اول من دخل مكة ملبيا...

الملتقى العام

~~

ثمامة بن أثال الحنفي ، أحد ملوك العرب ، وسيد من سادات بني

حنيفة المرموقين ، وملك من ملوك اليمامة الذين لا يُعصى لهم أمر .



~§]§~

في السنة السادسة للهجرة عزم الرسول صلى الله عليه وسلم على أن

يوسع نطاق دعوته إلى الله ، فكتب ثمانية كتب إلى ملوك العرب والعجم

وبعث بهما إلى هؤلاء الملوك يدعوهم فيها إلى الإسلام ، وكان في جملة

من كاتبهم ثمامة بن أثال رضي الله عنه >

وتلقى ثمامة رضي الله عنه رسالة النبي بالاحتقار ، والإعراض ، وأخذته

العزة بالإثم ، فأصم أذنيه عن سماع دعوة الحق والخير ، وأغراه شيطانه

بقتل النبي صلى الله عليه وسلم ، ووأد دعوته في مهدها ، فدأب يتحين

الفرص ، للقضاء على النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن خيب الله سعيه

لكن ثمامة رضي الله عنه إذا كان قد كف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

فإنه لم يكف عن أصحابه ، حيثُ جعل يتربص بهم ، حتى ظفر بعدد منهم ،

وقتلهم شر قتلة ، لذلك أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه ، وأعلن

هذا في أصحابه ، أن هذا الرجل دمه مهدور .



~§]§~

عزم ثمامة بن أُثال رضي الله عنه على أداء العمرة ، على النمط الجاهلي ،

فانطلق من أرض اليمامة ، موليا وجهه شطر مكة ، وهو يمني نفسه بالطواف

حول بالكعبة ، والذبح لأصنامها ، وبينما كان ثمامة رضي الله عنه في بعض

طريقه ، قريبا من المدينة ، نزلت به نازلة ، لم تقع له في الحسبان ، ذلك

أن سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تجوس خلال الديار ،

خوفا من أن يطرق المدينة طارق ، أو يريدها معتد بشر ، فأسرت السرية

ثمامة بن أثال رضي الله عنه ، وهي لا تعرفه ، وأتت به إلى المدينة ، وشدته

إلى سارية من سواري المسجد ، ولم يكن هناك يومئذ سجن ، فإذا ألقي

القبض على إنسان ، يشد إلى سارية من سواري المسجد .

وانتظروا أمر النبي صلى الله عليه وسلم في شأن هذا الأسير ، ولما خرج

النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد ، وهم بالدخول فيه ، رأى ثمامة

رضي الله عنه مربوطا في السارية ، فقال لأصحابه :

" أتدرون من أخذتم ؟ "

قالوا : لا يا رسول الله .

قال صلى الله عليه وسلم : " هذا ثمامة بن أثال الحنفي "

ثم قال صلى الله عليه وسلم : "أحسنوا إسارَه".

ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى أهله ، وقال :

" اجمعوا ما كان عندكم من طعام ، وابعثوا به إلى ثمامة بن أثال " .

ليطعمه من طعام بيته ، فجمع من طعام أهله شيئا ، وأرسله إلى

ثمامة بن أثال رضي الله عنه ، ثم أمر بناقته أن تُحلب له في الغدو

والرواح ، وأن يُقدم لبنها إلى ثمامة بن أُثال رضي الله عنه .



~§]§~

بعد أن أكل ثمامه رضي الله عنه وشرب وشبع ، وشعر أن هذا من عند

النبي صلى الله عليه وسلم أقبل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، يريد

أن يستدرجه إلى الإسلام ، وهذه أخلاق الأنبياء ، وقال :

" ما عندك يا ثمامة ؟ "

فقال ثمامة رضي الله عنه :

( عندي يا محمد خير ، فإن تقتل تقتل ذا دم ، وإن تنعم علي بالعفو ،

تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال ، فسل تُعطَ منه ما شئت )

فتركه النبي صلى الله عليه وسلم يومين على حاله ، يؤتى له بالطعام

والشراب ، ويحمل إليه لبن الناقة ، ثم جاءه ثانية ، وقال صلى الله عليه

وسلم : " ما عندك يا ثمامة ؟ "

قال ثمامة رضي الله عنه :

( ليس عندي إلا ما قلت لك من قبل ، إن تنعم ، تنعم على شاكر

" لغى موضوع القتل " ، إن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال ،

فسل منه ما تشاء )

فتركه النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان في اليوم التالي ، جاءه

فقال : " ما عندك يا ثمامة ؟ "

قال عنـدي ما قلت لك :

( إن تنعم ، تنعم على شاكر ، وإن تقتل تقتل ذا دم ، وإن كنت تريد المال ،

أعطيتك منه ما تشاء )

فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى أصحابه ، وقال :

" أطلِقوا ثمامة " وفكوا وثاقه ، وأطلقوه .

غادر ثمامة رضي الله عنه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومضى

حتى إذا بلغ نخلا من حواشي المدينة ، قريبا من البقيع ، فيه ماء ، أناخ

راحلته عنده ، وتطهر من مائه ، فأحسن طهوره ، ثم عاد أدراجه إلى المسجد ،

فما إن بلغه ، حتى وقف على ملأ من المسلمين وقال :

( أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله )

ويتابع فيقول :

( يا محمد ، والله ما كان على ظهر الأرض وجه ، أبغض إلي من وجهك ،

ووالله يا محمد ، ما كان دين أبغض إلي من دينك ، فأصبح دينك اليوم

أحب الدين كله إلي ، ووالله يا محمـد ، ما كان بلد أبغض إلـي من بلدك ،

فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي )

ثم قال :

( يا محمد ، لقد كنت أصبت في أصحابك دما ، أنا قاتل ، فما الذي

توجبه علي ؟ )

فقال صلى الله عليه وسلم :

" لا تثريب عليك يا ثمامة ، فإن الإسلام يجُب ما قبله "

فانطلقت أسارير ثمامة رضي الله عنه وانفرجت وقال :

( والله يا محمد ، لأُصيبن من المشركين أضعاف ما أصبت من أصحابك ،

ولأضعن نفسي وسيفي ومن معي في نصرتك ، ونصرة دينك )



~§]§~

استأذن ثمامة رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يذهب

إلى العمرة وقال :

( يا رسول الله ، إن خيلك أخذتني ، وأنا أريد العمرة ، فماذا ترى أن

أفعل ؟ )

فقال صلى الله عليه وسلم :

" امضِ لأداء عمرتك ، ولكن على شِرعة الله ورسوله "

عمرة إسلامية ، لا وثنية ، وعلمه ما يقوم به من المناسك .

ومضى ثمامة رضي الله عنه إلى غايته ، حتى إذا بلغ بطن مكة وقف

يجلجل بصوته العالي ، قائلا :

( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمـد والنعمة لك والملك ،

لا شريك لك )

سمعت قريش صوت التلبية ، فهبت غاضبة مذعورة ، واستلت سيوفها من

أغمادها ، واتجهت نحو الصوت لتبطش بهذا الذي اقتحم عليها عرينها ،

ولما أقبل القوم على ثمامة رضي الله عنه ، رفع صوته بالتلبية وهو ينظر

إليهم بكبرياء ، فهم فتى من فتيان قريش أن يرديه بسهم ، فأخذوا على

يديه ، وقالوا :

ويحك أتعلم من هذا ، إنه ثمامة بن أثال ، ملك اليمامة ، فقتله يشعل علينا

نار حرب كبيرة ، وقال الناصح :

والله إن أصبتموه بسوء لقطع قومه عنا الميرة ، وأماتونا جوعا.

ثم اعتمر ثمامة بن أُثال رضي الله عنه على مرأى من قريش كما أمره

النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتمر ، وذبح تقربا إلى الله ، لا للأنصاب

والأصنام ، ثم قال لقريش :

( أقسم برب البيت ، إنه لا يصل إليكم بعد عودتي إلى اليمامة حبة من قمحها ،

أو شيء من خيراتها ، حتى تتبعوا محمدا عن آخركم )



~§]§~

وبالفعل مضى ثمامة رضي الله عنه إلى بلاده ، وأمر قومه أن يحبسوا الميرة

عن قريش ، فصدعوا لأمره ، واستجابوا له ، وحبسوا خيراتهم عن أهل مكة .

وأخذ الحصار الذي فرضه ثمامة رضي الله عنه على قريش ، يشتد شيئا فشيئا ،

فارتفعت الأسعار ، وفشا الجوع في الناس ، واشتد عليهم الكرب ، حتى خافوا

على أنفسهم ، وأبنائهم أن يهلكوا جوعا ، عند ذلك كتبوا إلى النبي صلى الله

عليه وسلم ، ورجوه أن يكتب إليه ، أن يفك عنهم هذا الحصار ، ، فكتب النبي

صلى الله عليه وسلم إلى ثمامة رضي الله عنه بأن يطلق لهم ميرتهم ، فأطلَقها .



~§]§~

ظل ثمامة بن أُثال رضي الله عنه ما امتدت به الحياة وفيا لدينه ، حافظا لعهد

نبيه ، فلما التحق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى ، طفق العرب

يخرجون من دين الله زرافات ووحدانا .

ولما قام مسيلمة الكذاب ، في بني حنيفة ، يدعوهم إلى الإيمان به ، وقف

ثمامة رضي الله عنه في وجهه ، وقال لقومه :

( يا بني حنيفة ، إياكم وهذا الأمر المظلم ، الذي لا نور فيه ، إنه والله لشقاء

كتبه الله عز وجل على من أخذ به منكم ، وبلاء على من لم يأخذ به )

ثم قال :

( يا بني حنيفة ، إنه لا يجتمع نبيان في وقت واحد ، وإن محمدا رسول الله

لا نبي بعده ، ولا نبي يُشرك معه )

ثم انحاز بمن بقي على الإسلام ، ومضى يقاتل المرتدين جهادا في سبيل

الله ، وإعلاء لكلمته في الأرض .

هذا ثمامة بن أُثال رضي الله عنه ، جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرا ،

وأكرمه بالجنة التي وعد بها المتقون .
3
4K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

witty&pretty
witty&pretty
الله اكبر
قصه رائعة
سبحان الذي هداه علشان كذا الواحد لا يجزم ان فلان مستحيل يهتدي
هذا ثمامه رضي الله عنه كان من عمالقة الكفر ومن اشد المحاربين للاسلام ربي هداه
فالهدايه بيد الله فليس من حقنا الحكم
والله قصته مشرفه
يعني منطقة الثمامه في الرياض سميت باسم هذا الصحابي
روووعه
رضي الله عنه
ثريا3
ثريا3
الله يجزاتس الجنه
موضوع مميز
وعلى فكره اسمه كله على اسم نباتات تنبت في نجد
الثمام و الوثال ( ثمامه بن أثال )
زهرة سرف
زهرة سرف
الله يجزاتس الجنه موضوع مميز وعلى فكره اسمه كله على اسم نباتات تنبت في نجد الثمام و الوثال ( ثمامه بن أثال )
الله يجزاتس الجنه موضوع مميز وعلى فكره اسمه كله على اسم نباتات تنبت في نجد الثمام و الوثال (...
ما شاء الله تبارك الله طرح في قمة الروعة

أتابك الله عليه وجعله الله في ميزان حسناتك

وغفر الله لك ولوالديك والمسلمين اجمعين اللهم امين

اللهم صل وسلم على حبيبنا وقدوتنا محمد ورضي الله

عن أصحابه الغر الميامين