أوراق مبعثرة من مذكرات طفلة...!!

الملتقى العام


كنانعيش في قرية صغيرة من قرى مدينة الرياض .
قريه هادئة بسيطة عشت فيها طفولتي ....
درست فيها المرحلة الابتدائية .......لا زلت اذكر كل شيءبالقرية... شوارعها ،دكاكينها البسيطة ‘منازلها ...كانت البيوت متقاربة جدا .كتقارب قلوب أصحابها...كان القليل من يملك سيارة لانهم لايحتاجون اليها ..فكل شيء قريب اليهم ..المستوصف ـ الدكان ـ المدرسة ـالخباز ....
الكثير منهم يربي الحيوانات خصوصا الابقار ..وكانوا يتركونها في الشوارع تمشي وتأ..كل ويلعب عليها الاطفال ثم يأخذونها الى منازلهم ليلا....


نسيت أن اقول لكم :لايوجد كهرباء في تلك القرية ...وكانو يستخدمون (السراج) للاضاءة في ليلهم .وعلى فكرة لدينا خمسة منها......
تكلفنا الوالدة بتنظيفها كل يوم ..ونمسح زجاجها من دخان الأمس قبل أن يدخل الظلام ....
صرخــــــة طفلــــــة!!!!!
كان من العادة أن الناس في تلك القرية يشترون كل يوم خبزهم من الخباز.. ولم يكن هناك مخابز اتوماتيكية ..كمافي وقتنا الحاضر ...واذا مررت كل صباح ترى طوابير الناس من صغاروكبار أمام الخباز ينظرون إليه وهو يضرب بعجينته بكل خفة ورشاقة ..والعيون تتابع حركات يديه .....
وكل ينتظر دوره في استلام الخبز.. ليعود بها الى بيته .....
كنت أنا من يقوم باحضار الخبز من الخباز كل صباح ... فقد وكل لي أبي تلك المهمة... فأحمل الفوطة التي أحمل بها الخبز واتجه الى ذلك الخباز لأكون مع ذلك الطابور انتظر دوري.... وفي يوم من الأيام لايمكن أن انساه مدى الحياة ...حدث مالم يكن في الحسبان.. كنت امشي كعادتي الى الخباز ..
وفجأه طلع في طريقي كلب ..وهو بنبح بقوة في وجهي فاصبحت في رعب شديد ..وانعقدت رجلي عن محاولة الهرب وكاد أن يطير قلبي من مكانه.. ماهذا ؟كلب في الصباح ..الطريق هادئ جدا ..لا يوجد من يساعدني ..طفلة في السابعة من عمرها ..فاطلقت صرخة قوية جدا ..خرجت من داخل جوفي ثم تلتها صرخات وصرخات!!
وما من مجيب.. الكلب يقترب ويقترب جدا !!حتى جاء الفرج ..وفتح أحد الابواب التي بجانب الطريق ..فخرج شاب كأني اشاهده الآن أمامي..وإلتفت وكأنه يبحث على من يصرخ ليسارع بالنجده.,..فلما راى المنظر.. تناول خشبة عريضة وأسرع الى الكلب لضربه.. فولى مسرعا.. فهدأت نفسي ..وذهب روعي ..وسكن قلبي...ولايمكن ان انسى ذالك الباب انه باب كبير عظيم
كعظمة ذلك الشاب...ومن العجيب أني واصلت طريقي...
حبيبــــــــتيــــــــــــــــــ...أميـــــــــــــــــــ....
كانت أمي تقوم بمجهود كبير في ذلك البيت المتواضع... فلا أهل ولا أقارب وخصوصا أننا لسنا من أهل تلك القرية فقد انتقلنا إليها ....
فقد كناصغار وكنا بحاجة الى رعاية وعناية ....
وكانت أمي تعاني كثيرا.. اذكر مرة أمي كانت حاملا في اشهرها الاخيرة ..... طبعا كنا لا نعي مايحدث.. ولا نعلم عن الحمل شيئا عكس اطفال اليوم ...لان الطالبات لدينا في المدرسة الآن يعلمون بحمل المعلمة قبل زميلاتها المعلمات...!!!
الولادة طبعا في البيت في ذلك الوقت.. وكانت أمي تتالم ولكنها تخفي الآمها حتى لانراها فنتاثر لذلك .... وأذكر أنهاقبل ولادتها بدأت تعد العدة فتغسل الثياب وهي تعاني...وتطبخ وهي تتألم.. لان العمل سيتعطل في المنزل أيام ..لاشغالات....لا مكنسة كهربائية.. لاأجهزة ... ولكن الأوائل عاشوا بالصبر والتحمل والاحتساب ..وحضرت جدتي لأبي قبل ولادتها لترعانا... فلما قربت ولادتها.. بدأت الالآم تظهر ونسمع صوت أنين امي.. فنبكي لبكائها ... وأتذكر أننا إذا سمعنا صوت صياحها انا واخواتي الصغار نلوذ بجدتي ونبكي على رجليها ونسألها : مابالها امي؟ماذا بها ؟ تجيب أمكم ضرسها يؤلمها ..... وتطلع بنا الى السطح حتى لا نسمع صوت أمي... فيأتي الفرج ونسمع صوت صرخات المولود... ويذهب صوت الصياح .. فتبددت الغمة ...... وانقشعت الكربة ... وتشع أنوار الفرحة انحاء البيت الصغير..وتنفرج الأسارير.. ويستبشر الوالد لانه رزق بولد بعد أربع بنات .. (وليس الذكر كالأنثى ) وندخل مسرعين إلى أمي فإذا هي مستلقية على فراشها ..والألم يظهر على وجهها الشاحب ..والإنهاك والتعب قد أثر في جسمها النحيل .. إنها الأم.....فياويل من عقها و لم يقم بحقها .... فهي بتلك الصورة.... وبكل تلك المعاناة إذا التفتت بوجهها الى وليدها.. انفرجت أساريرها ..وأسفر وجهها وتبدل تعبها راحةوسرورا ..وكأنها لم تضع طفلا قبل لحظات!!
وفرحنا بفرحهها وسرورها.. ومولودنا الجديد ....
شربــتـــــــــــ وكدتـ أن أمـــــــــــــوتــــــــــــــــــــــــــ ....

تذكرون ماقلت لكم في البداية أن هذه القرية ..لايوجد بهاكهرباء لذلك كل بيت عندهم برميل من (الكاز) وليس الغاز المعروف الآن .. يعبئون منه سرجهم التي يضيئونها ليلا.. ومواقيدهم التي يطبخون عليها... طبعا تقولون كيف ياخدون هذا الكاز؟؟ ...طبعا يأخذونه عن طريق الشفط يوضع خرطوم (لي)داخل هذا البرميل ثم يشفط منه ثم تعبأ الاجهزة ..ويوضع هذا البرميل في زاوية من الحوش .....
في أحد الأيام كنا نلعب أنا واخواتي في حوشنا الكبير ....
فذهبت الى ذلك البرميل وإذا هذا اللي يتدلى منه... فتاقت نفسي لتقليد والدي والشفط من هذا البرميل...!!!

فاقتربت منه فأخذت ذلك اللي ووضعته في فمي وبدأت شفط الكاز حتى دخل الكاز إلى جوفي وبدات أسعل بقوة ..ولم استطع التنفس فاسرعت أخواتي إلي ثم ذهبنا مسرعات الى والدي ليخبراهما الخبر المروع ...واسرعت أمي وهي تصرخ.. وأبي وهو يركض ..وأمسك بيدي وبدأ يركض
تارة ويحملني تارة اخرى الى المستوصف القريب (طبعا لا نملك سيارة) وقامو بالإسعافات اللازمة ... وأخرجوا مافي معدتي ...بعد ان كادت ان تخرج روحي ولله الحمد والمنة ...
ســــــــــارة والحطبــــــــــــــــــــــــ...
مازلنا في تلك القرية.. كان يسكن بجوارنا عائلة كبيرة وكان يربطنا بهم رابطة قوية .....فيزورونا ونزورهم بشكل مستمر .... وكان من عادة الاهالي اذا اقبلت الليالي المقمرة في الصيف تخرج العوائل ويسهرون تحت ضوء القمر فوق السهول !!ويسمرون ويتبادلون الاحاديث حتى منتصف الليل ..فكنا نخرج جميعا في تلك الليالي ونلعب سويا نحن الأطفال ...في أحد الايام كانت جارتنا تقوم بالطبخ على الحطب !!! وكان لها ابنه صغيرة لم تتجاوز العام ..كان الصغيرة تلعب وتتتنقل بين أخواتها وبين أمها وتحبو هناوهناك ...وفي غفلة الأم اقتربت الطفلة من الحطب فعلقت النار في ثيابها الداخلية ولم تراها الام ...فاخذتها والدتها ووضعتها عند أخواتها وهي تبكي.. والام لم تهتم ظنا منها انها تريد البقاء معها !!!وتركتها حتى اشتعلت النار في ثيابها وأدرك الجميع سبب البكاء ولكن بعد فوات الاوان!! بعد أن اكلت النار احشائها...
وتقطع قلب الأم حزنا وحسرة على فقد ابنتها.. أذكر انني تأثرت لذلك كثيرا.. واصبحت لا أنام الليل ... أبكي إذا ذكرتها..اصبحت لا تغيب صورتهاعن عيني ابدا... فرحم الله الأباء والأمهاتواصلح الله الاولاد والبنات ..
معلماتــــــــــــــــــــــــ غيــــــــــــــــــــر....
مدرستنا قريبة جدا من منزلنا .....
الجميع يذهب مشيا على الأقدام ....اذكر أنني دخلت المدرسة وأنا خائفة جدا.. فلا أزال أذكر هذا اليوم .... حتى المدرسة أذكر كل شيئ فيهاالأبواب ..الجدران ..المقاعد.. وهي تختلف عن الموجود الآن ..المقعد ..ياخذ ثلاث طالبات وهو متصل بالطاولة .....المدرسات كلهن غير سعوديات .. فاذكر المعلمة حسيبه العراقية ..والمراقبة سميرة الاردنية.. وعبلة الفلسطينية .....وغيرهن من المعلمات وكانت المعلمات لهن هيبة.. ونخاف منهن خوفا شديدا حتى اني أحلم فيهن كل ليلة .....
وكن يعاملن الطالبات بشدة ...فاذكر التي لا تحل الواجب تقوم المعلمة بوضع ورقة كتب عليها (أنا حمارة) وتشبكها بدبوس على مريول الطالبة من الخلف وتلف ورقةعلى شكل قرن وتضع لها قرنين على رأسها من الأمام وتقول لها:اذهبي ومري على جميع الفصول !!!فتخفض الطالبة راسها بخوف شديد.. لا تعترض.. لا ترفض.. لاتتكلم.. وتمر على جميع الفصول وتريهم الورقة التي على ظهرها ...!!واذكر انهن يضعن غرفة فارغة في المدرسة مليئة بالغبار والأوساخ وتسمى غرفة الفئران !!!تحبس الطالبة فيها !!وكان بعض الطالبات يحضرون البيض وحليب الابقار التي يربونهافي بيوتهم للمعلمات...طبعا لهن معاملة خاصة من تلك المعلمات !!!فويل لمن خان الامانة ...
وبالاضافة الى الضرب الشديد ..الصفع على الوجه.. وقرص الآذان ..والوقوف مع رفع الايدي لفترات طويلة.. وذهبت الايام وبقيت الذكريات والالآم ...وعند الله تجتمع الخصوم .......

3
412

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

@ورقة بيضاء@
@ورقة بيضاء@
يامحلى ايام زمان ذكرتيني ايام كنت في بيت جدتي اروح عندها كثير حتى المدرسة اروح من عند بيتهم الله يرحمها

رحمه واسعه .
ترآتيل الصمت
ترآتيل الصمت
أوراق رائعه ..

بس ماشاء الله كم عمرك .. الأن ..

الله يطول بعمرك ..

ما أطــــــــــــــــــــــــهـــــــــــــرها من أيام

رغم أني لم أعشهاااا ..

بعكس وقتنا الحالي ..

فكل شيء يتوفر لدينااااااا

ولككككن لاطعم للحياة ..
محبوبة بنتها اثير
يااااااه ذكرتيني باأيام زمان