اللي تقول بانتحر واتللي بتنحرف واللي ضاقت بها الدنيا

الأسرة والمجتمع

قصة أثرت في بقوة... وأشغلت تفكيري

تبدأ الشخصية روايتها بذكر مأساتها منذ نعومة أظفارها وحتى بلغت العشرين من العمر وهي تتنقل من سيء إلى اسوأ دون أن تيأس من روح الله ودون أن تغير شيئا من قناعاتها ومبادئها....

وهاهي الان جدة في الرابعة والخمسين من عمرها حافظت على شباب روحها ونمت شخصيتها بمثابرة وجد حتى وصلت إلى مستويات لانحلم نحن بها ونحن لم نعش عشر معاناتها (بل ولا حتى واحد في المائة منها) ولله الحمد والمنة ؟..

أبدأ سرد الحكاية بأسلوبي البسيط وبتصرف خفيف بغية التفكر والتدبر في مغزى هذه القصة الحقيقية:

ولدت فتاة في بيت منهار تماما اجتماعيا واسريا واقتصاديا ... بل وحتى أخلاقيا .. بين أب مدمن سابقا ... يعيش ماتبقى من حياته حارسا لاحدى المباني براتب بسيط... منزويا في ظل الضياع الذي لفه مع أول جرعة دمرت عقله.

وبين ام ضائعة لاتعرف عن أمانة الرعية ورعاية الأسرة سوى التمني والتشوف لما في ايدي الناس..أم لاتعرف البيت سوى للمبيت ...فقط...

وأخوة وأخوات ضاعوا في أزقة الضلال وشوارع الفشل... بعدم اكمالهم الدراسة الابتدائية لا لشي غير أنهم يريدون التفرغ للفراغ القاتل ....

ضياع وانهيار لأسرة في حي فقير ينتظرون مواسم الأعياد ومايحيط بها ليتذوقوا فيه ماتجود به أيدي الجيران من لحوم وحلوى ...

ولدت بطلتنا الخارقة في احدى ثغرات هذه الأسرة ... لكنها تميزت بالحكمة الجميلة ورسوخ المبادئ وجمال القيم... في شخصية ناقدة بصمت لكل ماتعايشه...
تحلم باكمال دراستها والمضي قدما في تطوير ذاتها.. (في وقت كان أهل الجاه والمال بل وبعض أهل العلم يعيبون فيه على من يترك المجال لبنياته في إكمال تعليمهن..)، كانت بطلتنا تصارع من اجل تحقيق حلمها فكانت الأولى دائما بين زميلاتها.. كانت المتميزة بالأدب والأخلاق والحياء فهي المترجمة حقا لتلك المبادئ والقيم التي تزخر بها الكتب ..

ولنا ان نتخيل كيف استطاعت بطلتنا الاستقلال التام عن تلك البيئة المتعفنة التي تحيط بها لتظهر امام مجتمعها المدرسي بتلك الشخصية المثالية...
ألم أقل لكم أنها بطلة...

وبعد حصولها على شهادة الكفاءة ... تفاجأت بهدية عجيبة تقدمها لها والدتها لاتخطر لكم على بال.. خمنوا ماكانت الهدية؟؟؟

زوج...نعم زوج لكنه رجل في الستين من العمر .. تتناهشه الأمراض وعلى رأسها السكر والضغط.. كما أن له باع طويييييل في ترويج المخدرات وادمان الخمور...!
ولكم أن تتخيلوا الصدمة التي اصيبت بها بطلتنا التي لم تتجاوز الخامسة عشر ربيعا..
سال لعاب والدتها أمام المال الذي قدمه الخنزير ثمنا لفلذة كبدها ... بل لأفضل فرد في العائلة... لم يقبل ببديلاتها من أخواتها الكبيرات ... لم يرضى بسواها... لطيب سمعتها...
لن اكمل الحديث عما دار بينها وبين بقية أفراد العائلة ليلة الزفاف.. فهو أمر اعتيادي بالنسبة لبطلتنا لم تستنكر منه شيئا حتى في كونها هي من زينت نفسها مرغمة ولم تجد من يهتم لها أوحتى لتجهيزها ...كعروس... لقد عوملت فعلا ككبش فدايفرح من حوله بذبحه...... ولايتألم لموته أحد .؟؟
لكنني سأذكر على عجل الطريقة التي استقبلها بها زوجها الكريم...الآنف الذكر...
فبمجرد أن أقفل الباب عليهما.. لم يتسع الوقت لديه سوى لتمزيق فستان عرسها بوحشية المفترس الجبان...ثم يرمي بنفسه على سريره كجيفة منتنة تفوح منها رائحة الخمر وعفنه..

خمس سنوات عاشتها معه لاتئن ولاتشكي وهي ترى هذا السكير العربيد يتفنن في تعذيبها بل ويتسلى بضربها بالسياط هي وأبناءه الذين أنجبتهم بعيدا عن حنان الأم ورعاية الزوج... تقسم أنها كانت تنام مع ولديه وابنتها وهي في وضع الجلوس... خوفا من غدره وبطشه... حرمها من كل شي بل وحتى من أبسط حقوقها... في الوقت الذي آلت على نفسها أن تكون أما صالحة لأبنائها .. وأن لاتعيد في أطفالها مآسي أسرتها...

وفي يوم الفرج ... تطاير الى سمعها صياح وضجة ميزت فيها من يناديها..

خرجت مسرعة إلى الشارع لتفاجأ بمنظر شفى غليلها ..

وقفت في موقف الشامت ... الحامد لربه.. وهي ترى الشرطة تقيد جلادها.. أعني زوجها... وقد ابيضت شفتاه من الرعب وارتجفت يداه الملطخة بالدماء..

تبين لها بعد ذلك أنه كان قد اختلف وقتها مع أحد زبائنه على سعر حشيشة عرضها عليه قتقاتلا بالسكاكين.. وكان صاحبها الأسرع في القتل والبطش بالطبع..

و لم يمضي أسبوع حتى جاءتها البشرى بموت جلادها في السجن (حتى قبل أن يحكم عليه )بأزمة صحية بسبب ارتفاع الضغط والسكر.....

عاد الأهل هنا في حياتها ليتسلطوا عليها مجددا.. لكنهم لاذوا بالفرار بمجرد أن علموا بديونه التي طغت على مطامعهم في إرثه...

طوت بطلتنا صفحات ماضيها البشع وبدأت تشق طريقها لحياة كريمة ليس لها وحدها وإنما ستسعى فيها جاهدة لأن تربي أبناءها تربية سليمة تنتشلهم فيها من الضياع المحقق..

اتخذت قرارها بحزم .. ستدفن الماضي بكل مافيه.. وستبدأ من جديد.. هاجرت ..

أقصد سافرت إلى مدينة لايعرفها فيها أحد واستأجرت غرفة صغيرة كانت هي كل بيتها... أثثتها بأثاث مستعمل يحتقر رداءته الفقراء .. كانت تضم أبناءها كل ليلة ليناموا على سرير واحد .. فيشعروا بسعادة لاتضاهيها سعادة ... وكأنهم يعيشون في أفخم قصور الدنيا.. فشتان مابين بيت ذلك العربيد .. وهذه الغرفة...

وكان لها من تباشير الفرج أن من الله عليها بجيران وقفوا معها وألفوها.. حتى يسر الله لها العمل كمستخدمة في ثانوية قريبة من بيتها.. أعني غرفتها.. ولن أحدثكم عن فرحتها بأول راتب لها...بل سنتكلم عن بداية معركتها مع الحياة..

فبعد أن استطاعت أن تنال حب واعجاب من حولها في تلك المدرسة الثانوية .. أقنعتها مديرتها بإكمال دراستها في تلك المدرسة (منازل)..

وكانت بدايتها مع التحاق أكبر أبنائها بالصف الأول الابتدائي.. فوزعت وقتها مابين الوظيفة والدراسة ومتابعة ولدها..وكانت المفاجئة للجميع تخرجها بامتياز بعد تلك السنوات العجاف...

كانت بداية مرحلة جديدة توظفت بعدها بوظيفة كاتبة .. وانتقلت الى شقة متكاملة.. أثثتها بأفضل اثاث تراه .. بقرض بنكي..

لم تتوقف همتها عند هذا الحد .. فأكملت تعليمها الجامعي ثم الماجستير ثم الدكتوراه وهي تترقى في وظيفتها حتى وصلت إلى أقصى ماتمنته في الحياة..

لم تنسى أمها خلال تلك الفترة بارسال المال لها بين فترة وأخرى حتى توفاها الله.. لكنها كانت تحرص على المقاطعة في نظرها من باب سد الذرائع وخوفا على أبنائها..( أسأل الله العظيم أن يغفر لها .. ولكل جواد كبوة...)

زوجت ابناءها وهم يتقلدون الآن أفضل الوظائف العلمية.. وأصر أكبرهم أن يعيش معها.. فهم يملؤون عليها حياتها بهجة وسرورا....
ماأحلاها من قصة..(منقولة بتصرف عن كتاب هكذا هزموا اليأس)
4
732

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

dianah840
dianah840
قصة بتبعث الامل في النفوس الضعيفة
دلع اطفال
دلع اطفال
شكرا لك الامل بالله كبير
سبيشل مول
سبيشل مول
قصه روووووعه و جزاك الله خير
سعادتي في قلبي
الله يجزيكن الجنة.. ويجعلنا وإياكم.. من المتفائلات دوما

الدنيا بخير.. ولايزال في الناس... خييييير كثييييير.. ولله الحمد.

هذه القصة ليست للنفوس الضعيفة فقط...

والله لقد أثرت بي(القصة الكاملة تجدونها في كتاب سلوى العضيدان(هكذا هزموا اليأس ص291))...أثرت بي .. فجعلتني أعيشها معها.. لحظة بلحظة...:22:

وحتى بعد أن انهيتها...كانت تقفز إلى مخيلتي كثيرا في أغلب الأوقات وخاصة..قبل النوم.. فأحلق معها بعيدا جدا.. :o

ثم أعود لأقارن حالها بحال أغلب طالباتي وقريباتي المتخاذلات ...الضعيفات جدا أمام أدنى فتنه؟؟؟؟ فأتحسر عليهن بزفرات حارة مؤلمة..

هذه القصة أخواتي... كتبتها لكم بأسلوبي الخاص .. لسببين رئيسين وهما:

الاختصار ....و التخلص من بعض المشاعر السلبية التي أحزنتني كثيرا لما تعايشت معها أثناء القراءة...:06:

كنت حريصة جدا على أن أعرض ايجابيات القصة بشكل سريع جدا ... لعلني أحقق هدفي المرجو منها..

هذا وتقبلوا خالص تحياتي وشكري