لئن شكرتم لأزيدنكم

ملتقى الإيمان


أيها الإخوة المؤمنون :
يقول الله تعالى : } الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم وسخر لكم الفلك لتجرى في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار * وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار * وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار {
هذا الاسـتعراض الرائع لنعم الله تعالى في الكون الفسيح الرحب ، شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً ، والتي نراها بأعيننا ، وتجرى عليها حياتنا ، سخرها الله للإنسان ، ليستفيد منها وينعم ، وتتوقف حياته عليها ويسلم ، ولا يستطيع العيش بدونها :
السماء والأرض ، والشمس والقمر ، والليل والنهار ، والبحار والأنهار ، والماء والثمار ، وجميع

( 2)
النعم التي تحيط به .. كلها نعم خلقها الله للإنسان ، وسخرها له وحده ، وجعلها في خدمته ، وتتكرر كلمة خمس مرات ، يقرن الله بها كل نعمة .
كلها خاضعة للإنسان كإنسان ، يستوي في الانتفاع بها المسلم والكافر ، والبر والفاجر ، ومن يعبد الله ومن يعبد غيره ... بل الإنسان نفسه نعمة : بصره نعمة ، وسمعه نعمة ، وقلبه نعمة ، وما يعلمه في نفسه وما لا يعلمه نعمة . يقول الله عز وجل : } والله اخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون { . وقال عز وجل : } ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة { .. وكل واحدة من هذه النعم تستوجب الشكر عليها ، والقيام بحقها ، والمحافظة عليها ، واستعمالها فيما خلقت له .
يقول الإمام ابن قيم الجوزية : الشكر هو نصف الإيمان ، فالإيمان نصفان : نصف شكر ونصف صبر ، وقد أمر الله به ، ونهى عن ضده ، وأثنى على أهله بأحسن الجزاء ، وجعله سبباً للمزيد من فضله ، وحارساً وحافظاً لنعمه ، وأخبر أن أهله المنتفعون بآياته ، واشتق لهم اسماً من أسمائه ، فإنه سبحانه هو الشكور ، وهو يوصل الشاكر إلى مشكوره ، بل يعيد الشاكر مشكوراً ، وهو غاية الرب من عبده ، وأهله هم القليل من عباده ، قال تعالى : } واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون { وقال : } واشكروا لي ولا تكفرون {
وقال عن نوح عليه السلام : انه كان عبداً شكوراً { ، وقال تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام : } إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفاً ولم يك من المشركين شاكراً لأنعمه {
.
أيها الإخوة المؤمنون :
يقول الله تعالى : } لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد {
فمن أراد أن يزيد الله في نعمه فليشكر الله : فمن شكر الله على ما رزقه وسع عليه في رزقه ، ومن شكر الله على صحته زاد الله في صحته ، ومن شكره على توفيقه للطاعة وفقه الله لكل طاعة .. أما من كفر النعمة وجحدها ، فلم يقم بواجب حقها فإن عذاب الله شديد ، بحرمانه منها ، وسلبه إياها في الدنيا والآخرة ، وعذابه له بعذاب لا قبل له به .


( 3)
والشكر هو الاعتراف بالنعمة والقيام بحقها . فمن أراد أن يشكر الله على نعمة البصر فليغض بصره عن الحرام ، ومن أراد أن يشكر الله على نعمة السمع فليكف سمعه عما يغضب الله ، ومن أراد أن يشكر الله على نعمة العافية فليصن جوفه عن أكل أموال الناس بالباطل ومن هنا نعى الله على أناس أكلوا خيره وعبدوا غيره ، وتقلبوا في فضله وشكروا سواه ، فقال سبحانه : } إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون{ وقال سبحانه : } وقليل من عبادي الشكور { وقال سبحانه : } ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلاً ما تشكرون { .
مع أن الإنسان إذا شكر الله فسيعود جزاء شكره إليه ، ولا يضيع عند الله مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء . قال تعالى : } ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم { غنى عن عباده وعن شكرهم ، وقال سبحانه : } إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد { وقال في الحديث القدسي : " يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً .
يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك في ملكي شيئاً .
يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا ادخل البحر "
أيها الإخوة المؤمنون : ـ
في مثل هذا اليوم والذي بعده تمر بنا ذكريات ندية عاطرة ليومين عظيمين من أيام التاريخ يوم الاستقلال ويوم التحرير ، حينما أخذت فلول الظلم والطغيان تجر أذيال الخيبة والانكسار .. يومان أشرقت فيهما شمس الحرية ، وعاد الحق فيهما إلى نصابه .
اننا لا نريد أن ننكأ الجراح ، ولا أن نستعيد المأساة التي قاساها شعب الكويت بصورها الحزينة الكئيبة ، على يد جار سوء ، لم يرع عهداً ولا ذمة ، بل عض اليد التي امتدت إليه بسخاء وكرم ، وتنكر لجميع المواثيق والأعراف الدولية ، والآداب الإسلامية الرحيمة .
وحسبنا الله ونعم الوكيل . ثم وقوف العالم كله وقفة رجل واحد إلى جانبنا ، ينبذ الظلم ، ويرفض العدوان ، ويرد الغاصب المحتل إلى حجمه الطبيعي ، ممقوتاً مدحوراً ، معزولاً عن بقية دول

( 4 )
العالم ، يتجرع مرارة الذل وآلام الحرمان .. اللهم لا شماتة .. وصدق رسول الله r حين قال : " إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، ثم قرأ : وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة ، إن أخذه أليم شديد " .
أيها الإخوة المؤمنون : ـ

ألا ما أحلى النصر ، وما أعظمه ، إنه نعمة من نعم الله تعالى لا تعادلها نعمة فالحمد لله .
الحمد لله الذي أعاد الوطن إلى أصحابه .. الحمد لله الذي رد الحق إلي نصابه .. الحمد لله الذي رد إلينا كرامتنا،وأعاد الينا حقوقنا . الحمد لله على نعمة الأمن والأمان .. الحمد لله الذي أذل عدونا .. الحمد لله الذي أعاد الكويت إلى مكانها على خريطة العالم .. الحمد لله ، نحمده ونشكره على نعمه.
والشكر ليس بالكلام ، ولكن بالعمل : فلنرحم كل ضعيف ، ولننصر كل مظلوم ، ولنعط كل محروم ، ولنكرم كل غريب ، ولنصن أنفسنا من الزهو والغرور ، والكبر والخيلاء .. لقد ابتليتم فصبرتم ، وأعطيتم فشكرتم ، وكنتم ضعفاء فقواكم الله ، وكنتم مظلومين فنصركم الله ، } واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض ، تخافون أن يتخطفكم الناس ، فآواكم وأيدكم بنصره ، ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون { .
هكذا أمرنا الله تبارك وتعالى . أن نقابل نعمة النصر بالتسبيح والتحميد والشكر ، فقال عز وجل : } إذا جاء نصر الله والفتح ، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كانا تواباً { .
وهكذا علمنا رسولنا r، فعندما فتح الله عليه مكة دخلها بتواضع وذكر ورحمة . فقد ذكر ابن اسحق في السيرة أن رسول الله r لما انتهى إلى ذي طوى وقف على راحلته ، وقد وضع رأسه تواضعاً لله حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح ، حتى لقد كادت لحيته r تمس واسـطة الرحل ـ و هكذا يكون الشكر على النعمة كما قال تعالى على لسان سليمان عليه السلام .
} هذا من فضل ربي ، ليبلوني أ أشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ، ومن كفر فإن ربي غني كريم { .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .





م/ن
دعوتكم لي

أسأل الله تعالى أن يفرج همي وهم المهومين وينفس كربي وكرب المكروبين ويقضي الدين عن المدينين ويشفي مرضانا ومرضا المسلمين يارب يارب يارب ..
18
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

$$شيهانة الخير$$
جزاك الله خير
الشررررسه
الشررررسه
جزاااك الله خير
أملي رضاك
أملي رضاك
الحمد لله وسلمت يداك اخيتي
أمامه
أمامه
جزاك الله خير
دلوعة دآدي
دلوعة دآدي
جزاك الله الفردوس الاعلى من الجنة