك من هو خير مني.
يقول ابن عمر : يعني الذي استخلف أبو بكر لأنه هو الذي استخلف.
وإن اترك يعني رسول الله
يقول فلما رأيته ذكر رسول الله رأيت أنه لن يعدل برأيه أحد ولهذا لم يستخلف.
قالوا: هذا نص صريح وأجمع عليه الصحابة ، سمعوا عمر وأقروه على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلف، وإلا لقالوا : لا يا عمر يا أمير المؤمنين النبي صلى الله عليه وسلم استخلف أبا بكر.
قال وإن اترك فقد ترك من هو خير مني يعني النبي صلى الله عليه وسلم، هذا دليل صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أبا بكر.
الدليل الثاني : قصة السقيفة ، لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم واجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة، وجاء أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وحصل التراجع بينهم فعمر رضي الله عنه استدل على تقديم أبي بكر بتقديمه للصلاة، قال: رضيك رسول الله لنا في ديننا أفلا نرضاك لدنيانا، فلو كان معهم نص سواء مع الأنصار أو مع المهاجرين لذكروه مباشرة وقطعوا الخلاف، ولهذا كانت المسألة استنتاج.
أبو بكر قال لهم: انتم الوزراء والمهاجرون هم الأمراء فاعرفوا لهم سابقتهم.
ما كان عندهم نص، ولهذا لما اختلفوا في مكان دفن النبي صلى الله عليه وسلم قطع أبو بكر التنازع بالحديث، هم اختلفوا أين يدفنون النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟ منهم من قال يدفن في المدينة ومنهم من يقال لا يحمل إلى مكة ويدفن في مكة موطنه وأحب البلاد إليه، منهم من قال يدفن في بدر، فجاء أبو بكر وقطع النزاع بقوله: " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " الأنبياء يدفنون حيث يموتون" .
لما اختلفوا أيضا في ميراثه قطع النزاع بقوله: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة"
لما اختلفوا في موته قطع أبو بكر النزاع بهذا النص فلو كان هناك نص من النبي صلى الله عليه وسلم عند الصحابة لذكر في هذا الموضع .
شيخ الإسلام رحمه الله اختار قولا وسطا كعادته في منهاج السنة جمعا بين الأدلة.
قال: النبي صلى الله عليه وسلم كان يريد أن يستخلف وينص على أبي بكر – في الأحاديث الصريحة ، ادعوا لي أباك وأخاك – يقول لعائشة- لأكتب لأبي بكر كتابا فلا يختلف الناس عليه" ثم ترك هذا الأمر. يقول شيخ الإسلام: لما علم النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمة لن تعدل عن أبي بكر ولن تقدم أحدا سوى أبي بكر ترك الأمر، فأخبر بهذه الأحاديث خبر المستبشر بهذا الأمر ، وفي هذا رد على الرافضة ، اجتمع في حق أبي بكر الإشارة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم واختيار المسلمين، فاجتمع فيه النص والاختيار. بخلاف لو كان بنص ليس للمسلمين خيار كما هي الحال في خلافة عمر لم يصبح لهم أدني خيار.
أبو بكر هو الوحيد من الخلفاء الذي اجتمع في حقه الأمران اختيار المسلمين، النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم أنهم لن يعدلوا عن أبي بكر ، كان يريد أن يكتب فلما علم أنهم لن يعدلوا عنه ترك الأمر ترك مستبشرا فرحا لأن الذي سيتولى الأمر بعده أبو بكر رضي الله عنه، وهذا ولاشك فيه جمع بين الأدلة وجمع بين الأقوال.
يقول المؤلف : ( وهو أحق خلق الله بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفضله وسابقته.)
المؤلف يقول : أحق الناس حتى ولو لم يرد فيه نص أحق الناس بالخلافة الصديق رضي الله عنه، لهذه الأمور ذكر منها أولا: لفضله، فلاشك عند الصحابة أنه أفضل الأمة ، مجمعون على هذا الأمر لا خلاف بينهم، ورأوا من قربه من النبي صلى الله عليه، وملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم ومحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم له في مواضع كثيرة مما يدل على هذا الأمر.
ذكر أمنَّ الناس عليه في الصحبة أبو بكر ، ولهذا قال: لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لم أتخذ إلا هذا الرجل ، كانت أبوابهم مشرعة على المسجد فأمرهم بإغلاقها جميعا إلا خوخة أبي بكر، إذن لم يبقى على المسجد إلا خوختان: خوخة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخوخة أبي بكر رضي الله عنه،
صاحبه في الغار وصاحبه في الهجرة، واساه بماله واساه بنفسه، ولهذا لما اختلف هو وعمر في أمر ما وجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، معروفة القصة في صحيح البخاري، وغضب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: " هل أنتم تاركي لي صاحبي ، قال الناس: كذبت وقال أبو بكر: صدقت وواساني بأهله وماله" يقول راوي الحديث : فما أوذي بعدها.
خلاص ما أغضب لعلمهم بمكانته من النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا أمر.
يقول المؤلف: ( وسابقته.)
نعم فهو من السابقين، من أوائل من أسلم ولازم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وتقديم النبي صلى الله عليه وآله وسلم له في الصلاة على جميع الصحابة رضي الله عنهم.
وقد قال عمر: رضيك رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا في ديننا ، أفلا نرضاك لدنيانا
مادام قدمك في الصلاة فأنت مقدم في الخلافة.
وإجماع الصحابة على تقديمه ومبايعته،
نعم لما بايعه أهل السقيفة بايع جميع الصحابة بلا استثناء،
نعم تأخر علي رضي الله عنه قليلا لكنه جاء أمام الناس وبايع أبا بكر خلافا لما ذهب إليه الرافضة.
ولم يكن الله ليجمعهم على ضلالة، فإجماعهم على مبايعة أبي بكر رضي الله عنهم، وهم كانوا المسلمون وخلاصة المسلمين آنذاك، فكان هذا إجماع منهم والله عز وجل ما كان ليجمع أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم على ضلالة.
يقول المؤلف : ( ثم من بعده عمر رضي الله عنه، لفضله وعهد أبي بكر إليه.)
نعم المستحق للخلافة بعده عمر رضي الله عنه، واستحق هذا الأمر لسببين:
السبب الأول: النص، لما قرب أجل أبي بكر رضي الله عنه أراد أن يستخلف فكتب كتابا يستخلف فيه عمر فجاء بعض الصحابة في بعض الروايات أنه جابر وفي بعض الروايات أنه مبهم، فقال له: يا خليفة رسول الله كيف تستخلف علينا هذا الرجل الفظ –معروف أن عمر رضي الله عنه كان قوي شديد-
وفي رواية ماذا تقول لربك وقد استخلفت علينا هذا الرجل وتعلم من شدته .. إلخ..
قال لهم: أباللع تخوفوني؟. أقول له استخلفت عليهم خير أمتك .
ولهذا قال أهل العم: ثلاثة صدقت فراستهم، صاحبة شعيب لما قالت في موسى (استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين) تفرست في هذا الرجل وكانت فراستها صادقة.
وآسية امرأة فرعون لما قالت: (لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا)
لما تفرست في موسى.
وأبو بكر لما استخلف عمر وتفرس فيه أنه أحق الأمة بالخلافة ولا شك.
أيضا لفضله: ففضله والأحاديث التي جاءت في مكانته ومنزلته تدل على انه في المرتبة التي تلي مرتبة أبي بكر رضي الله عنه ، إضافة إلى الرؤى التي رآها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو رؤيت عنده ففسرها ، كلها تدل على أن أفضل الأمة بعد أبي بكر عمر رضي الله عنه ، لهذا جاء في الحديث:" اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر" يعني شبه إشارة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

يقول المؤلف: ( ثم عثمان رضي الله عنه لتقديم أهل الشورى له .)
أجمع أهل السنة أن الأحق في الخلافة بعد عمر عثمان رضي الله عنه واستحق الخلافة في اختيار أهل الشورى. وذلك كما في حديث صحيح البخاري في قصة طعن عمر أنه لما طعن قيل له : استخلف ، قال : إن استخلف فقد استخلف من هو خير مني وإن أترك فقد ترك من هو خير مني، ولا أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء الستة الذين توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنهم وهو راض.
قال: لو كان أبو عبيدة حيا لاستخلفته ، وأيضا قال: لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لاستخلفته. ثم قال: لا أرى أن أحق بهذا الأمر سوى هؤلاء الستة الذين هم بقية العشرة، وليس لسعيد ابن زيد ابن نفيل حقا منها ، هو يستشار ولكن ليس له حق وذلك لقرابته من عمر رضي الله عنه فأخرجه ورعا وقال يكفي من آل الخطاب واحد يسأل عن أمر الأمة أمام الله عز وجل .
توفي رضي الله عنه ووفاته مشهورة ومعروفة، فاجتمع الخمسة لأن في رواية أن طلحة كان غائب، ووفق الله عز وجل عبد الرحمن بن عوف إلى المشورة التي رآها ، فقد اجتمع بهؤلاء الخمسة وقال: لا يجتمع أمركم وأنتم جميع ، فكل يكون عديد الآخر وأنا عديد الغائب- يعني صاحبي الغائب، أي هو وطلحة يعتبرون قسمة- فقال الزبير: أنا عديد علي، وقال: سعد أنا عديد عثمان. الآن صاروا بدل أن يكونوا ستة صاروا ثلاثة أقسام، قال: ليتنازل كل شخص من هؤلاء الاثنين لصاحبه –هم الآن عندنا كل قسمة اثنين فكل واحد يتنازل عن حقه لصاحبه- فقال الزبير: أنا تنازلت عن حقي لعلي، وقال سعد: أنا تنازلت عن حقي لعثمان ، فبقي ثلاثة: -طلحة غائب- وعديده عبد الرحمن بن عوف ،بقي علي وعبد الرحمن بن عوف وعثمان، قال: لهؤلاء الذين تنازلوا اعتزلوا ، حقكم وتنازلتم عنه فاعتزلوا، فقال لعلي وعثمان: إما أن تجعلوا الأمر لي وأنا اختار أو اجعل الأمر لأحدكما ويختار، قالوا: لا بل نجعل الأمر لك وتختار، فبدأ في استشارة أولا كبار المهاجرين ثم الأنصار ، ومكث ثلاث ليال يستشير الناس، في صحيح البخاري أنه قال للناس : استشرت حتى النساء في خدورهن، ذهب إلى الصحابيات يستشير، وأتى إلى أحد الصحابة في منتصف الليل وطرق عليه الباب ووجده نائما، قال : أنائم قال: نعم ، قال: والله إن لي ثلاث ليال ما اكتحلت بنوم. –فالأمر ليس بسهل لأنه سيختار من يقوم بأمر المسلمين-
ثم كما هو معروف ومشهور نادى علي وعثمان وقال: آلله عليك إن بايعت صاحبك لتبايعن؟ ، قال: الله علي. ثم انتقل إلى الآخر،
وكان الناس يجتمعون كل يوم بعد صلاة الفجر يصلون الفجر في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ينتظرون ماذا ينتهي الأمر إليه، وكان حتى أمراء الأجناد الذين في أطراف القواد كلهم حاضرون، لأن عمر طريقته رضي الله عنه أنه يدعو القواد ويدعو أمراء الأجناد يحضرون معه الحج ، ليتشاور معهم في أمور المسلمين، ثم يأمرهم أن يتحولوا معه للمدينة، ثم بعد ذلك يتفرقون إلى أجنادهم،
فكان أمراء القادة والأجناد موجودون آنذاك في المدينة ، فكان هذا أيضا من رحمة الله عز وجل أن جل كبار الصحابة موجودون ، فلما صلوا الفجر قام عبد الرحمن بن عوف حمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا علي إني استشرت الناس حتى النساء في خدورهن، فلم أرى أن الناس يعدلون بأحد سوى عثمان، يا عثمان قم فبايعه .
الآن من أكثر الخلفاء يطعن فيه الرافضة عثمان رضي الله عنه
ولهذا يقول شيخ الإسلام:
عثمان هو الوحيد من الخلفاء الأربعة الذي كانت خلافته بإجماع المسلمين.
ليس فيه أي خلاف.
ابو بكر رضي الله عنه حصل الخلاف في السقيفة من الأنصار أولا ثم حصل شيء من الخلاف من علي والعباس لكنهم فيما بعد بايعوا.
وعمر لم يكن للمسلمين رأي أو خيار، وعلي رضي الله عنه خالف أهل الشام وحصل ما حصل . عثمان هو الوحيد الذي بويع بإجماع المسلمين ، ولهذا خلافته ثبتت بإجماع المسلمين .
يقول المؤلف: (ثم علي رضي الله عنه، لفضله وإجماع أهل عصره عليه)
لما قتل عثمان رضي الله عنه شهيدا اجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على علي وأرادوا بيعته فتمنع في أول الأمر وقال : ابغوا غيري فانا لكم وزير خير من أن أكون أميرا، فأبوا عليه قال: إذن لا تكون بيعتي سرا، فخرج أمام الناس وبويع بالخلافة رضي الله عنه وكان أحق بها ، وكان أهلا لها رضي الله عنه، فهو رابع الخلفاء الراشدين المهديين الذين أشار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:" خلافة النبوة –كما سيأتي- ثلاثون سنة" فبخلافته اكتملت هذه الثلاثون سنة إضافة إلى ستة أشهر التي تولاها ابنه الحسن رضي الله عنه فبها اكتملت خلافة النبوة ثلاثون سنة.
يقول المؤلف : ( وهؤلاء الخلفاء الراشدون المهديون الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ" )
نعم هؤلاء هم الخلفاء الذين أشار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وهم أصحاب الخلافة الراشدة.
يقول المؤلف: ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الخلافة من بعدي ثلاثون سنة" )وكان آخرها خلافة علي رضي الله عنه، -على وجه الإجمال أما على وجه التفصيل فالحسن أكمل الستة أشهر لأجل أن تكتمل ثلاثون سنة .تولى الخلافة وبويع لمدة ستة أشهر ثم تنازل عنها رضي الله عنه طواعية واختيارا وحقنا للدماء وجمعا لكلمة المسلمين تنازل عن الخلافة لأول ملوك الإسلام معاوية رضي الله عنه.
وصدق فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن هذا ابني سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين"
معاوية وأهل الشام والزبير وطلحة وعائشة وأهل الجمل ليس عندهم شك في أحقية علي في الخلافة، وما طعنوا في خلافته وما امتنعوا عن البيعة له وإنما كانوا يطالبون بدم عثمان وهذا مما جعل رأيهم مرجوحا، ولو كان نزعوا يدا من طاعة ولم يبايعوا لقوتلوا ، لكن هم افتاتوا على خليفة المسلمين ، يعني هذا الأمر الأولى به الذي يأخذ أن الحدود ويقتص من الجناة الخليفة، فرأى تأخير الأمر، هم اجتهدوا رضي الله عنهم وارضاهم ، ورأوا أنهم قصروا في حماية عثمان والذود عنه والوقوف في وجه هؤلاء الخوارج البغاة فأرادوا أن يكفروا عن ذلك الذنب فقالوا أبدا يستحيل أن نبقي هؤلاء الآن لابد أن نقتص منهم، علي رضي الله عنه قال اهدئوا واتركوا الأمور حتى تهدأ، ويرجع هؤلاء الآن المدينة بأيديهم، اجتمعوا شذاذ وعدد لا يستهان به اجتمعوا في المدينة ولهذا صار التصرف لهم، قال علي: انتظروا تهدأ الأمور ويرجعون وتخف وطأتهم ثم نأتي بهم واحدا واحدا، فهؤلاء اجتهدوا وقالوا لا لايمكن ، فما كان عندهم شك في بيعته وإنما أرادوا الإقتصاص من قتلة عثمان.
يقول المؤلف : ( ونشهد للعشرة بالجنة كما شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم: فقال: " أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وسعد في الجنة وسعيد في الجنة وعبد الرحمن بن عوف في الجنة وأبو عبيدة ابن الجراح في الجنة" )
وهذا ثابت في غير ما حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد لهم بالجنة في هذا الحديث وفي حديث أحد.
وهؤلاء العشرة هم أفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، وأفضلهم الأربعة حسب الترتيب، إذن أفضل الأمة على الإطلاق الأربعة: ابو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم بقية الستة ، ثم المهاجرون ثم الأنصار.
يقول المؤلف : (و كل من شهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة شهدنا له بها . كقوله :" الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" الحديث صحيح .)
فعقيدة أهل السنة والجماعة أنهم يشهدون لكل من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة ، كما شهد للحسن والحسين كما في هذا الحديث ، وكما شهد لثابت بن قيس بن شماس أنه في الجنة ، ذكر أنه خطيب الناس يوم القيامة أو في الجنة، أيضا شهد لبلال أنه في الجنة وشهد لعكاشة بن محصن أنه في الجنة ، شهد لماعز رضي الله عنه وأرضاه أنه في الجنة رآه يغتسل على نهر من أنهار الجنة.
فعقيدة أهل السنة والجماعة أنهم يشهدون لكل من شهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة .
يقول المؤلف : ( وقوله لثابت ابن قيس أنه من أهل الجنة.)
يقول المؤلف : ( ولا نجزم لأحد من أهل القبلة بجنة ولا نار إلا من جزم له النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكننا نرجو للمحسن ونخاف على للمسيء.)
الشهادة بالجنة فيه شهادة وصف وفيه شهادة عين:
فشهادة الوصف ، يشهد لكل من شهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة فيقال المؤمنون في الجنة والشهيد في الجنة والمرابط في الجنة لشهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكافل اليتيم في الجنة.
أما شهادة العين فاختلف أهل العلم في ذلك إلى ثلاثة أقوال:
فالقول الأول ويروى عن الإمام الأوزاعي: أنه لا يشهد لأحد إلا للأنبياء فقط.
القول الثاني: أنه يشهد لكل مسلم شهد له المسلمون ، ويستدل هؤلاء بحديث :" أنتم شهداء الله في أرضه" لما مر جنازة فقال: " وجبت وجبت وجبت "
والقول الراجح وهو قول الجمهور وهو قول الوسط: أنه لا يجزم لمعين ويشهد لمعين بالجنة إلا من ثبت بالنص ، من شهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم عينا، كالأشخاص الذين مر ذكرهم :العشرة، الحسن والحسين،عكاشة، بلال، ثابت بن قيس.
وما عداهم فكما قال المؤلف: يرجى للمحسن ويُخاف على المسيء، فمن شهد له المسلمون فهذه أمارة وعلامة خير. النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " لا يصلي على مسلم أربعون يشفعون فيه إلا شفعهم الله عز وجل"
وإذا استفاض عند الناس واشتهر عند الناس عن فلان من أهل الخير من أهل الصلاح من أهل التقى فيرجى له، النبي صلى الله عليه وآله وسلم : قال " وجبت"
ولهذا قال أهل العلم : لو جُزم لأحد بالجنة ممن لم يشهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم لجزم للإمام أحمد رحمه الله ، فقد أطبقت الدنيا على الشهادة له بالخير، ولم يحضر أحد جنازة مثل ما حضر جنازة الإمام أحمد، الإمام ابن كثير يقول أنها جنازة مشهودة لم يعرف التاريخ لها مثيلا.
ولهذا قدر المؤرخون الحضور قيل بمليون وقيل مليون ومئتين وقيل مليون وثمان مئة ألف، بغداد لما جاءت السفن تحمل الناس والمراكب، بقوا في سفنهم بعضهم ، ما وجدوا موطأ قدم للنزل إلى بغداد. فقالوا : لو شهد لأحد جزم لأحد بالجنة وشهد لشهد للإمام أحمد لكن مع ذلك نحن مع النص فلا يجزم لمعين إلا من جزم له النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى الشهيد ، يرجى له الشهادة ويرجى له الخير لكن لا يجزم أنه شهيد ولا يجزم أنه في الجنة.
يقول المؤلف : ( ولا نُكفِّر أحدا من أهل القبلة بذنب ولا نخرجه عن الإسلام بعمل .)
هذه عقيدة أهل السنة والجماعة، هنا الكلام مجمل .
لا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ، الأولى أن يقيد بـ: ( ما لم يستحله) لأن من الذنوب من يكفر من فعلها مستحلا لها ، أو استحلها وإن لم يفعلها.
مثل: الزنى والأمور التي يقول أهل العلم المعلومة من الدين بالضرورة ، مثل شرب الخمر والزنى ووجوب الصلاة، فقول المؤلف: ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله، نعم عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم لا يكفرون بالذنوب لا يكفرون بالكبائر، كما هي الحال عند الخوارج والمعتزلة، فالخوارج والمعتزلة يكفرون بالكبائر ويخرجون الإنسان مرتكب الكبيرة عن دائرة الإسلام، أما أهل السنة فلا.
ويستدلون على ذلك بنصوص الوعد، كقوله سبحانه : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي) وصف هذه الطائفة التي تقاتل المؤمنين وصفها بماذا؟ وصفها بالإيمان ، ( وإن طائفتان من المؤمنين)
وقال في الآية الأخرى : ( فمن عفي له من أخيه شيء) سمى القاتل أخا للمقتول، فدل على أن هذه الذنوب وهذه الكبائر لا تخرج صاحبها من الجنة،
أيضا مما استدل به أهل السنة على هذه المسألة العظيمة ، أحاديث الشفاعة : " أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان" مرتكب لكبيرة ومع ذلك يخرج من النار.
الخوارج كفروا صاحب الكبيرة، والمعتزلة أخرجوه عن دائرة الإسلام لكن لم يدخلوه في الكفر وجعلوه في منزلة بين المنزلتين، لكن الخوارج والمعتزلة اتفقوا على أن حكمه في الآخرة إذا مات من غير توبة فهو خالد مخلد في النار واستدل هؤلاء بنصوص الوعيد.
أهل العلم قالوا هنا المقصود بالذين خرجوا من بعض المنافقين وقتلوا
وقيل أنه سماهم أخوة لهم في الظاهر ولكن الله تعالى بين في آيات أخرى أن هؤلاء ليسوا بإخوة، كما ذكر عندما اتخذوا اليهود والنصارى أولياء واتخذوا المشركين أولياء واتخذوهم بطانة ، فذكر أنهم منهم من المشركين ، بخلاف آية القتل، فليس هناك نص آخر يرفع عنهم أخوة الإيمان، ولهذا أهل العلم استدلوا بهذا أن القتل لا يخرج عن دائرة الإسلام ، وأن الكفر الذي ورد في حكم القاتل إنما المقصود به الكفر الأصغر وليس الأكبر جمعا بين الأدلة ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" قالوا: لابد نحمله على الكفر الأصغر لنجمع بين الأدلة،
قالوا : ومما يدل أيضا على أن القاتل أخا للمقتول، أن هذا القاتل إذا قتل قصاصا فإنه بإجماع المسلمين ، يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، ويورث ورثته من تركته، فلو كان يقتل ردة لما جرت عليه هذا الأحكام،- واضح - الأخوة هنا حقيقية أما الأخوة في الآية التي أشرت إليها، إما أن يكون المقصود ببعض المنافقين الذين قتلوا فهم إخوة لهؤلاء المنافقين، وإما أنهم هم زعموا المنافقون لأن هذا كلامهم، هم الذين زعموا أن هؤلاء أخوة لنا وهم في الحقيقة ليسوا بإخوة لهم .
الحكم بغير أنزل الله جرى الخلاف فيه قديما وحديثا،هل يكفر من يحكم بغير ما أنزل الله أو لا يكفر، وإذا كفر هل كفره مخرج عن الملة، أو ليس بمخرج عن الملة، النصوص في هذه المسألة محتملة وليست صريحة، الله عز وجل وصف أن من لم يحكم بما أنزل الله قال ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) الآية الثانية : ( فأولئك هم الظالمون) الآية الثالثة: (فأولئك في الفاسقون) وجميع هذه الآيات في سورة المائدة.
ابن القيم حرر محل النزاع، فقال : الحكم بغير ما أنزل الله لا يخلو من حالات،
الحالة الأولى: أن يحكم بغير ما أنزل الله مستحلا لذلك ، يقول : فلا شك في كفره .
يحكم بهذه القوانين ويرى أنه يجوز له شرعا أنه يحكم بهذه القوانين، يستحل الحكم بغير ما أنزل الله لأنه استحل أمرا معلوم من الدين بالضرورة.
هذه الحالة الأولى التي يكفر بها.
الحالة الثانية: أن يحكم بغير ما أنزل الله معتقدا أن الحكم بغير ما أنزل الله أفضل من الحكم بما أنزل الله ، فهذا لا شك في كفره.
الحالة الثالثة: أن يحكم بغير ما أنزل الله معتقدا أنه مخير أن يحكم بما أنزل الله أو أن يحكم بغير ما أنزل الله ، كلها جائزة، فهذا لا شك في كفره
الحالة الرابعة: وهذه محل الخلاف، أن يحكم في قضية معينة بغير ما أنزل الله رغبة أو رهبة ، شهوة في نفسه ، ويعلم أن الحكم بما أنزل الله هو هذا الأمر، ثم يعدل عنه إلى الحكم بغير ما أنزل الله خوفا أو رجاءا
يقول ابن القيم : وهذا يكفر كفرا أصغر.
وهو الذي قال فيه ابن عباس عند قوله: ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) قال: كفر دون كفر.
بقي مسألة الآن الحاكم الذي يأتي و يفتح هذه المحاكم القانونية ويحكم بغير ما أنزل الله على الملأ وبين الأمة ، هل يكفر بهذا الأمر أو لا يكفر؟، فتوى أكثر علماؤنا أنه لا يكفر إذا كان لا يعتقد الثلاثة أمور، وكثير منهم فعلا يقرون ويعترفون.
الشيخ عبد العزيز رحمه الله – نقل إلي ولم أسمعه منه - أنه كان يميل إلى القول بتكفير من يصنع هذا الصنع ، كما هو الحال في أكثر الدول الإسلامية يعطل شرع الله ويفتح هذه المحاكم القانونية.، يقول إلى أن التقى بأحد الحكام العرب، وذكر اسمه –لكن أتحفظ على اسمه- فنصحه وقال: لا تخاف الله عز وجل عطلتم شرع الله، قال له يا شيخ والله الذي لا إله غيره إنني اعتقد أن الحكم بما أنزل الله هو الأفضل وهو الآجر وهو الأولى، ولكن لو فتحت المحاكم الشرعية ما بقيت على كرسيي للحظة ، هذا الرجل شهوة في محبة هذا الكرسي والحكم سلك هذا المسلك، يقول بعدها الشيخ بدأت أراجع قولي القديم. والله أعلم.
مسالة التكفير المعين والتكفير المطلق، هي مسألة كبيرة ومسألة عظيمة، وجرى الخلاف فيها قديما وحديثا وانبنى على هذه المسألة أمور ومفاسد جرت على الأمة الويلات منذ زمن الصحابة رضي الله عنهم، فخروج الخوارج منبني على هذه المسألة بمعنى أنهم اخذوا النصوص العامة ونزلوها على الأشخاص المعينين، ولهذا أهل العلم قالوا: مسألة التكفير تنقسم إلى قسمين: تكفير المطلق، وتكفير المعين.
ولا يلزم من التكفير المطلق التكفير المعين، يعني قولي مثلا: ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) لا يلزم منه فلان لا يحكم بما أنزل الله أقول هو كافر.
من فعل كذا فهو كافر، لا يلزم أن نقول فلان فعل هذا الفعل فهو كافر.- ماشي ؟ -
حتى في البدعة، مثله مثل اللعن ، النبي صلى الله عليه وآله وسلم الم يقل : " لعن الله شارب الخمر وعاصره وحامله" لما جيء بالصحابي الذي يلقب بحمار وجلد بشرب الخمر، قال له أحد الصحابة وفي رواية أنه خالد بن الوليد: " لعنه الله ما أكثر ما يجاء به " يشرب الخمر ويؤتى ويحد، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله" إذا هذا الحكم العام رفع عنه هذا الحكم المقيد ، هناك سبب آخر محبة الله ورسوله رفعت عنه هذا الحكم.- ماشي ؟-
شيخ الإسلام في أول كتابه (نقض التأسيس) هو يرد على الفخر الرازي.
الفخر الرازي له رسالة قصيرة اسمها أساس التقديس، جاء شيخ الإسلام وقال: إني رأيت أكثر المتأخرين يعتمدون في أقوالهم وفي نفيهم وكذا على الفوائد التي ذكرها الفخر الرازي في أساس التقديس فرأيت أن أرد عليه -هو يعتبر رد على الجميع- فرد عليه في كتابه الموسوم نقض التأسيس وسيطبع في قرابة عشر مجلدات.
يقول في أول الرسالة – وهي مخطوطة- يقول رحمه الله ويناقش الرازي: لو قلتُ ما قلت َ أي الرازي لكفرت – أنا يا ابن تيمية- لأني أعلم ماذا يلزم على قولي ، لكني لا أكفرك لأنك لا تعلم ماذا يلزم على قولك.
ولهذا قال أهل العلم: قد يرفع الكفر المعين هذا يرفعه أحد أسباب، إما الجهل وإما التأويل، وإما الإكراه.
الدليل على ذلك ، استدل شيخ الإسلام بدليل صريح ويستدل به أئمة الدعوة رحمهم الله بالحديث الذي في صحيح البخاري، الرجل الذي أسرف على نفسه ، ولما حضرت وفاته دعا بنيه وقال: إذا أنا مت فاحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في الهواء، - ليش؟ - قال: فلئن قدر الله علي ليعذبني عذابا ما عذبه أحد من العالمين، فصنعوا به ما أوصى به، فجمعه الله عز وجل: قال: ما حملك على ذلك ، قال: خشيتك ، وفي رواية خوفك ، فغفر الله له.
يقول ابن تيمية: هذا الرجل عنده نوعان من أنواع الكفر الأكبر المخرج عن الملة، الذي لا خلاف في كفر صاحبه بين الأمه:
1- الشك في قدرة الله عز وجل، فمن شك في قدرة الله فلا شك في كفرة
2- الحالة الثانية الشك في اليوم الآخر
ومع ذلك غفر له، لماذا؟ رفع عنه حكم المعين، قيل الجهل وقيل الخوف وقيل التأويل. إلى آخره
دليل آخر: الرجل الذي شرب الخمر في زمن عمر من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بل من السابقين، كان والي لعمر على البحرين ، جذامه رضي الله عنه، شرب الخمر فأتي به إلى عمر وشهد عليه، قال ما حملك على ذلك؟ - وهذا فيه رد أيضا على أولئك الذين قالوا: لا يمكن أن يعذر أحد بالجهل وهو يعيش بين أظهر المسلمين –
نقول : هذا من الصحابة ومن السابقين، ومع ذلك قال له عمر: ما حملك على شرب الخمر ، قال: قول الله عز وجل: (ليس على الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا) فالرجل استباح الخمر واستحل الخمر، فاستحلاله الآن يعتبر ردة. فقال عمر: ولولا ذلك لضربت عنقك، لولا أنك متأول لقتلك.
فجلده حد الخمر وتركه.
هذا الرجل رفع عنه الحكم بسبب التأويل، تأول اعتقد أن المتقي المؤمن إذا كان متقي ومؤمن لا يضره أي شيء شربه.
دليل ثالث: لما انصرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حنين ومر الصحابة على السدرة التي كان ينوط بها المشركون أسلحتهم ، يعلقون بها أسلحتهم ويتبركون بها، قالوا : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : "الله أكبر إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قال أصحاب موسى لموسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة"
فعذرهم بالجهل ، إذن هناك في قضية الكفر المعين قد يرتفع عن الشخص بأسباب ، نعم نقول هذا الحكم كفر وهذا القول كفر وهذا الفعل كفر، لكن هذا بإطلاقه ، فإذا جئنا ما ننزلها على الأشخاص نتحرى، وأهل العلم لما وضعوا هذه الأمور لعظم الحكم المترتب على قضية التكفير، إذا كفرت هذا الرجل استحللت دمه استحللت ماله، حكمت عليه بالخلود بالنار الأمر ليس بسهل.
والتكفير حكم شرعي ينبغي أن يستند إلى أدلة شرعية.
ولهذا يقول شيخ الإسلام: من ثبت إيمانه بيقين فلا يزول عنه إلا بيقين.
يا إخوان هذا حكم الله فلا تحملنا العواطف، نعم أحيانا الذي يحمل بعض الإخوان التسرع في التكفير الغيرة ، لكن هذا ليس بعذر لهم وليس بحجة.
ابن عباس لما رجع من الخوارج الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم كم في صحيح مسلم: " شر قتلى تحت أديم السماء " وقال : " يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية"
ماذا قال فيهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل ابن عباس ، قال : " يحقر أحدكم صلاته عند صلاته، وقراءته عند قراءته ، لا تجاوز صلاتهم حناجرهم":.
ابن عباس لما رجع وقد ناظرهم وكانوا اثنا عشرا ألفا ، قيل له صف لنا هؤلاء. قال: أناس تقرحت جباهم من طول السجود لله عز وجل.
ولم يشفع لهم هذا الأمر، وبعضهم يزعم أن هذا غيرة لدين الله ، لكن ينبغي أن نكون وقافين عند حدود الله عند كتاب الله عز وجل، هذه الغيرة لابد أن نحكُمها ونحكِمها بشرع الله عز وجل، فلا نأتي ونستعجل بقضية التكفير.
عبد الرحمن ابن ملجم الذين قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " أشقى هذه الأمة أو أشقى الناس اثنان عاقر ناقة صالح وقاتل علي"
عبد الرحمن بن ملجم، لما جيء به ليقتل مثل به محمد بن الحنفية وكان صابر،
لما جاءوا يقطعون لسانه بكى، قيل ما يبكيك - الآن يمثلون بك وأنت صابر ومعروف عن الخوارج أنهم شديدي الشكيمة والصبر- قال : سابقا كنت أذكر الله عز وجل والآن ستقطعون علي ذكر الله عز وجل .
يقول فيه عمران بن حطان:
يا ضربة من تقي ما أراد بها إلا ليبغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره يوما فأحسبه أتقى البرية عند الله ميزانا
هذا الرجل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أشقى الناس، قاتل علي ظلم وعدوان، يقول هذا الرجل: يا ضربة من تقي ما أراد بها.. !
فهذه الغيرة لم تشفع لهم، فينبغي أن نحكم غيرتنا بشرع الله عز وجل، ألا نستعجل بقضية التكفير.
الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في إحدى رسائله يقول: ونحن لا نكفر الذين يسجدون للصنم الذي على قبة الشيخ عبد القادر ، والذي على قبة قبر كذا ، لأننا نعتقد أنهم جهال.
نعم نحن نقول: من سجد لغير الله فهو كافر ، من فعل كذا فهو كافر، مطلق،
لكن إذا جئنا في تنزيل هذه الأحكام على الأشخاص ينبغي أن نتحرز.
ولله در شيخ الإسلام رحمه الله حقيقة هو مدرسة في هذه الأمور وينبغي لطالب العلم أن يتربى على هذه المدرسة، كيف يتعامل مع المخالف، أحيانا عندما تقرأ بعض كلامه تعجب ، يعني بعض ضعيف طلب العلم يقول: كلامه فيه تناقض.
في رده الآن على الرازي وعلى الغزالي وعلى الجويني على أئمة الأشاعرة ، لما تقرأ ردوده عليهم ، تقول الرجل شبه كفرهم ، يعني يأتي بأقوال ويبين لوازم مذهب هؤلاء لوازم فاسدة إلى أبعد الحدود، فلما جاء الكلام عن ذواتهم وأشخاصهم،
لاحظ الكلام سابقا عن أقوالهم ليس فيه بأس ، كلامه كلام باطل ، كلامه كلام ضلال ، كلامه كلام بدعة، مبتدع، لكن لما جاء الكلام عن ذواتهم - وهذا هو منهج المسلم منهج العالم ، منهج محب الخير للآخرين- ولهذا يقول رحمه الله: أرحم الناس بالناس من؟ أهل السنة ، أهل السنة أرحم الناس بالناس ، لا يستعجلون في التكفير، الطوائف الأخرى تكفر أهل السنة ، أهل السنة لا يكفرون.
يقول ابن تيمية: وإني أرجو الله أن يغفر الله لهم بحسب نياتهم- لا بحسب أقوالهم .
لأن أقولهم باطلة – فإنهم ما أرادوا إلا التنزيه.
ما أرادوا إلا تنزيه الله عز وجل لكن ما وفقوا بل الأدهى من هذا والأعظم، أنه لما جاء لكلام ابن عربي المكي الطائي صاحب وحدة الوجود،بالطبع ذكر أن أقواله أعظم كفر من كفر اليهود والنصارى، بل هو يقول بالعبارة الصريحة : لا أعلم على وجه الأرض كفر أعظم من هذا الكفر .
يوم جاء الكلام على ذات ابن عربي، قال: ولا أظن أن هذا الكلام يتفوه به عاقل ،فلعله لما تكلم بهذا الكلام تكلم به في غياب من عقله فيكون كحال الذي رفع عنه القلم.
لاحظ قضية التماس العذر ، محاولة التماس للشخص العذر بقدر الاستطاعة، ونحن الآن وللأسف في هذه العصور المتأخرة أبدا يعني تكفير المسلمين أصبح من شرب هذا الكأس حتى وصل الأمر لتكفير كبار العلماء الذين استفاضت شهرتهم وإمامتهم.
ما ظنك بأشخاص يزعمون أنهم دعاة وأنهم مجاهدين يكفر من يشك في كفر الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين، وكتاباتهم موجودة مدونة، يقول: من يشك في كفر ابن باز وابن عثيمين فهو كافر .
كله بسبب الهوى وبسبب البعد عن العلم الشرعي وبسبب البعد عن أهل العلم.
نعم يا أخي إذا كانت عندك غيرة لا بأس ولكن هذه الغيرة لابد أن تضبط بالنص ، أن تضبط بمنهج أهل العلم أن تضبط بالحق.
هناك فرق بين النص المطلق والنص المعين، فالنص المطلق ليس فيه إشكال، تقول آكل الربا في النار، آكل مال اليتيم في النار، كما قال الله عز وجل : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا)
لكن إذا جئت إلى الأشخاص، فلان يأكل الربا، فلان يأكل مال اليتيم، فلا تقول إنه في النار، نعم هذه هي القاعدة العامة عند أهل السنة، الفرق بين التكفير المطلق والتكفير المعين، مثل النصوص، نصوص الوعيد وحتى نصوص الوعد،
" من قال لا إله إلا الله دخل الجنة" ولكن زيد من الناس يقول لا إله إلا الله ،هل تقول إنه في الجنة؟ لا
ولهذا قيل لابن عباس، أن فلان يقول: أنا مؤمن ولا يستثني، قال: هلاّ قال: أنا في الجنة !
مادام شهد لنفسه بالإيمان يشهد لنفسه بالجنة ، ففرق بين النص العام والنص المقيد المنزل على ذوات الأشخاص.
النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة" النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر أن الشهيد في الجنة ، ويغفر له مع أول قطره من دمه، ويؤمن فتنة القبر ، ومع ذلك لا نشهد لمعين أنه شهيد.
والدليل على ذلك الصحابي الذي قاتل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبلي بلاءا حسنا، في صحيح البخاري ، وأعجب الصحابة به ، وقتل ، فقالوا : هنيئا له الشهادة. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " أوَ غير ذلك ". نعم الذي يظهر لكم الشهادة ، لكن هناك شيء أثّر على هذه الشهادة، " إني أرى الشملة التي غلها تحترق عليه نارا".
مثله : من قال لا إله إلا الله يرجى يعني من علامات حسن الخاتمة ، لكن لا يجزم لأحد بالجنة البتة إلا من شهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فالأَولى يقال: يرجى له الشهادة ، يرجى له إن شاء الله الخير، لكن النص على أنه شهيد هذا نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وما يدريك.
نعم الذي يظهر لا بأس، قل : يرجى له الشهادة.
لأن هناك ربما موانع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر الرجل يقاتل حمية ويقاتل شجاعة، ويقاتل لأجل المغنم ، ويقاتل لأجل أن تكون كلمة الله هي العليا.
كل هذه الأمورأين مكانها القلب ؟ ولا يطلع على ما في القلب إلا الله عز وجل.
ولهذا قال المؤلف: ( يرجى للمحسن ويخاف على المسيء )
هذه هي عقيدة أهل السنة، حتى لو مات على الزنا ، مات على شرب الخمر ، مات على أكل الربا ، لا يقال أنه في النار، يقال مات على معصية ويخاف عليه، يستغفر له لكن لا يجزم بحكمه .
يقول المؤلف: ( ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب، ولا نخرجه عن الإسلام بعمل ، ما لم يستحله.)
استثنى أهل العلم من ذلك ترك الصلاة فمن تركها جاحدها لوجوبها فهذا كافر بالإجماع .
إنما من تركها تهاونا وكسلا، فذهب الأئمة الثلاثة ورواية عن الإمام أحمد أنه لا يكفر كفر يخرج عن الملة، وذهب بعض أهل العلم ورواية عن الإمام أحمد وهي التي رجحها ابن شاقلان من الحنابلة ولعله هو الراجح، أن من تركها تهاونا وكسلا عالما ذاكرا ، فإنه يكفر كفرا أكبر مخرج عن الملة، فالصلاة استثنيت من سائر الأعمال، بقية الأعمال لا يكفر صاحبها بتركها ما لم يستحل هذا الأمر ، لكن ترك الصلاة استثناها أهل العلم لصراحة وقوة الأدلة التي جاءت في حكم تاركها " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" ، " بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة" إلى غير ذلك من النصوص.
يقول المؤلف: (ونرى الحج و الجهاد ماضيا مع طاعة كل إمام برا كان أو فاجرا، وصلاة الجمعة خلفهم جائزة .)
هذا مذهب أهل السنة والجماعة ، أنهم يرون أن هذه الأعمال العامة، التي هي الحج والجهاد، ماضية تحت راية ولي الأمر ، مع وجوب طاعته في ذلك.
والإمامة تحصل بأحد أمور ثلاثة:
إما اختيار أهل الحل والعقد من المسلمين،
وإما بالاستخلاف ، أن يستخلف هذا الإمام من بعده، فيعتبر هو الإمام الذي يجب طاعته.
وإما بأن يتغلب على الناس بسيفه وقوته وقهره ، فإذا تولى هذا الأمر وجب على الناس طاعته.
فمن كانت هذه حاله فيجب على الأمة ومن عقيدة أهل السنة والجماعة طاعته ما لم يأمر بمعصية الله عز وجل ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " الطاعة في المنشط والمكره ما لم يأمروا بمعصية الله عز وجل" وقال: " على المسلم السمع والطاعة" وقال كما في صحيح البخاري: " خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم ، وشرار أئمتكم الذين تلعنونهم ويلعنونكم ، وتسبونهم ويسبونكم " قالوا: أفلا ننابذهم بالسيف ، قال: " لا ما أقاموا فيكم الصلاة".
فيجب طاعتهم حتى وإن كنا نبغضهم ، أو نرى أنهم عصاة ، أو فعلوا شيئا من المعاصي والكبائر فتجب طاعتهم، يجب التسليم لهم ، لكن بشرط ما لم يأمروا بمعصية الله عز وجل ، يجب أن ينضوي المسلم تحت لوائهم في الجهاد، وتحت طاعتهم في الحج.

يقول المؤلف : ( برا كان أو فاجرا.)
نعم سواء كان برا أو فاجر ولهذا ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سيأتي أناس يتولون أمر الأمة يؤخرون الصلاة ويقع منهم الظلم والجور، فسأل الصحابة : ألا ننزع يدا من طاعة ، قال : " لا ، أدوا الذي عليكم وسلوا الله عز وجل الذي لكم "
والسبب في ذلك أن الخروج على ولاة الأمر يترتب عليه من المفاسد أضعاف أضعاف ما يظنه هذا الخارج من المصلحة ولهذا أهل العلم قالوا والتاريخ شاهد لذلك.
بل شيخ الإسلام يقول: منذ زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعرف أن أحد خرج على طاعة ولي الأمر إلا وجر من المفاسد أضعاف أضعاف ما كان يتوقع من المصلحة .
خذوا على سبيل المثال: فتنة ابن الأشعث -عفا الله عنه- لما خرج على الحجاج، كان رأي قديم لبعض السلف ولهذا ترك هذا المذهب ، لما رأوا من المفاسد المترتبة عليه، خرج على الحجاج بحجة الظلم والجور ، ولا شك أن الحجاج ظلم ظلما استفاض عند الناس ،حتى قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: لو جاءت كل أمة بأشقى رجل عندها وجئنا بالحجاج لانتصرنا عليهم .
قتل في مرة واحدة أكثر من مائة ألف ، فمعروف عنه الظلم والجور ، والاستهانة بدماء المسلمين، فخرج ابن الأشعث بهذه الحجة وخرج معه بعض كبار الأئمة كالشعبي وسعيد بن جبير وغيرهما، فحصل من الضرر والفساد والأمور التي لم يحمدها المسلمون أضعاف ما كان يريده هؤلاء الناس، ولهذا يقول الإمام أحمد: لو لم يكن من المفاسد إلا قتل سعيد بن جبير.
يقول قتل وكل من على وجه الأرض محتاج لعلم سعيد بن جبير.
في المقابل : لو لم يخرج لنفع الله عز وجل ، بقي يعلم الناس كما علم غيره وكما جلس غيره في التدريس.
وهكذا على مر التاريخ ليس هناك جماعة ولا أشخاص خرجوا على ولي الأمر إلا جروا من المفاسد ، والواقع يشهد بذلك.
حتى وإن كان الحاكم كافرا، ولا شك عندنا في كفره فلا يجوز الخروج عليه بإطلاق،
بل لابد من القدرة ومن أيضا تغليب المصلحة على المفسدة
وليس الذي يحدد المصلحة على المفسدة مجموعة من الشباب ومجموعة من الإخوان يجتمعون في بيت من البيوت ويحددون ويخرجون .
أضرب لكم مثال بسيط: الإخوان في الصومال – نريد أن نكون صريحين- لا شك أن كان عليهم ذاك الرجل الظالم الطاغية عليه من الله ما يستحق – ماشي ؟ - وفعل بالعلماء ونكل بهم لكن لاحظوا النتيجة لما انقطع عقد هذا البلد، يعيش الآن في فوضى أكثر من خمسة عشر سنة، فوضى لا يعلم مداها إلا الله لا أحد يأمن على نفسه ولا على محارمه ولا على ماله، كان مع وجود الرجل يوجد شر لكنه خاص ضرره على أشخاص.
وقد قابلنا يا أخوان مجموعة من الأخوة الصوماليين ، قابلتهم في أقصى الشرق وأقصى الغرب، قابلت بعضهم في نيوزيلندا ، قابلت بعضهم في أوروبا وقابلت بعضهم في كندا، قالوا: إنا والله كنا تحت حكم فيه خير أضعاف أضعاف ما نحن فيه الآن ، قال: لو لم يكن من ضرر الآن وضعنا كما ترى ، تشتتا على وجه الأرض في بلاد الكفر ، ضاعوا أبنائنا، يعني الآن لازالوا الجيل الأول ، كيف إذا أتى الجيل الثاني والثالث والرابع، قالوا: ضاعوا أبنائنا لم يعد لنا سيطرة.
كيف حال بعض الأخوة في البرازيل، الذين هاجر آبائهم، الآن الجيل الثالث انا قد جلست معهم لا يعرفون من الإسلام شيء ، يعرف أن أباه كان اسمه عبد الله وعبد الرحمن فقط، والآن أصبحوا نصارى وخالطوا مع النصارى وتزاوجوا مع النصارى ، فلو لم يكن من ضرر انقطاع أمن هذا البلد إلا تفرق أهله على أصقاع المعمورة ، تشتتوا ضاع أبائهم ضاعت أسرهم ، وإذا استمروا هذا الوضع ربما بعد جيل جيلين ثلاثة أجيال تنطمس هوية هؤلاء كمسلمين ، وهذا ما يريده أعداء الإسلام.
لما أتوا وأخذوهم من الصومال، وتحملوا تكاليفهم وأسكنوهم هناك ، ويدفعون لهم رواتب ، جالسين في بيوتهم ، ماذا يرجون .
هل هي نواحي إنسانية؟
لم ينظروا إلى النواحي الإنسانية وهم يضربون على المساكين العزل والأطفال يضربون عليهم بيوتهم بالصواريخ.
هم ينظرون إلى أبعد من هذا تذييب شخصية المسلمين. فهذه من المفاسد.
يوجد في بعض البلاد التي خرج فيها مجموعة من الشباب على الحاكم وإن كان ليس بمسلم فالنتيجة عطلت الدعوة في هذه البلاد سنوات ، بل أصبح الذهاب إلى المسجد إذا كان شابا جريمة يسجن عليها الشاب ، والسبب خروج هؤلاء فدائما يا أخوان نحكم تصرفاتنا وأعمالنا بالشرع ينبغي على المسلم أن لا تسيره العواطف ، العاطفة شيء ودين الله وشرع الله إن كان يخالف ما أنت تريده وما أنت تهواه ، ثم دائما الرجوع إلى أهل العلم، يعني لاحظ قصة عمر رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية ، يعني ظاهر الصلح ما هو؟ ظاهر كما كتب في الوثيقة لصالح المشركين جملة وتفصيلا ، ليس فيها بند من البنود لصالح المسلمين، الآن المسلمون قدموا بقوة، والآن المشركون خرجوا لهم وهم الذين طلبوا كتابة الوثيقة والعهد ، يعني لو دخل عليهم المسلمون لدخلوا عليهم وانتصروا عليهم، ولهذا عمر ما استطاع يتمالك في نفسه: يا رسول الله أنعطي الدنية في ديننا ، ألسنا على الحق ؟ ، رأى النبي صلى الله عليه وسلم لم يستجيب له فذهب إلى أبي بكر ، فأمره أبي بكر أن يلزم رأي النبي صلى الله عليه وسلم ، ما قبل ، ذهب إلى عثمان .
لاحظ قضية العاطفة في مقابل النص، فتبين له فيما بعد ولهذا كان يخاف على نفسه من هذا الموقف .
يا أخي استسلم لشرع الله عز وجل ، انتصر دين الله الحمد لله نور على نور، وإلا فأنت لست ملزم بهداية الناس ، فلا تجر عليهم مشاكل، لا تجر عليهم مفاسد.
النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر أن النبي يأتي يوم القيامة – نبي رسول يوحى إليه أرسله الله عز وجل- وليس معه إلا رجل أو رجلان، ويأتي النبي وليس معه أحد .
نعم نحن نقول بعض هؤلاء الشباب تحملهم العاطفة تحملهم الغيرة على دين الله ، لكن لا ، الغيرة والعاطفة يجب أن تحكم بدين الله وبشرع الله.
إذا جئت أمام الشرع فاعصب عينيك خاصة معاشر الإخوة في المسائل التي نفعها وضررها متعدي .
شيء يخصك بنفسك هذا الأمر سهل ، أصبت الحمد لله ، أخطأت الضرر سيخصك أنت، لكن أمر سيجر على غيرك ضرر لا ، ينبغي أن لا تقدم عليه ، بسبب قناعة شخصية ، أو بسبب قناعة مجموعة من الأشخاص لا ، لابد أن تكون على هذا الأمر مثل الشمس ثم تستنير بآراء أهل العلم، بآراء من هم أحرص منك على الخير، وأكثر غيرة على دين الله عز وجل ، ولا يأتي الشيطان ويلبس عليك فلان صاحب دنيا فلان صاحب منصب هذا هو الذي يريده أعداء الإسلام.

تفريغ الشريط ( رقم 6)


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم
توقفنا على قول المؤلف : ( ونرى الحج والجهاد ماضيًا مع طاعة كل أمير بًرًا كان أو فاجرًا ، وصلاة الجمعة خلفهم جائزة)
تقدم الكلام أن طاعة ولي الأمر واجبة إلا في معصية الله ـ عز وجل ـ ما لم يأمر بمعصية الله ـ عز وجل ـ لقول النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : { إنما الطاعة في المعروف } وقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : { لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق} ، ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أن هذه الأمور العامة التي غالبًا ما يتولاها ولي الأمر الولاية العظمى وهي : الجهاد , الحج , صلاة الجمعة ، فيجب على المسلم أن يكون تحت لوائهم وإن كانوا ظلمة وإن كانوا فجارًا ما داموا في دائرة الإسلام فيجب أن ينضوي المسلم تحت رايتهم ، ولهذا قال المؤلف برًا كان أو فاجرًا . ثم نقل عن أنس ـ رضي الله عنه ـ في الحديث الذي أخرجه أبو داوود وإن كان في سنده مقال لكن معناه صحيح وتشهد له الأحاديث الأخر، قال أنس قال النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : { ثلاث من أصل الإيمان : الكف عمن قال لا إله إلا الله ولا نكفره بذنب ولا نخرجه من الإسلام بعمل ، والجهاد ماض منذ بعثني الله ـ عز وجل ـ حتى يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل ، والإيمان بالأقدار } رواه أبو داوود .
إذن الأمر الأول : الكف عمن قال لا إله إلا الله ، وهذا جاء في أحاديث ثابتة في الصحيحين
" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ؛ فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم " . وفي حديث أسامة المشهور كما في صحيح مسلم عندما أدرك رجلًا من المشركين وفي رواية أنه فعل في المسلمين الأفاعيل ، فلما أراد أن يدركه أسامة بسيفه قال لا إله إلا الله فبادره أسامة فقتله ؛ لأن الذي تبادر إلى ذهن أسامة أنه قال هذه الكلمة خوفًا من السيف ، فنقل ذلك للنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فأنكر على أسامة أشد الإنكار فقال له : { أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله } ؟ قال يا رسول الله : فعل وفعل وفعل وما قالها إلا خوفًا من السيف . وفي رواية { هلا شققت عن قلبه ! أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله ! } وفي رواية أخرى : { ما تصنع بلا إله إلا الله يوم القيامة } . في الأخير طلب أسامة أن يستغفر له ، فالنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لا يزيد على أن يقول { أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله ! }. ماذا قال أسامة : وددت أني لم أسلم إلا الساعة هذه ، بمعنى : ( لاحظوا معاشر الإخوة) عِظم الاعتداء على الدم المعصوم ؛ أسامة ضحى بسابقـيته في الإسلام وبغزواته السابقة بل بأعظم من هذا وذاك بحضوره بدر ، الذي كل واحد من الصحابة لم يحضر بدرًا كان يتمنى أنه كان من أهل بدر، ومع ذلك أسامة ضحى بهذا كله في سبيل ألا يحصل له تبعات بسبب هذا العمل . هذا يدل على عظم جرم الاعتداء على الدم المعصوم . في حديث آخر جاء رجل إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي الصحيح فقال يا رسول الله : أرأيت إن قاتلت رجلًا فقطع يدي ثم قال لا إله إلا الله ، أقتله ؟ قال : { لا }. قال : فإن قتلته ؟ قال : { فأنت بمنزلته قبل أن يقولها وهو بمنزلتك قبل أن تقتله } وما ذاك إلا لعظم هذه الكلمة. والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أيضًا في الحديث الآخر يقول : { لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة } الشاهد : أنه يجب أن يكف عمن قال لا إله إلا الله ، هذه الكلمة تنقل الإنسان من كونه كافرًا حلال الدم إلى كونه معصوم الدم ؛ فلا يجوز الاعتداء عليه بحال من الأحوال ما دام أنه قال لا إله إلا الله ، " ولا نكفره بذنب " وهذا تقدم الكلام عليه ما لم يستحله ، " ولا نخرجه من الإسلام بعمل " ، وهذا على وجه العموم ما لم يكن هذا العمل مكفرًا ، كما استثنى بعض أهل العلم تارك الصلاة تهاونًا وكسلًا . " والجهاد ماض منذ بعثني الله ـ عز وجل ـ حتى يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل " ، بمعنى أن فريضة الجهاد وشريعة الجهاد باقية ولا يمكن لأي شخص كائنًا من كان أن يبطل هذه الشريعة ، ولكن بشروطها وضوابطها كما جاءت عند أهل العلم ." والإيمان بالأقدار" أي الإيمان بالقضاء والقدر. ولا شك أن الإيمان بالقضاء والقدر من أصول الإيمان ولهذا النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ذكره ضمن أصول الإيمان الستة . وفي حديث حذيفة أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ نفى أصل الإيمان لمن لم يؤمن بالقضاء والقدر ، وهذا أيضًا تقدم الكلام عنه ، والإيمان بالأقدار بمعنى الإيمان بأن كل ما هو كائن وجار ويجري إنما هو بقضاء الله وقدره ، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، ثم قال ( ومن السنة تولي أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ومحبتهم وذكر محاسنهم ، والترحم عليهم ، والاستغفار لهم ، والكف عن ذكر مساوئهم وما شجر بينهم ، واعتقاد فضلهم ومعرفة سابقتهم . قال تعالى : (( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلًا للذين ءامنوا )) . وقال تعالى : (( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )).
من عقيدة أهل السنة والجماعة : تولي جميع أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ والاعتقاد الجازم أنهم أفضل هذه الأمة بل أفضل الأمم على الإطلاق بعد الأنبياء والمرسلين ، ولهذا قال النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كما ثبت في الصحيحين : { خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم } . وفي حديث ابن عمر كما في السنن حديث الافتراق ، ذكر في آخره لما سُئل عن الفرقة الناجية ، قال " من كان على مثل ما كنت عليه اليوم وأصحابي " فيجب أن يتولاهم المسلم وأن يحبهم بمعنى محبتهم من الإيمان ؛ لهذا جاء في الحديث الذي في صحيح مسلم أن محبة الأنصار من الإيمان ومحبة آل البيت من الإيمان ( وذكر محاسنهم والترحم عليهم والاستغفار لهم ) ، نعم يجب أن تبرز محاسنهم وأن تظهر بين الناس ، هؤلاء كما قال ابن مسعود " قوم اختارهم الله واصطفاهم بين سائر الناس ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ، أبر هذه الأمة قلوبًا وأعمقها علمًا وأقلها تكلفًا ، فاعرفوا لهم قدرهم وحقهم ، أولئك أصحاب محمد " . أيضًا يقول ابن عمر : " لا تسبوا أصحاب محمد ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فـلَمقام أحدهم مع رسول الله – مقام واحد – تغبر فيه قدماه خير من عبادة أحدكم لو عمر كذا وكذا " وفي رواية " لو عمر عُمُر نوح " . فشرف الصحبة لا يدانيه شيء ، ولا يمكن أن يقاربه شيء ،
والمقصود بالصحابي : هو من لقي النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهذا هو أعدل التعاريف وأوسط التعاريف ، وهو الذي ارتضاها الحافظ بن حجر : من لقي النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ مؤمنًا به ومات على ذلك . فكل من حصل له هذا الأمر حصل له هذا الشرف العظيم ولهذا ، رضي الله عنهم جملة (( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة )) قال الله ـ عز وجل ـ : (( رضي الله عنهم ورضوا عنه )) الشاهد أن الله ـ عز وجل ـ تاب عنهم جملة ورضي عنهم جملة وغفر لهم جملة ، فيجب أن نترحم عليهم و نترضى عنهم وأن نظهر محاسنهم وأن نستغفر لهم (( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان )) فهذه من علامة محبة أولئك ومن علامة التبعـية لهم أن من أتى بعدهم يترحم عليهم ويستغفر لهم ، ولهذا سمع ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ رجلًا يقع في بعض أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وسلم فقال له : " أأنت مِن الذي قال الله ـ عز وجل ـ فيهم : (( والسابقون الأولون من المهاجرين )) قال : لا. قال : إذن أأنت من الذين قال الله ـ عز وجل ـ فيهم : (( والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم )) قال : لا. قال : إذن أأنت من الذين قال الله ـ عز وجل ـ فيهم : (( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان )) قال : أرجو . قال : لا ، ليس من هؤلاء من يقع في أولئك " ولهذا ، الله ـ عز وجل ـ بيّن الشرط الأساسي في صفة هؤلاء : أنهم يستغفرون لأولئك ولا يجدون في قلوبهم غلًا عليهم حقدًا أو حسدًا ، كما هي الحال عند الرافضة ـ عليهم من الله ما يستحقون ـ
يقول المؤلف : ( والكف عن ذكر مساوئهم وما شجر بينهم ) ما نقل عن أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من المثالب أربعة أقسام : قسم لا شك أنه كذب وافتراء من أعدائهم خاصة الرافضة فقد ملؤوا كتب التاريخ بالـدسيسة عليهم وباتهامهم بأمور هم بُراء منها كبراءة الذئب من دم يوسف . القسم الثاني ثابت بعضه ، لكن زاد فيه أعداؤهم وضخموه . القسم الثالث ثابت عنهم لكن في واقع الأمر ليس بمثلبة ولا منقصة وإنما عده أعداؤهم أنه منقصة . القسم الرابع أنه وقع من بعضهم ـ وإن كان نزرًا يسيرًا ـ بعض الهنًّات وبعض الأخطاء وبعض المخالفات ، ونحن لا نعـتقد فيهم العصمة كما يعتقده بعض أهل الضلال في بعض أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أهل السنة لا يدعون في أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع محبتهم والترضي عنهم والكف عما شجر بينهم وعن مساوئهم ، إلا أننا لا نعتقد فيهم العصمة وما حصل من بعضهم هذا الأمر يعني هذه الأخطاء ، فهي مغمورة في بحر حسناتهم ، هذا لا يؤثر على أو في جانب ما قدموه ولو لم يكن من ذلك إلا صحبتهم للنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وشهودهم المشاهد مع النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يدل على ذلك حديث صحيح البخاري حديث حاطب ابن أبي بلتعة ـ رضي الله عنه ـ هذا الدليل على أنه إذا حصل من أحدهم بعض الأخطاء فهي مغمورة في بحر حسناتهم ، إذًا لو أخذت أنت الآن جيفة ورميتها في البحر هل يؤثر على البحر؟ أبدًا ، فكذلك الحصول من بعض هؤلاء بعض الأخطاء فهي ـ إن شاء الله ـ نعتقد اعتقادًا جازمًا أن الله ـ عز وجل ـ غفر الله لهم بما معهم من الحسنات العظام يدل على ذلك حديث حاطب ابن أبي بلتعة ـ رضي الله عنه ـ عندما أراد إفشاء سر النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال أهل العلم هذه كبيرة ، النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأتمنه على هذا السر علمًا أنه لم يخبر بذلك إلا خُلّص أصحاب ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ لم يخبر بعزمه على غزو قريش إلا خاصة أصحابه ما علم بها عموم الصحابة ما علموا ومن أعظم الغزوات ورأى فيها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحاول أن يتكتم على هذا الأمر بل دعا الله ـ عز وجل ـ قال: { اللهم أعمِ عنا قريش } لأنه يريد أن يباغتهم ، ومع ذلك حاطب أراد إفشاء سر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ القصة طويلة ، الشاهد : أنه لما أتى إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مباشرة (عمر) ما تمالك نفسه ورأى أن هذا هو عين النفاق ؛ فقال : دعني أضرب عنقه فقد نافق ، الشاهد: قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هنا : { لا يا عمر إنه شهد بدرًا ، ولعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم } . فكل ما حصل منهم ـ رضي الله عنهم ـ أو ما حصل من بعضهم هو كما قال أهل العلم : مطمور في بحر حسناتهم لا يؤثر عليهم ـ رضي الله عنهم وأرضاهم ـ ولهذا النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ حذر أشد التحذير من الوقيعة فيهم بل حذر بعض الصحابة الذين تأخر إسلامهم عن الوقيعة فيمن تقدم فكيف بمن أتى في القرن الرابع عشر أو الثالث عشر الذي لا يدانيهم ولا يقاربهم بالفضل ! أنكر على خالد لما تكلم على عبد الرحمن بن عوف و اشتد غضبه عليه ـ صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن أصحابه ـ وفي الحديث الآخر : { الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضًا من بعدي } ما معنى غرض؟ هدف , الهدف الذي يقصده الرامي يسمى غرض . فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : { لا تتخذوهم غرضًا من بعدي } . وفي حديث آخر: { لا تسبوا أصحابي } وهذا الذي أنكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ به على خالد ، { لا تسبوا أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه } أي لو جاء أحد من كبار التابعين ـ ليس من الناس المتأخرين من كبار التابعين الذين هم من خير القرون ـ وأنفق في سبيل الله مثل جبل أحد هذا الجبل العظيم الذي يراه الإنسان في أي مكان في المدينة أنفقه ذهبًا في سبيل الله ما بلغ في الأجر والمنزلة والمكانة والقدر عند الله ـ عز وجل ـ مثل نفقة أحد الصحابة مد من تمر أو إقط أو شعير أو غير ذلك. ما يبلغ أي: فضل هذا المد أو نصف هذا المد عند الله أفضل من تلك النفقة والسبب عن الصحابة هؤلاء ميزهم الله ـ عز وجل ـ وفي حديث آخر: { إذا ذكر أصحابي فأمسكوا } وفي حديث آخر :{ الله الله في أصحابي أوصيكم بأصحابي } فلا يجوز الوقيعة فيهم بحال من الأحوال .
بقي عندنا ما حصل وشجر بينهم ، ما حصل بينهم من الاقتتال من الاختلاف ما موقف المسلم تجاه ذلك ؟ المؤلف نص عليه : ( والكف عما شجر بينهم ) . قال تعالى: (( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم )) هذه عقيدة أهل السنة والجماعة ، لا نأتي وننبش ونفتش ونقول فلان فعل كذا وفلان كذا و فلان كذا. لا ، نكل أمرهم إلى الله ونعتقد اعتقادًا جازمًا أن ما حصل منهم إنما هم أحد رجلين : ـ مجتهد مصيب له أجران كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :{ إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران } ـ ومجتهد مخطئ فله أجر واحد ، كما أننا نعتقد اعتقادًا جازمًا أنه لم يحملهم على ذلك الهوى ولا حب الدنيا وإنما حملهم اجتهاد تأويل ، ولهذا منهم مصيب فله أجران ومنهم مخطئ فله أجر , نعم نعتقد أن عليًا ـ رضي الله عنه ـ هو المصيب وهو الذي على الحق ، ومعاوية ومن معه وأصحاب الجمل هم المخطئون مصداقًا لقول النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لعمار: { تقتله الفئة الباغية } . لكن مع ذلك نعتقد أن الكل مجتهد والكل ـ إن شاء الله ـ مأجور ، ومما يدل على أنه لم يكن هذا الأمر منهم عن هوى أو حب دنيا أو الانتقام من البعض ، ما ثبت أن الزبير ـ رضي الله عنه ـ قابل عليًا يوم الجمل وجهًا لوجه على شك هذه فرصة كل واحد منهم للانتقام من صاحبه في المعركة ، فقال له عليٌ كلمة جعلت الرجل ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ يراجع حساباته ، ويتضح من خلال ذلك أنه ما خرج لأجل دنيا ، إنما خرج اجتهادًا لأجل إعلاء كلمة الله ـ عز وجل ـ ، قال له : أما تذكر لما دخلنا على النبي ـ صلى الله عليه و آله وسلم ـ فقال : { كيف بك تقاتله وأنت ظالم له } ؟ مباشرة لما ذكره بقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أغمد سيفه وولى راجعًا لأنه كان يبحث عن الحق. معروف أن الزبير وعليًا ـ رضي الله عنه ـ كان بينهم من الصفاء والخلة والصداقة الشيء الذي فاق أحياناً التصور ، ولهذا لاحظوا .. في الخلافة الزبير من ؟ عدد من ؟ علي وتنازل عن حقه في الخلافة لمن ؟ لعليّ ؛ لمنزلة عليّ عنده . ولهذا كانا دائماً يذهبا معًا ويدخلا معًا فهما دخلا على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مرة ورأى منهم بعض التصرف الذي تنبئ عنه المحبة الصادقة بين الرجلين فالتفت إلى الزبير وقال له : { كيف بك تقاتله وأنت ظالم له } ؟ يعني الشخص ما يمكن أن يتصور أن هاذين الرجلين سيحصل بينهما اقتتال ، فحصل ما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لكن لما ذكر الزبير مباشرة رجع إلى الحق . معاوية ـ رضي الله عنه ـ لما ذكر له فيما بعد حديث في فضل علي ـ رضي الله عنه ـ قال : والله لو كنت أعلم ذلك لتجشمت أن أحمل حذاءه . يع
6
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

الدورة العلمية
أرجو التثبيت
تـ لين ـا
تـ لين ـا
جزاك الله خيرا

http://arabsh.com/eakj2evgl844.html
albsmy
albsmy
الله يجزاك بالجنّة
عذوووب!
عذوووب!
جزاك الله خير الجزاء

سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
الياســـــمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ملخص الدرس الثامن

https://d2s63a22uzwg40.cloudfront.net/hw-uploadcenter/up/sites/up.hawaaworld.com/files/links/1cb12b9770cfc65f5df1013262604d48.docx