rose blanche

rose blanche @rose_blanche

عضوة نشيطة

قصة حياتي

الأدب النبطي والفصيح

أنا فتاة بلغت الأربعين وارتأيت أن أكتب تجربتي في هذه المرحلة من العمرلأعبر عن امتناني وشكري لكل من ساهم في نحت شخصيتي والفضل الأول لخالقي الذي أنعم علي بنعم تعجز هذه الحروف الاحاطة بها فقد وجدت مسيرة حياتي محفوفة بالرعاية الالاهية منذ أن أبصرت عيناي النور في هذه الدنيا من فجر يوم رائع نعمت فيه أمي بليلة هنيئة في حفل عرس أحد أقاربي ولعلني وأنا بين أحشائها استمتعت بأجواء الاحتفال فرغبت في الحلول في هذه الدنيا وفي حسباني أنهاالسعادة التي لاتنغصها الأنواءوألفيتني بين أحضان أمي وخالتي تنظر الي بعين ملؤها الحب والاعجاب وانطلقت الألسن تردد أسماء الاناث وقدر الله لي اسما انطبعت معانيه في شخصيتي وهو فوز الأمل.ألم أخبرك آنفا أنني أشعر برعاية ربانية ترعاني؟
وغادرت أمي المستشفي وهي تحمل بين يديها طفلة ناصعة البياض بهية الطلعة ومما زاد جمالها شعرها الحالك الناعم المنسدل على وجهها الذي أثار اعجاب كل ناظر اليها بل ان بعض الوافدات اتخذته من قبيل اللهو مرددة الى رفيقتها وهي تنفخ على شعرها :"انظري الى هذا الشعر الرائع الناعم مثل ريش النعام"ثم ترسل ضحكة من فرط الاعجاب من ناحية والمفاجأة من ناحية أخرى
وهاهي أسرتي وقد قيض الله لي من الاخوة خمسة جعلني الله واسطة العقد بين أختين رائعتين واخوة ثلاث ونشأت بين أبوين متحابين حرصا كل الحرص على رعايتنا وتنعمنا بحياة دعة ورخاء.
وكما قال الشاعر:
هي الأيام كماشاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان
وانفرط عقد سعادتي وتناثرت حباته على مر الأيام.وانطلقت رحلتي مع وعثاء الحياة ولما أبلغ الفطام فقد وقعت لي حادثة غيرت مسار حياتي....وللحديث بقية
20
5K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

جودي 14
جودي 14
rose blanche
rose blanche
الفصل الثاني:
في ليلة من ليالي الصيف القائظة وقد التحف الكون برداء السواد وخبت الأنفاس الا من تأوهات الضعفاء والمحرومين الذين تستروا بأردية الظلام ليفسحوا المجال لمكنونات أنفسهم أن تسيح في الفضاء الرحب و تنعتق من سجن القلب سمعت أمي أناتي الواهنة التي تكاد تنبجس بين شفتي فهرعت الي واذا الحمى قد اتخذت جسمي مستقرا وألبسته حلة حمراء تلظى منها جسدي وبعد صراع مرير استسلمت لها فأردتني جسدا لا حياة فيه مثل الدمية التي قدت من القماش التي ان أمسكت الجسم تدلى رأسها الى الأمام والى الخلف و ان حركت يدا استسلمت لفعلك دون ردة فعل .
وها أنا بين أيدي الطبيب يجس نبضي ويقلبني ذات اليمين و ذات الشمال وقد ارتسمت على وجهه مياسم الحزن والأسى رأفة بأبوي من المصاب الذي ألم بهما وشفقة بالطفلة الجميلة التي أصابها الدهر بنابه وما كان الطبيب يدرك أن هذه الطفلة ترعاها رحمة الله وأن المحنة تحمل بين جنبيها منحة ربانية ستنعم بها الطفلة في الأيام الموالية لها ...وبعد فراغ الطبيب من معاينتها توجه الى أبويها قائلا:
"صبرا أن مصابكما جلل....ان ابنتكما لن تشهد تحسنا فقد أتلفت الحمى خلاياها العصبية وستحيا مختلة المدارك العقلية ...ورحمة الله بكما ان قبض الله روحها"
ولاتسل عن حالة أبوي وقد تجمد الدم في عروقهما من هول الخبر وألفيتهما يرمقانني بأعين غائمة حائرة تائهة مثل الملاح الذي فقد بوصلته في عرض البحر واذا الزرقة تحيط به من كل جانب ولايبديان ساكنا وشهدت الحروف مصرعها بين شفتيهما واذا أمي تضمني الى صدرها وانفرط عقد دموعها فانتثر على وجهي و لكم وددت في تلك اللحظة أن يأذن الله لي بالكلام مثلما أنطق رضيع ماشطة فرعون الذي بشر أمه بالخير لقلت
لها:
"أماه كفكفي دموعك ولآتقنطي من رحمة الله التي وسعت كل شيء"
حقا ان رحمة الله قد شملتني وها أنا الآن أخط بيدي قصة حياتي ...وللحديث بقية
rose blanche
rose blanche
وتتالت حبات الأيام متثاقلة على أبوي ولايجول بخاطرهما الا وضعي الصحي المتردي وحرصت امي على تقديم الدواء الذي يخفف عني من وطأة الحر وهو لايسمن ولا يغني من جوع.وذات يوم هاتف الطبيب والدي وزف اليه بشرى امكانية شفائي .فقد حلت ببلادي بعثة طبية أجنبية تهتم بحمى الأطفال وقد اختارني الطبيب من الحالات المرضية المقترحة.ومن الغد نقلت الى المستشفى واطلعت لجنة الأطباء على حالتي .واثر المعاينة بشر أبوي بعلاجي جسديا بعودة الحركة اليه الا أنني قد أشهد قدرات عقلية مختلة وسعد أبواي بهذه الرحمة الربانية التي وسعتني.ولا تسل عما ألم بأمي من مشاعر متداخلة بين الفرح والحزن والأمل واليأس فسعادتها لم تكتمل حينما أخبرت بأنني سأكون فتاة مختلة المدارك العقلية لكنها كانت في قرارة نفسها تشعر أن ابنتها ستتعافى تماما ومشاعر الأم لا تحيد عن الحق أبدا...
وعدت وأبوي الى المنزل فألفيت فيه ضجة وحركة لاعهد لي بها .وأنا أنتقل من حضن الى آخر هذا يقبلني وتلك تراقصني بين يديها والبسمات تعلو الأفواه التي تلهج بالحمد والدعاء بالشفاء والكل يردد:"ان هذه الطفلة مباركة يحبها الله"
أما أنا فكنت أرمق الجميع بعينين مترعتين حبا وسعادة لاجتماع أفراد أسرتي.و في ساعة متأخرة من الليل حل السكون بأرجاء المنزل وخلدت الى النوم و البسمة أشرقت بنورها على وجهي
rose blanche
rose blanche
الفصل الثالث:
سبحان الله حينما أفكر في مسيرة حياتي يعجز تفكيري عن تبين معالم أروع وأشد تناسقا و حكمة مما وردت عليه فأحمد الله الذي أسبغ علي نعمه التي أبوء اليه و أقر بأنني عاجزة عن احصائها .وكيف بوسعي أن أحيط بنعم الله وقد قدر لي في حياتي أمين وأبوين أنعم برغيد العيش معهم مثل النبي موسى عليه السلام؟
عفوا ان انقطع حبل أفكاري ولم يكن ذلك الا لأنني عهدت نفسي أن أحمد الله على نعيم الدنيا كلما أتاح لي المقام.وأواصل معكم مسار حياتي ..
وانقضى أسبوع .وانطلقت رحلة الشفاء الذي كان يسري بأعضائي مثلما تسري الحياة بالزهرة الذاوية اثر سقيها قطرة ماء.وكان علاجي ينبني أساسا على الحقن والعلاج الطبيعي,فطفقت أستطيع الامساك بابهام أبي لبرهة وأرفع رجلي للحظات...وأرجو من الله أن يسعد آبائي في الدنيا و الآخرة لما بذلوه في سبيل معافاتي جسديا و نفسيا.
وذات يوم زارتنا خالتي رحمها الله ورزقها الفردوس الأعلى فألفت أمي باكية وهي تنظر الي وأنا نائمة في فراشي.فطفقت تواسيها وتهون عليها وتبشرها بأجر الصابرين على الابتلاء وفي خلدها أن بكاء أمي مرده حالتي الصحية وما كانت تعلم أن أمي انما بكاؤها لأمر أشد ايلاما مني .فقد ذهبت في الصباح الباكر الى المستشفى و أخبرت بأنها حامل بطفل معوق جسديا مختل المدارك عقليا ولم تكن ترغب في التخلص منه لأنها على يقين أن الله قدر لها ذلك .الا أن الانسان حلق ضعيفا فلجات الى البكاء لأنها في حيرة من أمرها :كيف بوسعها التوفيق بين رعايتي ورعاية الطفل الذي سيولد الى الحياة وهو مفتقر الى الوسائل التي تساعده على الحياة؟
وشاءت رحمة التي وسعت كل شيء أن تكافئ أمي على صبرها .فقيض لها خالتي رحمها الله ورزقها الفردوس الأعلى أن تكون ملاك الرحمة الذي أرسله الله اليها .واقترحت على أمي أن تتولى رعايتي والعناية بي خاصة وأن مركز العلاج الطبيعي قريب من مسكنها.ألا تلاحظ أيها القارئ أن مسار حياتي يضارع مسارحياة النبي موسى عليه السلام؟
اضطرت أم موسى عليه السلام أن تفارق ابنها فانتقل للعيش بمسكن آخر واتخذته زوجة فرعون قرة عين لها فرق قلبها لرؤيته وكانت أمه التي ترعرع بين أحضانها ثم شاء الله أن يعود الى أمه كي تقر عينها به فقيض الله لموسى أمين أترعتاه حبا وحنانا وكذلك الشأن بالنسبة لي .فقد أكرمني الله بنبعين أرتوي من فيضهما الذي لاينضب ويغدقان علي بوابل من العاطفة والمحبة مما ساهم نشأتي واقبالي على العطاء...وانتقلت للاقامة بمنزل خالتي رحمها الله ورزقها الفردوس الأعلى .وبذلك افتتحت مرحلة جديدة في حياتي...وللحديث بقية
بنت النداوي
بنت النداوي
متابعه بشغف

القصة منقوله ام انتي صاحبتها !