شرح الصدور بالصلاة على الرسول - هلموا نصلي عليه عليه الصلاة والسلام -

ملتقى الإيمان

شرح الصدور بالصلاة على الرسول

الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، و بعد :
فإنه أحياناً يحتار العبد بين الذكر و الدعاء ، أيهما أولى .. يَدعو الله أم يَذكر الله ؟
و إذا ترجح عنده الذكر أخذته الحيرة مرة أخرى أيهما أفضل التسبيح أم الإستغفار ؟
أما المفاضلة بين التسبيح و الإستغفار فقد كفانا أبو الفرج " ابن الجوزي " الإمام - رحمه الله - الإجابة عن هذا الإشكال ، فقد سُئل - رحمه الله - :
أيهما أفضل التسبيح أم الإستغفار ؟
فقال: " الثوب الوسَخ أحوج إلى الصابون من البخور". اهـ ( ذيل طبقات الحنابلة ).
يشير " ابن الجوزي " إلى أن الاستغفار أفضل من التسبيح ، وعلة التفضيل عنده أن الاستغفار لمحو الذنوب بينما التسبيح لتحصيل الثواب ، فكان المناسب غسل الذنوب قبل تحصيل الثواب ، لأن التصفية قبل التحلية كما هو معروف .
أما أيهما افضل للعبد " الذكر أم الدعاء " ؟
فقد كفانا رسول الله - صلى الله عليه و سلم - الإجابة عن هذا الإشكال بحديث أخرجه الترمذي و أبو داود و النسائي بإسنادٍ حسنٍ صحيح :
( عن أبي بن كعب رضى الله عنه قال : قلت يا رسول الله أني أُكثر من الصلاة عليك فهل أجعل لك ربع الصلاة ؟ قال : " ما شئت و لو زدت فهو خيرٌ لك " ، قال : أجعل لك ثلث الصلاة ؟ ، قال : " ما شئت و إن زدت فهو خيرٌ لك " ، قال : أجعل لك نصف الصلاة ؟ ، قال : " ما شئت و إن زدت فهو خيرٌ لك " ، قال : أجعل لك كل صلاتي أو جميع صلاتي ؟ ، قال : " إذاً تُكفى همك و يُغفر لك ذنبك " ) اهـ
و المراد من قول أبي بن كعب - رضى الله عنه - " أجعل لك كل صلاتي ؟ " يعني : دعائي .
فالصلاة هي الدعاء ، يقول الله عز و جل : { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ } فسئل أبي بن كعب الرسول - صلى الله عليه و سلم - أن يجعل الصلاة عليه - صلى الله عليه و سلم - بدلاً من وِرّده من الدعاء و طلب المغفرة و سؤال الجنة ..... ألخ ، فأخبره الرسول - صلى الله عليه و سلم - إنك إن فعلت ذلك كفاك الله همك و غفر لك ذنبك " إذاً تُكفى همك و يُغفر لك ذنبك " .
فيمكن المسلم أن يكتفي بملازمة الصلاة على الرسول - صلى الله عليه و سلم - عوضاً عن الدعاء ، و يكون بذلك حصّل فضيلة الذكر و الدعاء معاً ، إذ الصلاة عليه - صلى الله عليه و سلم - تشمل فضل الذكر و الدعاء لأنه قال لأبي بن كعب : ( إذاً تُكفى همك ) و هذا متعلق بما كان سيدعو به مِن كل ما يهمه من أمر الدنيا و الآخرة ، ثم تأتي بركة الصلاة على الرسول - صلى الله عليه و سلم - فيُغفر له ذنبه و هو الذي يحصله العبد من الإستغفار .
فالخلاصة : أن الصلاة على الرسول - صلى الله عليه و سلم - مشتملة على فضل الذكر و الدعاء و الإستغفار .
يقول الطيبي - رحمه الله - : و قد تقرر أن العبد إذا صلى مرةً على النبي - صلى الله عليه و سلم ـ صل الله عليه بها عشرة ، و أنه إذا صلى على النبي - صلى الله عليه و سلم - دخل في زمرة الملائكة المقربين في قوله تعالى : {إِنَّ اللهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلونَ على النَّبِيِّ يَا أَيُّها الّذينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَليْهِ وَسَلِّمُوا تَسْليمًا } . أهـ
و أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - قال : " من صل الله علي واحده صل الله عليه بها عشراً "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : من صل الله عليه كفاه همه ، و غفر له ذنبه . أ هـ
و عند أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم - : " رَغِمَ أنف رجل ذكرت عنده وفلم يصل علي"
قال المناوي - رحمه الله - : أي لحقه ذلٌ و خذيٌ مجازاة له على ترك تعظيمي ، و خاب و خسر من قدر ان يَنطق بأربع كلمات توجبه لنفسه عشر صلوات من الله ، و رفع عشر درجات ، و حط عشر خطيئات فلم يفعل ، لأن الصلاة عليه عبارة تعظيمه ، فمن عظمه عظمه الله ، و من لم يعظمه اهانه الله ، و حقر شأنه . أ هـ
و معنى الصلاة على الرسول - صلى الله عليه و سلم - :

قال تعالى : { إِنَّ اللهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلونَ على النَّبِيِّ يَا أَيُّها الّذينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَليْهِ وَسَلِّمُوا تَسْليمًا } .

فالصلاة من الله سبحانه : ثناؤه عليه في الملأ الأعلى ، و العناية به و إظهار شرفه ، و فضله و حرمته ، و إرادة تكريمه و تقريبه .
يقول ابن كثير - رحمه الله - :
المقصود من هذه الآية أن الله سبحانه و تعالى أخبر عباده بمنزلة عبده و نبيه في الملأ الأعلى ، و أنه أثنى عليه عند الملائكة و المقربين ، و أن الملائكة تصلي عليه ، ثم أمر تعالى أهل العَالم السفلي بالصلاة و التسليم عليه ليجتمع الثناء عليه من أهل العَالمين العُلوي و السُفلي جميعاً . أ هـ
صفة هذه الصلاة :
عن أبي حميد الساعدي - رضى الله عنه - أنهم قالوا : يا رسول الله كيف نصلي عليك ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه و سلم - : " قولوا : اللهم صل على محمد و أزواجه و ذريته كما صليت على آل ابراهيم ، و بارك على محمد و أزواجه و ذريته كما باركت على ابراهيم انك حميد مجيد " . ( متفق على صحته ) .

فصلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم .

و كتب
أبو صهيب وليد بن سعد
ــــــــ
مراجع للتوسع :
جلاء الافهام في الصلاة والسلام على خير الأنام - ابن القيم
زاد الميعاد لابن القيم
10
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

النارده
النارده
اللهم صل وسلم عليك يارسول الله
أخت صاحـب السمو
اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد
*الغــــلا*
*الغــــلا*
جزاك الله خيرا
طموحي لله ولية ،،
الله يسعد قلوبكم ويشرح صدوركم

اليوم ساعة اجابة قبل المغرب لا تنسوا تحريها والاجتهاد فيها بالدعاء ..
بريق الألمآس ..
جزاك الله خير