كلمة التوحيد : معناها ، فضلها ، شروطها

ملتقى الإيمان

( لا إله إلا الله )
كلمة التوحيد ، جمعت الإيمان واحتوته ، وهذه الكلمة عنوان الإسلام وأساسه .
ومعناها : لا معبود يستحق العبادة إلا الله سبحانه ، وقد أخطأ من فسرها بأنه لا موجود إلا الله ، لأن معنى الإله : المعبود ، فيصبح المعنى بناء على قول هؤلاء ، لا معبود موجود إلا الله ، وهذا غير صحيح ؛ لأنه يلزم منه أنّ كلّ معبود بحق أو باطل هو الله ، فيكون ما عبده المشركون من شمس وقمر ونجوم ... إلخ هو الله ، فكأنه قيل : ما عُبِد على هذا التقدير إلا الله ، وهذا من أبطل الباطل .


فالمعنى الصحيح المتعين هو ما ذكرناه أولاً : أنه لا معبود يستحق العبادة إلا الله وحده .
وقد جاءَت النصوص دالة على فضل ( لا إله إلا الله ) ، وعظيم نفعها ، وقد سبق ذكر النصوص الدالة على أن من قال : ( لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة ) . وبهذه الكلمة يعصم العبد ماله ودمه ، ويصبح مسلماً .
ولكن ليس المراد بهذه الكلمة مجرد النطق ، فلا تنفع هذه الكلمة قائلها عند ربه إلا بسبعة شروط :


1- العلم بمعناها : قال تعالى : ( فاعلم أنَّه لا إله إلاَّ الله ) وقال : ( إلاَّ من شهِد بالحق وهم يعلمُون ) .

وفي الصحيح عن عثمان بن عفان – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ) . (1)


2- اليقين : بأن يكون القائل مستيقناً بمدلول هذه الكلمة يقيناً جازماً ، فإن الإيمان لا يغني فيه إلا اليقين لا الظن ، قال تعالى : ( إنَّما المؤمنون الَّذين آمنوا بالله ورسوله ثُمَّ لم يرتابوا ) فاشترط في صدق إيمانهم كونهم لم يرتابوا ، أي لم يشكوا ، وفي الصحيح من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاكّ فيهما فيحجب عن الجنة ) . (2)


وفي الصحيح أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل أبا هريرة بنعليه قائلاً له : ( من لقت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة ) (3) فاشترط دخول قائلها الجنة أن يكون مستيقناً بها قلبه غير شاكّ فيها ، وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط .

3- القبول لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه ، وقد حدثنا القرآن أن الله عذب المكذبين من الأمم الذين رفضوا هذه الكلمة ، واستكبروا عنها : ( إنَّهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلاَّ الله يستكبرون – ويقولون أئِنَّا لتاركوا آلِهَتِنَا لشاعرٍ مجنون ) جعل الله علة تعذيبهم وسببه هو استكبارهم عن قول لا إله إلا الله ، وتكذيبهم من جاء بها .

4- الانقياد لما دلت عليه ، قال : ( وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له ) وقال : ( ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسنٌ فقد استمسك بالعروة الوثقى ) ، ومعنى يسلم وجهه أي ينقاد ، وهو محسن ؛ أي موحد ، والعروة الوثقى فسرت ( بلا إله إلا الله ) .


5- الصدق : وهو أن يقولها صادقاً من قلبه ، يواطئ قلبه لسانه ، قال الله عزّ وجلّ : ( ومن النَّاس من يقول آمنَّا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين – يخادعون الله والَّذين آمنوا وما يخدعون إلاَّ أنفسهم وما يشعرون ) . فهم كاذبون في قولهم، يبطنون غير ما يعلنون ، وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار ) (4) ، فاشترط في النجاة من النار أن يقولها صدقاً من قلبه .


6- الإخلاص : وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك ، قال الله تعالى : ( ألا لله الدين الخالص ) وقال : ( وما أمروا إلاَّ ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) .
وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه ونفسه ) . (5)

وفي الصحيح عن عتبان بن مالك – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله عزّ وجلّ ) . (6)

7- المحبة : لهذه الكلمة ولما اقتضته ودلت عليه ولأهلها العاملين بها الملتزمين لشروطها وبغض ما ناقض ذلك ، قال الله عزّ وجلّ : ( ومن النَّاس من يتَّخذ من دون الله أنداداً يحبُّونهم كحب الله والَّذين آمنوا أشدُّ حبّاً لله ) فأخبر أن عباده المؤمنين أشد حباً له ، وذلك لأنهم لم يتخذوا من دونه أنداداً ، وعلامة حب العبد ربه تقديم محابه ، وإن خالفت هواه ، وبغض ما يبغض ربه وإن مال إليه هواه ، وموالاة من والى الله ورسوله ، ومعاداة من عاداه الله ورسوله ، واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم واقتفاء أثره وقبول هداه .

إشارة السلف إلى بعض هذه الشروط :


قال الحسن البصري للفرزدق – الشاعر المعروف – وهو يدفن امرأته : ما أعددت لهذا اليوم ؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة . قال الحسن : نعم العدّة ، لكن للا إله إلا الله شروطاً ، فإياك وقذف المحصنات .


وقيل للحسن البصري : إن ناساً يقولون : من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ، فقال : من قال : لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة .

وقال وهب بن منبه لمن سأله : أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله ؟ قال : بلى ، ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان ، فإن أتيت بمفتاح له أسنان فتح لك ، وإلا لم يفتح لك .

---------------
(1) رواه مسلم : 1/55 ، ورقمه :26 .
(2) رواه مسلم : 1/57 . ورقمه : 27 .
(3) رواه مسلم : 1/60 . ورقمه : 31 .
(4) رواه البخاري : 1/226 . ورقمه : 128 .
(5) رواه البخاري : 1/193 . ورقمه : 99 .
(6) رواه البخاري : 1/519 . ورقمه : 425 .
9
758

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

لألئ البحر
لألئ البحر
جزاك الله خير
زادك الله علما ورفعه
ميمي ياميمي
ميمي ياميمي
جزاك الله خير زادك الله علما ورفعه
جزاك الله خير زادك الله علما ورفعه
امين وياك أختي
الاناقه فن
الاناقه فن
الاناقه فن
الاناقه فن
رفع
فطووم اخت حموود
لا اله الا الله محمدا رسول الله