لمن لا تعرف ( زينب الغزالي ) رحمها الله !

الملتقى العام

الحاجة زينب في سطور

رحلت عن عالمنا الداعية المجاهدة زينب الغزالي بعد حياة حافلة بالعطاء في خدمة الإسلام و المسلمين.



وكانت الحاجة زينب- رحمها الله - من الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين فلقد كانت أول امرأة مصرية تحمل على عاتقها عبء دعوة الإخوان المسلمين فلاقت في سبيلها الأذى واعتقلت في عهد جمال عبد الناصر فصبرت حتى لاقت ربها غير مبدلة ولا مفرطة.



ووفاءً من موقع "إخوان أون لاين" لهذه المجاهدة العظيمة التي خدمت الدعوة الإسلامية لأكثر من ستين عامًا أن نفرد لها هذا المكان المتواضع الذي لا يوفيها حقها نتعرف فيه على حياتها وجهادها وما عانته في سبيل دعوتها رحمة الله عليها.



التعريف بها

زينب محمد الغزالي الجبيلي ولدت في 2 من يناير سنة 1917م، ونشأت بين والدين ملتزمين بالإسلام ووالدها من أهل القرآن من قرية "ميت يعيش" بالدقهلية مصر وغلب على الأسرة العمل بالتجارة.



تعلمت في المدارس الحكومية، وأخذت علوم الدين والقرآن والحديث والفقه وعلومهما على الشيخ عبد المجيد اللبان وكيل الأزهر الشريف، والشيخ محمد سليمان رئيس قسم الوعظ بالأزهر، والشيخ علي محفوظ وتأثرت بالشهيد حسن البنا والأستاذ الهضيبي في سلوكهما فكانت شجاعة أبية صابرة متفانية محبة لدينها.



عملها ومؤلفاتها

من مؤسسي المركز العام للسيدات المسلمات ومسئولة الأخوات المسلمات في جماعة الإخوان المسلمين وتولت رئاسة المركز سنة 1356هـ - 1936م بهدف نشر الدعوة.



ألفت من الكتب: أيام من حياتي، نحو بعث جديد، نظرات في كتاب الله، مشكلات الشباب والفتيات، إلى ابنتي، وتحت الطبع "أسماء الله الحسنى" ولها العديد من المقالات في الصحف والمجلات العربية والإسلامية وقد طافت الكثير من البلدان الإسلامية وشاركت ومثلت المرأة المسلمة في كثير من المؤتمرات والمنتديات.



صلتها بدعوة الإخوان
شعار الإخوان


بدأت صلتها بالإخوان عام 1357هـ - 1937م، وبعد تأسيسها لمركز السيدات المسلمات بستة أشهر اقترح عليها الإمام الشهيد – رحمه الله – رئاسة قسم الأخوات المسلمات عند الإخوان ورفضت في البداية بناءً على رفض أخواتها من العضوات المؤسسات لكنهن أبدين بعد ذلك التعاون والتنسيق مع الجماعة.



لكن بعد أحداث 1948 وصدور قرار حل جماعة "الإخوان المسلمين" أرسلت برقية نيابة عن أخواتها للإمام الشهيد حسن البنا تبايعه فيها على العمل للإسلام وتعبيد نفسها لله في سبيل خدمة دعوته، وحينئذ أصبحت عضوة في جماعة الإخوان المسلمين.



زينب الغزالي وثورة 1952م المصرية

تعاطفت زينب الغزالي مع الانقلاب والثورة في بدايتها وقت أن كانت القيادة بيد اللواء محمد نجيب كما أيدها – السيدات المسلمات – وكان ذلك لفترة قصيرة تغيرت رؤيتهن بعد ذلك بسبب إحساسهن أن الأمور لا تسير على ما يرام، وأنها ليست الثورة المنتظرة التي تقيم حكم الله، ومرت الأيام وسقط القناع عن وجه الثورة بقيادة عبد الناصر وظهر عداؤه للإسلام في شخوص رجاله وصدور الأحكام البشعة بالإعدام على العلماء الأبرار.



مواقفها السياسية
الشهيد عبد القادر عودة


كان أول تكليف لها من الشهيد حسن البنا هو الوساطة بين الإخوان والنحاس باشا وإزالة سوء التفاهم بينهما وكان الوسيط المرشح من قبل النحاس هو الأستاذ أمين خليل.



وقد رفضت طلبًا لعبد الناصر حاكم مصر بمقابلتها، قائلة: "أنا لا أصافح يدًا تلوثت بدماء الشهيد عبد القادر عودة" فكانت بداية العداوة فلاقت من التعذيب والسجن ما لاقت على يد زبانية جمال عبد الناصر، ثم دبروا لاغتيالها في حادث سيارة أسفر عن كسر فخذها ثم حاولوا تجنيدها في الاتحاد الاشتراكي وإغراءها بالمناصب وعرضوا عليها أن تصبح مجلة "السيدات المسلمات" تحت إشراف وتوجيه الاتحاد الاشتراكي وكانت الحاجة زينب صاحبة الامتياز ورئيسة التحرير آنذاك وقدروا مقابل ذلك ثلاثمائة جنيه راتباً شهريًا لها مع تدعيم المركز والمجلة بعشرين ألف جنيه سنويًا إلا أنها رفضت كل هذا، ثم صدر قرار الحكومة رقم 132 بتاريخ 6/9/1964م بحل المركز، وإيقاف إصدار مجلة "السيدات المسلمات" ولكنها أبت كل التهديدات إلا أن يكون العمل لله وحده.



في رحاب السجون

بعد أن عرفوا أن حركة فكرية يقودها سيد قطب وقدمت المخابرات الأمريكية والروسية والصهيونية التقارير التي توحي بخطر هذه الجماعة على الثورة وأن هذه الحركة ستقضي على كل فكر مغاير للإسلام، وفي أوائل أغسطس 1965م بدأت الاعتقالات فاعتقلت الحاجة زينب الغزالي في 20/8/1965م وأخذوا كل ما في خزينتها ومكتبتها.



دخلت السجون فلاقت فيها من الصلب والصعق بالكهرباء والتهديد بهتك العرض والتعليق في السقف والضرب بالسياط وإطلاق الكلاب المتوحشة والنوم مع الفئران والحشرات والحرمان من الطعام والشراب وانتهاك الكرامة والإنسانية والآدمية فضلا عن السب بأفحش الألفاظ وإغراق الغرف والزنازين المقيمين فيها بالماء، كل ذلك وهي محتسبة وثابتة وتردد الدعاء "اللهم اصرف عني السوء بما شئت وكيف شئت" فألهمها الله السكينة والصبر على البلاء، ورغم ذلك لم تتخلى عن ولائها لله ودعوته، وكان بإمكانها في هذا الوقت أن تقول نعم مثل الذين قالوا وتؤيد الطاغية لتحظى بنعيم الدنيا الزائل لكنها أبت وباعت نفسها لله لتشتري جنة عرضها السموات والأرض.



مواقفها الإنسانية

بعد أحداث 1954م البشعة التي صدر فيها أحكام بالإعدام والسجن والتشتيت لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين رفعت الثكالى والأرامل ضحايا الطغيان والظلم الأصوات مستغيثين دون مجيب أو مغيث ينقذ هؤلاء الذين لا عائل لهم، وكان عدد المعتقلين والمسجونين يقرب من مائة ألف لكن هذه المجاهدة انبرت مع مجموعة من السيدات الفضليات المجاهدات وجندن أنفسهن لدعوة الله - سبحانه وتعالى - ورعاية أسر هؤلاء المقهورين بدافع من أنفسهن فلم يبخلن بأي جهد أو وقت في التبرع من مالهن الخاص وجمع التبرعات من القادرين الخيرين مواساة وتخفيفًا عن هؤلاء.



مدير أعمالها يفتح خزائن أسرارها
أ. بدر محمد بدر


(إخوان أون لاين) أجرت حوارًا في السابق مع الأستاذ بدر محمد بدر السكرتير الخاص بها ومدير أعمالها الذي اقترب من الحاجة زينب أكثر من خمسة عشر عامًا، خلال عمله معها ليسطِّر لنا قطرات من بحر حياة زينب الغزالي، فإلى تفاصيل الحوار.



* بدايةً.. نود أن نتعرف على الصلة الكريمة بينكم وبين الحاجة زينب الغزالي كيف تمَّت؟ ومتى نشأت؟

** تعرفتُ على الداعية زينب الغزالي من خلال قراءتي لكتبها، خاصةً كتاب (أيام من حياتي) عندما صدر في منتصف السبعينيات، وقتها كنتُ في الجامعة في هذه المرحلة، والكتاب كان صدمةً لأمثالي من الشباب الذين لم يتصوروا حدوث هذا الكم الهائل والغريب من التعذيب، خاصةً أنه ضد امرأة!! فالرجل لا يتحمل أن يرى امرأةً تُنتهك أو تُهان، فكيف بامرأة تعمل في مجال الدعوة الإسلامية؟! وكان لهذا تأثيرٌ هائلٌ، وتمنَّيْت أن أتعرَّف على هذه الشخصية وأقترب منها وأتعرَّف على المزيد من الأحداث التي مرت بها، وبالفعل بعد تخرجي وعملي في مجال الصحافة التقيت بها في حوار صحفي، ثم توطدت العلاقة بعد ذلك فكنتُ أرافقها في بعض الأسفار خارج مصر، وأقوم بأعمال السكرتارية لها في القاهرة لمدة تزيد عن 15 عامًا، وبالتالي توثقت علاقتي بها واقتربت منها أكثر، وأدركت أن ما نشر في كتاب (أيام من حياتي) كان جزءًا من الحقيقة، ولم يكن الحقيقيةَ كاملةً؛ لأن الحقيقة كانت أكبر وأعنف مما ذكر في الكتاب.



* كيف كانت نشأة الحاجة زينب الغزالي؟ وأين؟

** السيدة زينب الغزالي وُلِدت عام 1917م في شهر يناير، وهو نفس العام الذي وُلد فيه الشيخ محمد الغزالي، ووُلد فيه الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، وكان الميلاد في قرية تُسمى "ميت يعيش" مركز ميت غمر – بمحافظة الدقهلية، وهذه القرية تبعُد تقريبًا حوالي90 كيلو مترًا عن القاهرة، ونشأت لأبوين كريمَين الشيخ محمد الغزالي وكان عالمًا أزهريًّا، لكنه لم يعمل في مجال الدعوة الإسلامية، فكان يعمل بتجارة القطن، وكانت هذه التجارة هي الرائجة في هذا الوقت، وكانت والدتها ابنةً لعمدة القرية وما جاورها، وكان ترتيب الحاجة زينب في الميلاد بعد أربعة من الأبناء لأبيها، فكانت أول بنت، فحظيَت بعنايةٍ خاصةٍ، وكان والدها- رغم صغر سنها- يأخذها معه في الجلسات التي يحضرها لكبار القرية والشخصيات الهامة، وكان يُشعرها دائمًا أنها "السيدة زينب"، وبالتالي لا يليق بها أن تلعب مع الفتيات أو تعلم أعمال المنزل، فكان يشجِّعها على أن تكون شخصيةً لها دورُها في المجتمع والحياة، وكان يقرأ لها سير الصحابيات، وعلى الأخص السيدة نسيبة بنت كعب المازنية، وكان يعطيها سيفًا خشبيًّا، ويقول لها هيَّا اذهبي لتدافعي عن رسول الله، فتأخذ السيف وهي صغيرةُ السن وتظن أنها مكلَّفة بالدفاع عن رسول الله، فنشأت هذه المعاني في ذهنها، وظلت هي المحور الذي تدور حوله في حياتها، ورغم أن والدها تُوفي سنة 1928م؛ جرَّاء انتكاسٍ حدَث له في تجارة القطن فخَسِر فيها تجارتَه، وكان عمرها في ذلك الوقت أحد عشر عامًا، إلا أن هذا التأثير القوي العميق لشخصية زينب الغزالي ظل هو المحور الذي تدور حوله إلى الآن.




* ما حقيقة أن نسبها يمتد إلى الصحابة؟

** بالفعل هي قالت إن نسبها من جهة والدها يمتد إلى عمر بن الخطاب، ومن ناحية والدتها يمتد إلى الحسن بن علي، وكانت تقول إن أحد الأمراء الذين فتحوا مصر كان يُدعي الأمير الجبيلي، وربما هناك إحدى القرى في الشرقية تُدعى قرية (الجبيلي)، وكان من بين الأمور التي أثَّرت في حياتها أن والدها رأي رؤيةً عبارة عن أنه كان يحملها ثم سقطت منه على الأرض، وعندما همَّ بالتقاطها وجدَها لم تصل إلى الأرض ووجد من يرفعها ويعطيها له، ويقول له: أنا جدُّها عمر بن الخطاب، فظلَّت هذه الرؤية تؤثِّر بشكل كبير فيها، وعاشت تدافع عن الإسلام.



رسالة للآباء والأمهات

* ما الدروس المستفادة من هذه التربية والنشأة؟

** الدرس هو أن الآباء والأمهات عليهم أن يغرسوا في الأطفال حبَّ المسئولية، وأن لهم رسالة، وأنهم منوط بهم دورٌ مهمٌّ، وأن يُحبِّبوهم في هذا الطريق بأن تصبح داعيةً، ولقد رأيت بنفسي إحدى الفتيات تتصل بـ"زينب الغزالي" في فترة من الفترات، وتقول لها إن والدتي تُوفيت لكنها كانت دائمًا تقول لي أتمني أن تكوني مثل زينب الغزالي، فأنا أريد أن أعرف من هي زينب الغزالي، وهذه الفتاة ما زالت على صلةٍ بها الآن، وهي تدرس في الأزهر، وهذا من تأثير أن يكون للأب والأم قضيةٌ يندِبوا أبناءهم للعمل فيها ومن خلالها.



* كيف قضت فترة الصبا والشباب، خاصةً أنها مُنعت من التعليم من قِبَل شقيقها الأكبر؟

** في فترة الصبا والنضح كان والدُها يشجِّعها على أن تتحدث في مجالس القوم، وكانت لها خطبةٌ ترحيبيه لضيوف والدها، وكان يحملها على كتفيه وهي بنتٌ صغيرةٌ؛ لترحب بهم، وكان هذا التأثير هائلاً في حياة زينب الغزالي، فخرجت بعد وفاة والدها للمدارس والتعليم، وكانت فصيحةً وتتحدث دائمًا في طابور الصباح، وتُلقي بعض الكلمات والأناشيد، فهذا كان يثير حفيظة أشقائها، وبالتالي عندما توفِّي الوالد لاقَت كثيرًا من الضغط من شقيقِها سعد الدين الغزالي- الشقيق الأكبر لها- وكان مهندسًا ولكنه تُوفِّي في السبعينيات، وكان موكلاً برعاية الأسرة بعد وفاة والده، فعندما دخلت المرحلة الثانوية خرجت منها بناءً على طلبه، ولكنها لم تسكت، وحاولت أن تكتب وتقرأ وتتثقَّف ثقافةً عامةً، وهذا أهَّلها لأن ترسل بعض الرسائل الشهيرة في ذلك الوقت، مثل رسالتها للكاتب الكبير عباس محمود العقاد، وردَّ عليها وهي مازالت في سن صغير، وكانت تبحث دائمًا عن أن يكون لها رسالةٌ في الحياة.



وكانت لا تدخل المطبخ حسب طلب والدها، ولا تقوم بأعمال البيت، وبعد ذلك جاءوا من القرية إلى القاهرة بعد وفاة الوالد، واستقروا في حي السيدة زينب، وفي هذه الفترة أعلنت هدى شعراوي- رئيس الاتحاد النسائي- عن مسابقة لاختيار ممرضات يذهبْن إلى فرنسا لتعلم التمريض ويَعُدن إلى مصر لممارسة المهنة، وتقدمت زينب للاشتراك والتقت بهدى شعراوي، وعندما علمت أصول عائلتها رفضت سفرها؛ لأن هذه الدورات للفقيرات فقط، لكنها لمحت فيها ذكاءً وشخصيةً قويةً، فطلبت منها أن تنضم إلى الاتحاد النسائي وهي بنت السابعة عشر عامًا، بل إنها سرعان ما اختارتها عضوًا في مجلس إدارة الاتحاد، وكان الاتحاد يضم زوجات كبار شخصيات الدولة، ما بين لواءات ووزراء ومسئولين، وبالتالي كان وجود شخصية صغيرة السن أمرًا مثيرًا..!!



لكن كانت هدى شعراوي تدعمها وتُشعر أنها خليفتها، وكُلِّفت بعد ذلك من قِبَل هدى شعراوي ومعها سيدتان أخريان وهما حواء إدريس وسيزا نبراوي لحضور حلقات في الأزهر تتحدث عن دور المرأة في الإسلام، وكانت هذه المرحلة هي من المراحل الهامة في حياة زينب الغزالي؛ حيث بدأت تستمع إلى العلماء وإلى الشيوخ، وطلب منها الشيخ المتحدث في هذه الحلقات أن تنتظر حتى ينتهي هو من محاضراته على مدى عدة أيام، ثم يعطيها الفرصة لتعلِّق على هذه المحاضرات بما ترى أنها تؤيد أو ترفض ما يقول، وبالفعل انتظرت حتى انتهاء المحاضرات، لكنها شعرت أن هذه المحاضرات أثَّرت فيها، وأنها بدأت تكشف لها عن بعض الجوانب الإسلامية التي أحبتها، وبالتالي انفعلت أكثر بهذه المحاضرات، وبدأت تتعرَّف على الكثير من علماء الازهر، ثم كانت تتقلَّب بين أن تستمر في الاتحاد النسائي وبين أن تبحث عن مجال آخر، إلى أن حدث حادث شخصي لها بأن قامت والدتها بالضغط عليها لتعلمها كيف تطبخ وتنظف البيت، لكنها أخطأت في إشعال الموقد فاشتعلت النار في جسدها كله ونُقِلت إلى المستشفى؛ لكنها نذَرت لله نذرًا إن خرجت من هذا الحريق بلا أثر في وجهها وفي جسمها أن تتفرَّغ للدعوة الإسلامية، وأن تؤسس عملاً للدعوة الإسلامية، وكانت هذه نقطة تحوُّل أساسية هي مؤهَّله لها، لكنها كانت تنظر إلى الكيفية.



وبالفعل عقدت العزم وهي في هذا المرض أن تؤسس عملاً للدعوة الإسلامية، وبالفعل أعدت مسودَّة جمعية السيدات المسلمات كأول جمعية إسلامية نسائية تعمل في مجال الدعوة الإسلامية وتعمل في زيادة الوعي الإسلامي، وكان ذلك في ربيع الأول 1356 هـ= 1937 م، وكان عمرها في ذلك الوقت حوالي عشرين عامًا، ونذرت ألا تتزوج حتى تحقق طموحها في إشهار هذه الجمعية ودعمها، وأعلنت عن تأسيس هذه الجمعية من كلية الشريعة بالأزهر بالدراسة، وكانت في هذا الوقت على صلة بعدد من علماء الأزهر، منهم الشيخ مأمون الشناوي- الذي أصبح شيخًا للأزهر بعد ذلك- وبالفعل بدأت هذه الصلةُ تقوي بينها وبين الكثير من علماء الأزهر الذين ساعدوها في استكمال الجوانب الثقافية والعلمية الإسلامية من الحديث والسيرة والتاريخ، وما إلى ذلك، وهذا ما شجعها على أن تواصل الدور الإسلامي الذي استشعرت أهميته بعد ذلك.


الإمام حسن البنا


* يقال إن الإمام حسن البنا- رحمه الله- هو الذي عرض على الحاجة زينب الغزالي الانضمامَ إلى جماعة الإخوان المسلمين بعد إنشائها جمعية السيدات المسلمات..!!

** التقت الحاجة زينب الغزالي بالإمام الشهيد ربما سنة1940م أو1941م، هي لا تذكر تحديدًا التوقيت بالضبط، وكانت قد سمعت عن دعوته لكن لم يكن الاحتكاك قويًّا.. إنما أرسل لها من يطلبها لكي تلتقي به، وقال لها انضمي إلى دعوة (الإخوان) وتصبحي مسئولة عن قسم الأخوات المسلمات، لكنها كانت تشعر أن هذه الجمعية هي نبضات قلبها وحبَّات عرقها، لا تريد بها شيئًا آخر، فافترقا على أن يعمل كلٌّ في مجاله، لكن الشيخ حسن البنا كان يتابعها ويتابع أعمالها إلى أن كان اللقاء الأخير في سنة 1948م قبل استشهاد البنا ببضعة أشهر قالت له: إنني جئت إليك الآن عارية من كل شيء إلا ارتباطي بالإسلام وبايَعَتْه على أن تعمل معه، وأن تحل جمعية السيدات المسلمات، لكنه أشار عليها أن تُبقي على الجمعية؛ لأن الحاجة إلى الجمعية أقوى من حاجته إليها في المرة السابقة، وبالفعل تسارعت الأحداث إلى أن استُشهد حسن البنا، وكانت تشعر أن الأفضل لها أن تبدأ معه قبل ذلك حتى يكون العمل معه أكثر تأثيرًا.



مراحل من المحن

* هل ذلك يدل على استقلال الفكر النسائي في ذلك الوقت؟

** هو طلب منها ذلك لأن الإخوان كانوا قد دخلوا في هذه الفترة في مراحل من المحن، وكانت ظهرت قضية (السيارة الجيب)، وبعض أحداث الاغتيالات، ويدخلون في صدام مع الحكومة، فربما كان يرى أن بقاء الجمعية سوف يكون له دورٌ رسميٌّ أو غيرُ رسميٍّ على الساحة، فيضيف إلى العمل الإسلامي باعتبار أن الجماعة كانت مقبلةً على فترة عصيبة من قبل أن تفقد هذا المنبر.



* كان ذلك قبل حل الجماعة أم بعدها؟

** كان قبل حل الجماعة.



* كيف كان نشاط جمعية السيدات المسلمات في تلك الفترة؟

** تقول إن الجمعية انتشرت في تلك الفترة، وأصبح لها فروع كثيرة، وصلة زينب الغزالي بعلماء الأزهر أتاحت لها فرصة العمل من خلال المساجد القاهرية والمساجد في المحافظات بشكل كبير، فكانت لها دروس أسبوعية في مسجد أحمد بن طولون، ومسجد الإمام الشافعي، والأزهر الشريف ومساجد هذه المنطقة، واستطاعت أن تؤسس لجمعية السيدات المسلمات بعض العمل المؤسسي، منها أنها أنشأت مشغلاً للفتيات، ومعهدًا للوعظ، وكان يلتحق به الواعظات لمدة ستة أشهر للدراسة الشرعية ثم تنطلق للتدريس والخطابة، ووصل عدد فروع الجمعية إلى 119 فرعًا على مستوى الجمهورية، وكان أغلب هذه الفروع في القاهرة، وبالتالي ارتبطت في هذ الفترة ببعض شيوخ الأزهر كالشيخ محمود أبو العيون، والشيخ عبد ربه مفتاح، والشيخ عبد المجيد اللبان، والشيخ مصطفى المراغي، والشيخ مصطفى عبد الرازق.



* ولكن في فترة الأربعينيات كان خروج المرأة من بيتها قليلاً، فكيف انتشرت الجمعية وانتشر نشاطها؟

** كانت هناك دعوات من الاتجاهات العلمانية والاتجاهات غير المتدينة بأن يكون للمرأة دور في الحياة، فكانت الحاجة زينب تستفيد من هذه المساحات فكان هناك مستويات للمرأة تتعامل مع القضايا العامة، بل إنها كانت تخرج أحيانًا في مسيرات نسائية كمسيرة 1953م للردِّ على مؤتمر السلام الذي عُقد في فيينا في ذلك الوقت، ونُشِرت صور المسيرات بصحيفة (الأهرام)، فكانت هناك قطاعات من النساء تتحرك مع هذه الجمعية ولكن ليس ببنفس الحال الذي نحن عليه الآن.



* بعد حل جماعة الإخوان واستشهاد الإمام البنا.. كيف كان رد فعل السيدة زينب حول تلك الأحداث؟

** هي شعرت أن الدعوة الإسلامية مقبلةٌ على مِحَن، ولا بد أن يكون لها صوت فأسَّست مجلة السيدات المسلمات سنة 1951م، وكانت تصدر شهريةً، ثم توقفت فترةً، ثم أعيدت مرةً أخرى حتى أوقفها عبد الناصر عام 1957م، وكانت تقوم بدور اجتماعي في فترة الخمسينيات.



* بذلك بدء العداء مع عبد الناصر رغم أن الحاجة زينب كانت مؤيدة لانقلاب 1952م..؟!

** الكل أيَّد الانقلاب في البداية؛ لأن الشعب كان يرغب في التغيير والتحرر من هذا الفساد وهذه الملكية التي وصلت إلى مرحلة الضعف، ولكنها كانت أسرع المهاجمات للثورة حتى طلب منها المرشد العام المستشار حسن الهضيبي أن تكفَّ قليلاً عن الهجوم عن الثورة؛ حتى لا يتم تضييق الخناق على الجماعة، وإني رأيت بنفسي كيف كانت تهاجم الإنجليز في مصر، وكيف كانت تهاجم القصر الملكي والأحزاب العملاء، وكيف كانت تهاجم الثورة على تنصُّلها من الديمقراطية وحقوق الإنسان والتزامها بتطبيق الشريعة، وكيف كانت تهاجمها وبضراوة شديدة جدًّا، ونجحت في أن تؤسس عملاً إعلاميًّا في هذه الفترة، وامتدَّ هذا النشاط حتى عام 1954م بعد محنة الإخوان الذين أُضيروا في هذه المِحَن، وتعطيهم من الدعم المادي والعيني ما يجعلهم بعيدين عن الضغط السُّلطَوي.



وزارة ائتلافية

* رغم اتجاه الحاجة زينب إلى الطريق الإسلامي والدعوي إلا أن أختها كانت ناصرية وتعشق جمال عبد الناصر.. كيف تفسر ذلك؟!

** كان أسرة الحاجة زينب الغزالي تشكِّل وزارةً ائتلافية؛ لأنها جمعت أشتاتًا من المتاقضات، فكان لها شقيق وهو محمد الغزالي كان ينتمي إلى الإخوان المسلمين، وينتمي في نفس الوقت إلى الجمعية الشرعية ولكنه يؤمن بفكر الإخوان المسلمين، وكان لها شقيق يساري وهو عبد المنعم الغزالي وكان صحفيًّا بجريدة الأهرام، ولكنه في أواخر حياته كان ملتزمًا، وكانت لها شقيقة ناصرية، ومن المفارقات أنها أقامت سرادقًا لتقبل العزاء في وفاة عبد الناصر، وكان لها شقيق يُدعى سيف الدين الغزالي وهو أحد أركان الوفد ودخل لعضوية مجلس الشعب عن الوفد، وكان لها شقيق على مبادئ الحزب الوطني القديم (حزب مصطفى كامل)، فكانت جميع الأطياف موجودةً بالعائلة، وكانت لها شقيقه متدينة تَديُّنًا عاديًّا دون أي اتجاهات، ومع ذلك كنت ألمس احترامًا عامًّا بينهم وخاصةً للحاجة "زينب"؛ لأنها تمثل الرأي الصحيح الذي يعرف ربه.



* كم عدد أشقائها؟

** محمد الغزالي، وعلي الغزالي، وسعد الدين الغزالي، وسيف الدين الغزالي، وعبد المنعم الغزالي، وحكمت الغزالي (الناصرية)، وحياة الغزالي التي لا تزال ترافقها حتى الآن، وبذلك تصبح الوزارة 8 أفراد.



علاقتها بالملوك

* هل من الممكن أن نلقي الضوء حول نشاطها السياسي فيما بعد الثورة؟

** كانت ترى في المملكة العربية السعودية التي قد بدأ نجمها يلمع أنها الدولة التي تطبق الإسلام وتدافع عن الإسلام، وكانت قوية العلاقة بحكام السعودية، مثل الملك عبد العزيز، ثم على علاقة قوية بالملك سعود، لدرجة أنها كتبت كتابًا اسمه (ملك وآمال شعب)، وضمنت في هذا الكتاب رؤيتها لآمال المسلمين في أن تكون هناك دولة تحكم بالإسلام وتدافع عن الإسلام وتمثل الإسلام في حركاته، وكانت هذه العلاقات لها بُعدُها؛ لأنها كانت تذهب إلى السعودية للحجِّ سنويًّا والعمرة ما بين الحين والحين، أي حوالي 39 حجة و100 عمرة، ومنذ ذلك الوقت تفتَّحت عيناها على حب العمل السياسي والاندماج فيه، من خلال المقالات والكتب والاتصالات، فدعت على سبيل المثال اللواء محمد نجيب لزيارة جمعية السيدات المسلمات، واستقبلته ونشرت هذه الصورة في المجلات.



وكانت تأمل كثيرًا في أن يكون هؤلاء الضباط من العاملين لله ولتطبيق الشريعة، لكنها سرعان ما اكتشفت هذه النوايا السيئة، فبدأت بالهجوم الشديد على مجلس قيادة الثورة، وفي فترة الخمسينيات انشغلت بأن تضمد الجراح، وأن تزور الأسر الإخوانية التي راح ذووهم ضحايا لسجون عبد الناصر، وأن تكون على علاقة قوية بأسرة الأستاذ حسن الهضيبي- المرشد الثاني لجماعة الإخوان- وبالفعل استطاعت أن تأخذ منه إذنًا بأن يتحركوا مرةً أخرى لإعادة تنظيم الإخوان مرةً أخرى، وبالفعل كان بيتُها منذ موسم الحج سنة 1957م ملاذًا لقيادات الإخوان، فيأتون إليها ويتحركون من خلالها، وبدأت في التنظيم حتى اكتشف هذا الأمر في سنة 1965م فدخلت السجن، وقد حاولت المخابرات أن تغتالها لكنها لم تنجح، وأصيبت بكسر في ساقها ظل أثره حتى الآن؛ لأنها قُبض عليها بعد ذلك فلم يُعالج هذا الكسر، ودخلت الحاجة زينب ضمن القضية المعروفة بتنظيم 1965م، وطالبت النيابة بإعدامها لكنها حصلت على أشغال شاقة مؤبدة، وذلك في أغسطس سنة 1965م، ثم خرجت في أغسطس سنة 1971م بعد وساطات كثيرة كوساطة الملك فيصل بالسعودية، وبالفعل خرجت بقرار عفو من رئيس الجمهورية محمد أنور السادات وخرجت بعدها بثلاثة أشهر السيدة حميدة قطب التي كانت تقضي 10 سنوات في السجن، ثم واصلت زينب الغزالي العمل في مجال الدعوة والكتابة حضور المؤتمرات وبدأت في تأليف الكتب.



عبد الناصر يشهد تعذيبها
جمال عبد الناصر


* ورد في كتاب (أيام من حياتي) أن الحاجة زينب الغزالي شاهدت الرئيس جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر يجلسان لكي يشاهدوها أثناء جلسات التعذيب؟

** هي ذكرت ذلك، والأمر في النهاية عندها، وهي التي كانت في السجن ولا مصلحة لديها في أن تكذب في شيء أو أن تقول أمرًا غير صحيح، ولكني عندما سألتها قالت لي إنها كتبت في هذا الكتاب بعض ما تعرضت له وليس كل ما تعرضت له، لكنها كانت تقول إنها لم تكن تتصور مطلقًا أن تُؤذى ولو بورد؛ أي لا يضربها أحد ولو بوردة، لكنها تحملت أبشع صنوف التعذيب، وكانت تأخذ حلقات التعذيب، وهي المرأة التي لم يعنفها أحد قط، فتحملت هذه الفترة وهي راضية وخرجت وهي أشد عزمًا وقوةً من هذه المِحَن الصعبة.



* كيف تعلق على حضور رئيس جمهورية جلسات تعذيب امرأة؟

** رئيس الجمهورية في هذه الفترة كان يتصور أنه الحاكم الأول والأوحد الذي لا ينبغي ولا يجوز لأحد أن يعارضه، فكلما نقلوا له- في تقديري- أن هناك من يتمسك بما آمن به رغم تعذيبه وما زال قويًّا, فكأنه أراد أن يُشاهد مَن هذا الذي يقف في وجهه ويصمد كل هذا الصمود أمام هذا التعذيب الشديد، فأنا أظن أن حضوره كان نوعًا من التشفي بأن يرى هؤلاء يعذبون ويُجلدون، ولا يجد غضاضةً في ذلك، وأنا لا أتصور مطلقًا أن رئيس الدولة يكون بمعزل عما يجري إن لم يكن بأمر منه شخصيًا، وهذا في تقديري هو الأرجح أو على الأقل بموافقة ضمنية منه.



* نُقِلَ عن الحاجة زينب أنها كانت بعد كل جلسة تعذيب كانت تقف وتبصق في وجه شمس بدران!!

** هي كانت تشعر أنها صاحبة حق، وأن صاحب الحق له مطلق الحرية في أن يواجه مَن يعتدي عليه، خاصةً وأنهم ضعاف لا يفعلون ذلك من منطلق مبادئ أو قيم، وهي كانت تستشعر هذا الضعف فكانت ترد عليهم ردودًا قويةً وصارمةً وهادئةً ضد جبروتهم وطغيانهم, وهذه القوة لم تفت في عضدها بل كانت شامخةً، وهي تواجه وتستشعر أنها ستنال إحدى الحسنيين، إما أن تخرج وهي صاحبة إرادة وعزيمة وإما أن تستشهد، وكان هذا حبيبًا إليها.



محاولة اغتصاب

* نُقِلَ أيضًا أنها تعرضت لمحاولة هتك عرض، وأنها دافعت عن نفسها حتى أغمي على الجندي الذي حاول ذلك معها؟

** تعرضت لمحاولة اغتصاب، وكان ذلك جزءًا من محاولة إهانتها وإذلالها والضغط عليها بأسلوب قذر؛ لكنها كانت تستعين بالله، وتردد أسماء الله الحسني، ولعل الله عز وجل علم صدقها فمنع هذا الجندي المكلف بأن يُؤذيها، وبالفعل لم يمسَّها.



* نُقِلَ عن الكاتب الكبير مصطفى أمين أنه وجد في مكتب الرئيس السادات شكوى من جندي كان مجندًا في السجن الحربي في عهد عبد الناصر، وعندما لم يتمكن هذا الجندي من اغتصاب الحاجة زينب تمَّ إخصاؤه وطالب بتعويض عن ذلك، والرئيس السادات صرف له تعويضًا قدره خمسمائة جنيه.. هل لكم أن تؤكدوا هذه المعلومة؟

** ربما حدث ذلك.. ولكني لم أقرأ ذلك، والحاجة زينب لم تذكر ذلك في كتابها ولم أسمعه منها، ولكن مصطفى أمين بالطبع دائرة معرفته أوسع مني، وربما يكون ذلك صحيحًا.



* ما أبرز المواقف التي حدثت للحاجة زينب أثناء المعتقل، وما الدروس التي نخرج بها من هذه الأحداث؟

** الدرس الأول والأكبر هو أن الصلة بالله سبحانه وتعالى والصدق في الالتزام لا بد أن يكون له عند الله عز وجل منزلة تدفع عن الشخص ما يمكن أن يتعرض له من إذلال وإيذاء وقهر، ويخرجه سليمًا معافًا أو يلقى الله شهيدًا، وبالتأكيد فالصدق هو الذي منحها كل هذه القوة، وأنها كانت على يقين من أنها على طريق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وربما رأت كثيرًا من الرؤى التي تدعم هذا، وأنها تسير في الطريق الصحيح، وتعرف تهافت وضعف وهوان مَن يقومون بتعذيبها فكانت تستصحب القرآن الكريم والذكر والدعاء، وتتعلق بالله.. كل هذا كان يمنحها هذه القوة الهائلة التي عبَرت بها هذه المحنة الشديدة دون أن يكون هناك خسائر نفسية، وأعتقد أن هذا هو الدرس الأكبر في وقت هذه المحن.



محكمة الفيوم

* بعد خروجها من السجن هل عادت مرةً أخرى لممارسة العمل السياسي أم توقفت؟

** لقد تمََّ الضغط عليها في السجن ليس بالتعذيب البدني فقط، ولكن أيضًا بالتعذيب النفسي فهم أكرهوا زوجها- وهو رجل أعمال يُدعى الحاج محمد سالم سالم- على تطليقها، وأرسلوا لها ورقة طلاقها في السجن كنوع من التحطيم النفسي، وهي كانت تحبه وهو كان يحبها كثيرًا، لكنها كانت في قرارة نفسها تُدرك أنه مكرَه على ذلك، وأن هذا الطلاق لم يقع، وبالفعل عندما خرجت وهو كان قد تُوفي بعد اعتقالها ببضعة أشهر- سنة 1971م وجدت أمانةً في محكمة الفيوم التي كان يتبعها زوجها فعندما فتحتها وجدت ورقةً يشهد فيها أمام الله أنها زوجته إلى يوم القيامة، وأن لن يطلقها، وأن ما حدث كان قهرًا، وبالتالي رد لها هذا البعد النفسي الذي فقدته، وعندما خرجت كانت قوية وصلبة وشديدة الاعتزاز أنها لم تضعف في أي مرحلة في حياتها، وبدأت تشارك في المؤتمرات الدولية كمؤتمر الجزائر الذي كان يعقد سنويًّا، وسافرت إلى عشرات الدول في فترة السبعينيات والثمانينيات ما بين أوروبا وآسيا وأمريكا، وتمَّ تكريمها في بلدان كثيرة؛ حتى إنها كُرِّمت من الاتحاد الإسلامي الأوروبي مؤخرًا منذ عامين، وكُرِّمت من نقابة أطباء الإسكندرية منذ عام، وهي تكرم لأنها رائدة في هذا المجال، وهي صاحبة تاريخ طويل وعريض في الدفاع عن الإسلام، وزارت تقريبًا أغلب الولايات في أمريكا وأكثر من عشر دول أوروبية، وكذلك السعودية والأردن وباكستان والسودان والكويت والجزائر والمغرب.



* حكام المملكة العربية السعودية عرضوا عليها البقاء في السعودية وهي رفضت.. لماذا؟

** عندما خرجت من المعتقل عام 1971م عرض عليها الملك فيصل أن تذهب إلى السعودية، ويقدم لها راتبًا شهريًا ضخمًا، وأن تظل في السعودية؛ لكنها أبت، وقالت إنها ستظل في مصر؛ لأنها محضن الدعوة وبلد الدعوة، وتحتاج مَن يتحركون فيها بين الناس، وبالفعل عاشت حياتها ليست ثرية وليست فقيرة ولكنها عاشت "مستورة"، بعيدًا عن الشعور بأن أحدًا يكافئها على ما حدث لها، حتى إنها رفضت أن ترفع قضية تعويض رغم أن الرئيس السادات أرسل لها مستشارًا قضائيًا يقول لها اطلبي ما شئت وسنعطيك، وكان السادات يريد أن يكشف ما جرى ليهدم المرحلة السابقة من حياة عبد الناصر ويستفيد هو من الناحية السياسية؛ لكنها قالت: لا تعوضني ملايين الدنيا عن ضربة سوط واحدة في سبيل الله، فأنا سآخذ أجري من الله سبحانه وتعالى، ورفضت تمامًا أن ترفع قضية رغم أنها لو رفعت قضية لربحتها.

* يقال إنها أتمت تفسير القرآن الكريم.. ما مدى صحة ذلك؟

** لقد كان القرآن ملاذَها في السجن، فكانت تكتب بعض العبارات وبعض الآراء التي كانت تخطر لها في تفسيره؛ ولكن أخذ منها هذا التفسير ولم تكمله، ولكنها عندما خرجت بدأت تستعيد هذه المعاني مرةً ثانية، وبالفعل كتبت تفسيرًا اسمه (نظرات في كتاب الله) طُبع منه الجزء الأول والجزء الثاني ما زال قيد الطباعة.



* هل تمَّت مراجعته من قِبَل أحد علماء التفسير؟

** راجعه الدكتور عبد الحي الفرماوي



* هل الحاجة زينب ما زالت تمارس بعض الأنشطة؟

** لا.. لأنها تقدمت في السن، وتدخل في مرحلة الشيخوخة، فمنذ بضع سنوات وهي متوقفة عن أنشطتها.



* لماذا حتى الآن لم تبرز امرأة مثل الحاجة زينب في جماعة الإخوان؟

** لعل الشخصيات لا تتكرر، فلماذا لم يتكرر حسن البنا؟! قد تتكرر شخصيات قريبة أو شبيهة فيها بعض هذه الصفات، وأنا أظن أن زينب الغزالي لم تتكرر، وربما لن تتكرر، ولكن سوف تكون هناك تلميذات تسير على خطى زينب الغزالي وعددهن كثير، لكن ربما لا يأخذْن شهرة زينب الغزالي التي خرجت في ظروف معينة وكان لها هذا الحضور العام.



* هل لديكم أية إضافة أخرى؟

** لو ألقينا الضوء على الجانب الاجتماعي فهي تزوجت مرتين ولم تنجب، ولها من الكتب حوالي عشرة تقريبًا مثل: (إلى ابنتي) جزئين، و(مشكلات الشباب والفتيات في مرحلة المراهقة) جزئين أيضًا، و(نحو بعث جديد) (أيام من حياتي) (نظرات في كتاب الله) (نظرات في الدين والحياة) و(شرح الأربعين النووية)، وإسهامات كثيرة في الصحف والمجلات والمؤتمرات العلمية والدعوية، كانت تعقد جلسة في بيتها كدرس أسبوعي، وكانت تتلقى الفتاوى وترد عليها، وتحرص على أن تكون كلها لله، ففي رمضان كانت تتفرغ للعبادة المطلقة للصلاة وقراءة القرآن والذكر، فهي عاشت للإسلام كل هذه الحياة الزاخرة بالجهاد والصبر والعطاء... نسأل الله أن يبارك هذا الجهاد، وأن يبارك في عطائها إن شاء الله.



أول امرأة فسرت القرآن

فقدت الأمة الإسلامية وفقدت جماعة الإخوان المسلمين وفقد العمل النسائي الإسلامي، وفقد العمل العام شخصيةً يندر تكرارها على مدار التاريخ.. إنها الداعية المربية الفاضلة الحاجة زينب الغزالي بعد رحلة من الحياة المفعمة بروح العمل من أجل خدمة الإسلام والمسلمين، وبعد مواجهة الكثير من الصعاب والتحديات والظلم.. الأمر الذي جعلها داعيةَ القرن العشرين بلا منازع في الوسط النسوي بما قامت به من عمل طوال عمرها المديد المبارك.



وُلدت الحاجة زينب الغزالي في يناير عام 1917م، وكان والدها عالمًا أزهريًا، غرس فيها مبكرًا أن الإنسان يعيش ليكون صاحب رسالة، وهو ما تجسد في مراحلها الأولى التي كانت تخطوها، فقبل أن تكمل العشرين عامًا كانت تفكر كيف تؤدي رسالتها، فإذا بها تبحث حتى تجد السيدة هدى شعراوي وجمعيتها فتعمل معها فترةً لحين الوقوف على أفكارها ثم تتراجع بعد ذلك لتتقدم مرةً أخرى حاملةً رايةً جديدةً هي راية العمل الإسلامي.



ثم تلتقي بالإمام الشهيد حسن البنا ويكون لها دورُها التاريخي في بناء جانب في جماعة الإخوان المسلمين.



الداعية زينب الغزالي تجاوزت العمل العام إلى إنجاز فكري ثري، تمثل في تفسيرها للقرآن الكريم الذي نشرته دار الشروق تحت عنوان (نظرات في كتاب الله)، وهو أول تفسير نسوي للقرآن الكريم.. هذا إلى جانب كتابها الشهير (أيام من حياتي) الذي رَوَت من خلاله تجربتها في سجن النظام الناصري والذي تمت ترجمتُه إلى عدد كبير من اللغات الأجنبية.



واجهت الداعية الكبيرة الكثير من الموقف الصعبة في حياتها.. من ظلم واعتقال وتعذيب وصدعت بكلمة الحق دائمًا، فلم يعرف أحد عنها سوى أنها كانت تنفق كل وقتها وجهدها ومالها في خدمة دينها.



لقد بكى الرئيس الباكستاني الشهيد ضياء الحق أمام قوة كلمتها عندما زارت باكستان عام 1987م، وقالت له على رؤوس الأشهاد: "كيف تلقى الله يا ضياء الحق وأنت لم تطبق الشريعة؟!".. إنها سيرةٌ نادرةٌ لمجاهدة تعيد إلينا ذكرى الصحابيات الجليلات- رضي الله عنهن.


د. محمد حبيب




وفي نعيه للداعية الكبيرة قال فضيلة الدكتور محمد حبيب- النائب الأول للمرشد العام للإخوان المسلمين-: إننا نحتسب الحاجة زينب الغزالي عند الله ونحسبها إن شاء الله تعالى من الصالحات جزاءَ ما قدمت من جهاد وتضحيات وثبات وصبر وإيمان في مواجهة المحن الكبرى، وأضاف أنها- رحمها الله- تمثل علامة الجهاد في مصر ومنارةً ونبراسًا لكثير من الداعيات المجاهدات.. وأتوجه إلى الله داعيًا أن يجزيَها خير الجزاء عن دينها ودعوتها وخدمتها للإسلام وحرصها على القيام بواجب الدعوة في أشد الأوقات حرجًا.



أما الأستاذ مسعود السبحي- سكرتير المرشد العام للإخوان المسلمين- فدعا الله عز وجل أن يتقبل الداعية الكريمة في الصالحين من النبيين والصديقين والشهداء، وقال لقد عرفت- رحمها الله- الدعوة منذ زمن بعيد، وكانت من المجاهدات في سبيل إعلاء كلمة الحق، وتكاد تكون هي المرأة الوحيدة في مصر التي قامت بهذا الدور العظيم في خدمة الإسلام (رغم وجود كثيرات) فقد تفوقت على الجميع بجهادها وحملها أعباء الدعوة، ولم تترك مجالاً إلا وسلكته تبليغًا لدعوة الله وأداءً لواجب النصيحة، وختم الشيخ السبحي بقوله: إن تاريخها وجهادها يجعلانها أكبر من أن تحتاج إلى تعريف.



فازت ورب الكعبة

الكاتبة الكبيرة صافيناز كاظم قالت لنا فور علمها بنبأ وفاة الحاجة زينب الغزالي: فازت ورب الكعبة!! واسترسلت في ذكر مآثر الراحلة الفاضلة قائلةً: الأستاذة الكبيرة زينب الغزالي من المجاهدات الرائدات المطالِبات بحقوق الإنسان، سواء كان رجلاً أو امرأةً من خلال التصور الإسلامي الصحيح، وأشارت إلى عمرها المديد المبارك من 1917م وحتى 2005 الذي بارك الله لها فيه، فقدمت نموذجًا للمرأة المسلمة الواعية بدينها ورسالتها.



وتذكر الأستاذة صافيناز أنها انتقدت هدى شعراوي في وجود الحاجة زينب الغزالي، فلم توافق الحاجة زينب على النقد، وقالت إنها كانت صديقةً لهدى شعراوي وتعرفها جيدًا ولا تتهمها في دينها وإنما فقط ترفض ثقافتها الغربية لكنَّ نواياها كانت طيبةً.



وتؤكد الكاتبة الكبيرة أن هناك جريمةً ارتكبها العلمانيون ضد الأستاذة زينب الغزالي عندما تجاهلوا دورها وجهادها، مع أنه يكفيها أنها لم تتنازل عن فكرها ورسالتها وتحملت تبعات ذلك، وسألنا الكاتبة الكبيرة عن تفسيرها لهذا التجاهل لدور الحاجة زينب الغزالي فقالت: إن المجموعة التي تصيح اليوم بصيحات الريادة والاستنارة معظمها من الجاحدين والجهلة الذين يغمطون حقوق الناس ولا يعرفون المبدأ القرآني العظيم: ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا﴾ (المائدة: من الآية 2)، بينما شعارنا نحن المسلمين هو: ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ (المائدة: من الآية 8).



وتضيف نحن لا نتصرف بردود أفعال وإنما ننطلق وفق قواعد القرآن الكريم، وبذلك نعطي كل ذي حق حقه، وختمت الأستاذة الكبيرة صافيناز حديثها إلينا قائلةً: إن السيدة الأستاذة الحاجة زينب الغزالي فوق كل هؤلاء فهي رائدة الجهاد، والمطالِبة بحقوق المرأة التي شرَعَها الإسلام.. لقد فازت ورب الكعبة.



تلميذاتها يتحدثن

الكاتبة الإسلامية أم أيمن تروي قصة تعرفها على الداعية الكبيرة من خلال درسها الأسبوعي في منزلها كل ثلاثاء؛ حيث كانت تتحدث في كل ما يهم المرأة المسلمة، وتضيف: كانت تهتم في لقاءاتها معنا بالنصائح، وأعطتنا الكثير من العلم والفقه، ونحن كنا قد قرأنا كتابها (أيام من حياتي) ورأينا فيه نموذجَ الصحابة يتكرر من جديد في الصبر ومواجهة التحديات، وتواصل أم أيمن: لقد اختارتني زوجةً للأستاذ بدر محمد بدر، ومن خلال توعيتها لي باستمرار أشعر أنها أمي وحماتي والآن أنا فقدتها.

أم أيمن: تعلمنا من عطفها على رجال الأمن الذين يراقبون منزلها




وحول دورها الدعوي تقول أم أيمن: لقد تعلمت منها كيف تكون الحياة سعادةً في الدنيا والآخرة، وتعلمت منها الحنان والعطف حتى على من يحاصرون منزلها من رجال الأمن، فقد كانت ترسل إليهم بالطعام، وتؤكد أم أيمن أن الحاجة زينب الغزالي داعية القرن العشرين بلا منازع؛ حيث جابت العالم شرقًا وغربًا، وكان لها حضورها القوي المؤثر في بعض الدول مثل الجزائر، وقدمت نموذجًا شامخًا للمرأة المسلمة في عهد الحكم الناصري، وتمثلت فيها قوة المؤمنة واعتزازها بدينها وفكرها.





الكاتبة الإسلامية وفاء السعداوي أكدت أن الداعية زينب الغزالي تمثل بالنسبة لها تجربةً جهاديةً، ورمزًا للثبات والقدوة، وقالت: إنها نموذج يصعب أن يتكرر بحكم ظروف النشأة والتكوين؛ لأنها جمعت بين الأصالة في الفهم والتفكير والإرادة الصلبة في مواجهة أعداء الفكرة والقدرة على الجهاد.



وتتفق معها في الرأي الكاتبة الصحفية هناء محمد؛ حيث تقول: إن الحاجة زينب رائدةٌ من أبرز رواد الدعوة الإسلامية في العصر الحديث، بما أسدت إلى الحركة الإسلامية من فكر ودعوة وجهاد، وتؤكد أنه ليس في الحركة الإسلامية بديلٌ للداعية الكبيرة- رحمها الله- وهي خسارة للحركة والدعوة، وتطالب الزميلة هناء محمد بنشر الإنتاج الفكري للحاجة زينب الغزالي والذي يتمثل في الكثير من الكتب مثل (أيام من حياتي)، (نظرات في كتاب الله)، (رسالة إلى ابنتي) وغيرها.

هناء محمد: كانت رائدةً في الفكر والدعوة والجهاد




وأشارت إلى الإسهام الذي قدمته ككاتبة مقالة في العديد من الصحف؛ حيث كانت مقالاتها من الواقع ولم تكن تحلق في الخيال، وكان دورها الاجتماعي والدعوي نموذجًا يقتدي لكل من يعمل في هذا المجال.



آخر من كانوا في رفقتها
أ. هدى عبد المنعم


هدى عبد المنعم المحامية- عضو اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل- تحدثت إلينا وهي تبكي قائلةً: تعرفت على الحاجة زينب في أكتوبر عام 1977م عندما كنت طالبةً في حقوق عين شمس، وقامت- رحمها الله- بتبني مجموعة من الطالبات في الجامعة تربويًّا وفكريًّا، فقد تعلمنا منها كل شيء في الدعوة من حيث الأسلوب والاعتدال والجرأة في الحق، ولم تبخل علينا في شيء، ففتحت لنا بيتها وقبل ذلك عقلها وقلبها.



الداعية الكبيرة- رحمها الله- عاشت في رفقتها خاصةً الأيام الأخيرة ابنةُ شقيقتها وابنتاها علياء وعبير، قالت لنا علياء: ليست هناك كلمةٌ يمكنها أن تعبر عن شعوري تجاه جدتي- رحمها الله- التي لم يكن لها حياةٌ خاصةٌ، بل عاشت لدينها وإسلامها وعقيدتها، وقد كانت أمًا حنونًا لنا جميعًا وبارةًّ بأهلها وكل من تعرفه، وأضافت: لقد رفضت جدتي أي دور آخر غير خدمة دينها وإسلامها.



أما الحفيدة عبير فقالت بصوت تخنقه العبرات: أنا أفخر بأن جدتي- رحمها الله- هي أول سيدة تفسر القرآن الكريم، ونحن وُلدنا في هذا البيت المفتوح للجميع، ويشعر كل من يدخله أنه ليس غريبًا.



وتحدثت الحاجة نادرة شنن-إحدى صديقاتها من سورية- عن علاقتها بالداعية الراحلة قائلةً: إنها مصيبةٌ كبيرةٌ وخسارةٌ عظيمةٌ أن تموت هذه الداعية التي لا أعتقد أن الزمان قد يجود علينا بمثلها.. فقد عرفتها عام 1974م في مكة المكرمة خلال أداء فريضة الحج، وبدأت العلاقة بيننا تتجاوز حدود المعرفة العادية، وصارت علاقةَ أمومة وبنوة حقيقية، فقد كنت أنا الأكثر قربًا من الجميع إليها، وتضيف: لقد وجدت فيها ضالتي بعد أن عرفت الدكتور مصطفى السباعي ورفاقه ثم فقدتهم فعوضني الله عنهم في الحاجة زينب الغزالي التي كانت نموذجًا خالصًا في العطاء والتضحية، وكانت دائمًا تعرف كيف تعطي ولا تأخذ لنفسها شيئًا.



وتوجهت الحاجة نادرة شنن بالدعاء إلى الله أن يجعل الفقيدة العزيزة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأن يحقق الله تعالى لها أمنيتها في أن تشرب من يد النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.



بكاء الرئيس ضياء الحق
أ. بدر محمد بدر


الكاتب الصحفي بدر محمد بدر- رئيس تحرير الأسرة العربية- يروي لنا كشاهد عيان قصةَ حضور الحاجة زينب الغزالي مؤتمرًا عالميًّا حول السيرة النبوية في باكستان عام 1987م، والذي دعتها إليه السيدة نثار فاطمة الزهراء، وبالفعل شاركت الحاجة زينب الغزالي في المؤتمر، وجلست على المنصة بجوار الرئيس الباكستاني ضياء الحق- رحمه الله- وعندما تحدثت توجَّهت إلى رئيس الدولة قائلةً: كيف يا ضياء الحق تقابل الله وأنت لا تطبق الشريعة؟! إنني أدعوك لأن تطبق شريعة الله، فبكى ضياء الحق وسط عاصفة من التصفيق.



وواصلت الحاجة زينب حديثها: إن دولة باكستان انفصلت عن الهند لتكون دولةً إسلاميةً تطبق شرع الله، وعندما جاءت الكلمة لضياء الحق- رئيس باكستان- قال بالانجليزية "أنا لا أفهم العربية كثيرًا، ولكني فهمت ما قالته الحاجة زينب الغزالي، وأنا أطلب منكم جميعًا الدعاء لي بأن أستطيع تطبيق الشريعة، فأنا ضعيف وأحتاج إلى دعائكم"، وتوافدت الصحف لإجراء أحاديث معها.



المراحل الأربعة

العمر المديد الذي وهبه الله للداعية الحاجة زينب الغزالي في خدمة الدعوة يقسمه الزميل بدر محمد بدر- سكرتيرها الإعلامي السابق- إلى أربع مراحل:



المرحلة الأولى: هي السنوات العشر الأولى في حياتها، وهي التي تربت فيها على يد والدها الذي زرع فيها العديد من المعاني والصفات التي لازمتها حتى وفاتها (والدها توفي وهي في السنين العشر الأولى من عمرها)؛ حيث غرس فيها أنها صاحبة رسالة.



المرحلة الثانية: وفيها حاولت تطبيق ما تعلمته، فأخذت تبحث عن العمل العام، والتحقت بالاتحاد النسائي، وأصبحت عضوًا في مجلس إدارة الاتحاد، وعندما أُرسلت من قِبَل مجلس الإدارة للرد على بعض شيوخ الأزهر تأثرت بالكلام الذي قاله العلماء، وبدأت تفكر في تغيير المسار الذي اختارته.



وعندما تعرضت لحادث حريق نذرت لله- عز وجل- إن نجاها سالمةً أن تتفرغ للدعوة الإسلامية، وبالفعل عافاها الله وبدأت تُعد العُدة لإنشاء جمعية نسائية إسلامية باسم جمعيات السيدات المسلمات للعمل الدعوي والاجتماعي، وذلك عام 1937م وهي في العشرين من عمرها.



وقامت الجمعية بدورها في الوعظ والدعوة ورعاية الأيتام وغيرها حتى اصطدمت بالسلطة.. الأمر الذي أدى إلى حل الجمعية وكافحت في المحاكم حتى أعيدت مرةً أخرى في عهد الملك فاروق، بعد أن كانت قد وعت الظروف والواقع بشكل أكثر، ثم بدأت تكرس جهودها في مجال الإصلاح الاجتماعي.



المرحلة الثالثة: وهي التي اقتربت فيها كثيرًا من الإخوان المسلمين وبايعت الإمام الشهيد حسن البنا في العام 1948م، وفي الخمسينات ساهمت مع الأستاذ المرشد حسن الهضيبي في عودة تنظيم الإخوان بعد أحداث عام 1954م، وظهر ذلك بوضوح عام 1965م عندما دبر لها النظام الناصري حادثَ سيارة، ثم ألقي القبض عليها بعد ذلك بأيام وتم توجيه اتهام إليها بمحاولة تدبير انقلاب ضد نظام الحكم، وطالبت النيابة بإعدامها، وقضت المحكمة بسجنها سجنًا مؤبدًا.. لكن الرئيس أنور السادات أفرج عنها بوساطة الملك فيصل رحمه الله، بعد أن قضت في السجن 6 سنوات ألفت خلالَها كتابها الشهير (أيام من حياتي).



وجاءت الفترة الأخيرة من حياتها بالمزيد من الاستقرار في العمل الدعوي والفكري، فشاركت في الكثير من المؤتمرات عربيًّا ودوليًّا، وكانت تلقي الدروس في بيتها وتكتب في الصحف المصرية والعربية، وقد خصصت لها صحيفة (الشرق العربي) الجزائرية صفحةً كاملةً طوال ثلاث سنوات.



حياتها الأسرية

تزوجت الحاجة زينب الغزالي من الحاج محمد سالم سالم- أحد كبار رجال الأعمال- قبل قيام ثورة يوليو عام 1952م، ولم تنجب، وبعد اعتقالها في ظل نظام جمال عبد الناصر تم إجبار زوجها على طلاقها، لكنه ترك وصيةً في المحكمة (محكمة الفيوم الشرعية) يؤكد فيها أنها زوجتُه أمام الله ورسوله، وأنه يموت وهي زوجته، وعندما خرجت من السجن وجدت هذه الوصية.



على مستوى أسرتها يقول الكاتب الصحفي بدر محمد بدر: إنها كانت أسرةً ائتلافيةً تتعدد فيها ألوان الطيف الفكري والثقافي؛ حيث كان لها شقيق إخواني هو فضيلة الشيخ محمد الغزالي الجبيلي الذي توفي منذ شهور، وكان لها شقيق يساري هو عبد المنعم الغزالي- الصحفي بالأهرام- وتوفي في التسعينيات، وكانت لها شقيقةٌ ناصريةٌ هي حكمت الغزالي والدة خالد سعد زغلول الصحفي بالأهرام، وكذلك كان لها أختٌ اسمها حياة والدة عائشة أم علياء وعبير.



إنتاجها الفكري

تركت الداعية الكبيرة الحاجة زينب الغزالي تراثًا وفيرًا، مثَّل إضافةً حقيقيةً للمكتبة الإسلامية، ويتمثل في عدد من الكتب، منها:



1- نظرات في كتاب الله، وهو تفسير للقرآن الكريم، يمثل أول محاولة نسائية لتفسير كتاب الله على مدى التاريخ، وقد طبعته دار الشروق عام 1995م.



2- مشكلات الشباب والفتيات في مرحلة المراهقة.

3- إلى ابنتي.

4- أيام من حياتي.

5- نحو بعض جديد.

6- الأربعون النبوية.







دمعة على أم الصابرين "زينب الغزالي"

شعر الأستاذ الدكتور: جابر قميحة

هذه القصيدة ألقاها الشاعر في سرادق عزائها بالقاهرة مساء الجمعة (5/8/2005م) أمام جمع حاشد من الإخوان والمعزِّين من الشعب المصري والمسلمين والعرب.



1- بكيْتُ، وقلبي في الأسى يتقلبُ فجاء رفيقي مُفزعًا، وهو يَعتبُ

2- وقال: أتبكي والقضاءُ محتم وليس لنا من قبضةِ الموتِ مَهرب؟!

3- فقلتُ: تعالى اللهُ، فالحزنُ ساعرٌ قويٌّ، عتيٌّ، والفقيدةُ زينبُ

4- ولو كان فضلُ الراحلين مراثيًا لجادَ بمرْثاها الحطيمُ، ويثربُ

5- فلا كلُّ مفقودٍ يُراع لفقْدهِ ولا كلُّ حيٍّ فائقٌ، ومحبَّبُ

6- ولا كلُّ من يحيا الحياةَ بحاضرٍ ولا كل من في القبرِ ماضٍ مغيَّبُ

7- فإن خلودَ المرْءِ بالعمل الذي يقودُ مسارَ الخير لا يتهيَّب

8 – أناديك- أمَّ الصابرين- بمهجتي وكلِّي دعاءٌ ِمْن سناكِ مُطيَّبُ

9 - سلامٌ وريحانٌ وروْحٌ ورحمةٌ عليكِ، وممدودٌ من الظل طيبُ

10- فقد عشْتِ بالحق القويم منارةً تشدُّ إليها كلَّ قلبٍ وتجذبُ

11– وكنتِ- بحقٍّ- منبعَ الحبِّ والتُّقى ومدرسةً فيها العطاءُ المذهَّبُ

12- ودارُكِ كانتْ مثل دار "ابن أرقم" تخرجَ فيها من بناتِكِ أشْهُبُ

13– فَرُحْنَ- أيا أماهُ- في كلِّ موطنٍ يربِّين أجيالاً على الحقِّ أُدِّبوا

14- شبابًا حيِيًّا في شجاعة خالدٍ له الحقُّ نهجٌ، والشريعةُ مذْهبُ

15- يفرُّون عند المغريات تعففًا وحين ينادي الرْوعُ هَبُّوا وأجْلبوا

16- ومن كان للحقِّ القويم نهوضُهُ فليس لغير الله يرضى ويغْضبُ

17- ولا ضيرَ ألا تُنجبي، تلك حكمةٌ طواها عن الأفهام سرٌّ مُحَّجبُ

18- فقد عشْتِ أمًا للجميع، وأمَّةً يباهي بكِ التاريخَ شرقٌ ومغربُ

19- وكنتِ لسان الحقِّ في أمةٍ غَفَتْ كأنهمو عن عالم الناس غُيَّبُ

20- وقلتِ: كتابُ الله فيه شفاؤكمْ وبالسنة السمحاء نعلو ونغْلبُ

21- وقلتِ: هو الإسلامُ دينٌ ودولةٌ وقوميةٌ نعلو بها حين نُنْسبُ

22- وإن النساء المسلماتِ شقائقٌ لجنسِ الرجالِ المسلمين وأقْربُ

23- لهن حقوقٌ قررتها شريعةٌ من الله حقٌ ناصعٌ ومُطيَّبُ

24- وقد كنَّ قبل الدين كمًّا مهمَّشًا كسقْط متاع يُستباحُ ويُسلبُ

25- بذلك- يا أماه- كنتِ منارةً فأهْوَى صريعًا جاهلٌ متعصبُ

26- وأحييْتِ بالعزم الأبِّي ضمائرا تعاورها بومٌ ضريرٌ وأذْوُبُ

27- فأغضبتِِ فرعونَ اللعينَ وقد بغَى لتستسلمي للظلِم أيّانَ يرغبُ

28- فقلتِ: لغير الله لم أُحنِ جبهتي وللحقِّ صولاتٌ أعزُّ وأغلَبُ

29- ولاقيتِ- يا أماه- أبشعَ محنةٍ يخرُّ لهوْليهْا شبابٌ وشُيَّبُ

30- صَبرتِ وضجَّ الصبُر من صبرِك الذي أذل كبارًا في الفجور تقلبوا

31- وجددتِ ذكرى أمِّ عمارِ التي تحدَّتْ أبا جهلٍ ومن كان يصحبُ

32- فكانت- بفضل الله- خيرَ شهيدةٍ وليس كتحصيل الشهادة مكسبُ

33- وقلتِ- يا أماه-: حسْبِيَ أننيِ على درب طه أستقيمُ وأَضْرِبُ

34- فكان ظلامُ السجنِ نورًا مؤلَّقًا من الملأ الأعلى يطوف ويُسكبُ

35- أنيسُك فيه النورُ والفجرُ والضحى كما يُؤنس الإنسانَ في التيه كوكبُ

36- وكانت سياطُ الظالمين شهادةً بأنَّ دعاةَ الحق أقوى وأصلبُ

37- فكانوا- بفضلِ الله- أُسْدًا رهيبةً وهل يغلب الأسْدَ الرهيبةَ أرنبُ؟!

38- وخرَّ من الإعياء جلادُك الذي تعهد أن يُرْديَك وهو يُعذِّبُ

39- فقلت: تعالى الله، يهوى معذِّبٌ ويبقى رفيعَ الرأس حرًّا معذَّبُ!!

40- سجينةَ حقٍّ لم ينلْ من إبائها عتاةٌ على قتل العباد تدربوا

41- وغايتُهم في العيش مُتعةُ ماجنٍ وعدتُهم في الحكم نابٌ ومخلبُ

42- وكلهمو في الشر والعارِ ضالعٌ وللحقَّ نهَّاب عُتلٌ مخرِّبُ

43- كأن عذاب الأبرياء لديْهمو ألذُّ من الشهد المذاب وأعذبُ

44- أيُلقى بقاع السجن مَن عاش مؤمنًا ويطلق لصٌّ آثمُ القلب مذنبُ؟!

45- يُجنُّ أميرُ السجن: أنثى ضعيفةٌ تُذِل رجالي بالثبات وترعبُ؟!

46- أعيدوا عليها موجةً من سياطكم وركْلاً وصعقًا علَّها تتذبذبُ

47- ولم تجْدِ فيها: لا الكلابُ ينُشْنَها ولا القيدُ والسجان بالسوط يُلهبُ

48- فيصْرخ: أنثى لا تبالي ببأسنا فلا السوط جبارٌ ولا الكلبُ مرعبُ

49- فهان عليها سْوطنا وكلابنا أذلك سحرٌ؟! بل من السحر أغربُ

50- إذن لن أُرقَّى، سوف يغضب سيدي ويا ويلتاهُ إذ يثورُ ويغضبُ

51- "ويلعنُ خاشي" إذ أفاق على يدي وقد كان في أُنْسٍ يهيصُ ويشربُ

52- ولم يدرِ أن الله أقدرُ منهمو وأن سياطَ الله أقوى وأغلبُ

53- وأن فصيل المؤمنين يفوقهم ثباتًا وعدًّا، لا يخاف ويرهبُ


الآلاف في جنازة المجاهدة زينب الغزالي



54- فإن غالطوا قلنا: الجنائزُ بيننا سَلُوها؛ فحكم الموت ما كان يكذبُ

55- مئاتُ ألوف في الجنازة حُضَّرٌ ولم تْدّعهم أمٌ ولم يدعهم أبُ

56- ولكنه الإسلامُ ألف بينهم وجَمعهم حبٌّ مكين مقرِّبُ

57- فإن كنتِ قد غادرتِ دنيا بزيفها إلى عالمِ الخلْد الذي هو أرحَبُ

58- ستلقيْن أمَّ المؤمنين خديجةً وفاطمةَ الزهراءَ فرحى ترحِّبُ

59- وحفصةَ والخنساءَ والصفوةَ التي ظللن شموسًا للهدى ليس تغربُ

60- عليك سلام الله في الخلْد زينبُ وإن نعيم الله أبقى وأطيبُ

61- مضيتِ بذكرٍ ليس يُكتب أحرفًا ولكنه بالنورِ والعطرِ يُكتبُ



رحم الله الفقيدة الغالية جزاء ما قدمت للدعوة الإسلامية وجزاء صبرها على البلاء في سبيل إعلاء كلمة الله وأسكنها الله فسيح جناته مع "النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.

( منقول )
4
8K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

سيف الجهاد
سيف الجهاد
زينب الغزالي.. بين هدى شعراوي وحسن البنا

مصطفى عاشور


زينب الغزالي

* ولدت زينب محمد الغزالي الجبيلي في (8 من ربيع أول 1335هـ= 2 من يناير 1917م) في إحدى قرى محافظة البحيرة، وكان والدها من علماء الأزهر، وغرس فيها حب الخير والفضيلة والقوة في الحق، وكان يسميها "نسيبة بنت كعب" تيمنا بالصحابية الجليلة "نسيبة"، كما غرس فيها حب التضحية ومقاومة الظلم، فكان يعطيها سيفا خشبيا ويقول لها: دافعي عن النبي صلى الله عليه وسلم.

* توفي والدها وهي في العاشرة من عمرها، فانتقلت مع أمها وإخوتها للعيش في القاهرة، وكافحت من أجل إكمال تعليمها رغم اعتراض أخيها الأكبر، وقرأت في صغرها للأديبة "عائشة التيمورية" وتأثرت بها.

* تعرفت على الاتحاد النسائي الذي كانت ترأسه هدى شعراوي وتوثقت العلاقة بينهما، وأصبحت "زينب" من أعضاء الاتحاد البارزات، وعرف عنها أنها خطيبة مفوهة، واعترضت بعض العضوات على انضمامها للاتحاد، غير أن هدى شعراوي تمسكت بها.

* خاضت زينب الغزالي مناظرات ومجادلات مع عدد من الأزهريين المناهضين للاتحاد النسائي، وطالب بعض الأزهريين بمنعها من الوعظ في المساجد، لكن الشيخ محمد النجار -أحد علماء الأزهر- رفض هذا الطلب، وفتح حوارا هادئا مع زينب الغزالي استطاع من خلاله أن يهز قناعتها بكثير من الأفكار التي يتبناها الاتحاد النسائي.

* تعرضت لحادث منزلي وأشرفت على الموت، وأخذت عهدا إن شفاها الله أن تترك الاتحاد النسائي، وتؤسس جمعية للسيدات المسلمات لنشر الدعوة الإسلامية، فتم لها الشفاء، وكان ذلك بداية للتحول الكبير في حياتها، فأسست الجمعية سنة (1356هـ= 1936م) التي استطاعت أن تستقطب في وقت قصير نخبة من سيدات المجتمع.

* بدأت صلتها بجماعة الإخوان المسلمين بعد تأسيس جمعيتها بعام، واقترح عليها الشيخ حسن البنا ضم جمعيتها إلى الإخوان وأن ترأس قسم الأخوات المسلمات في الجماعة، لكنها رفضت في البداية ثم عادت إلى التنسيق مع الإخوان بعد عام (1368هـ= 1948م) وأصبحت عضوة في الإخوان المسلمين، وكلفها الشيخ البنا بدور مهم في الوساطة بين جماعة الإخوان والزعيم الوفدي مصطفي النحاس رئيس وزراء مصر حينها، كما لعبت دورا مهما في تقديم الدعم والمساندة لأسر الإخوان المعتقلين بعد أزمة (1374هـ=1954م).

* وفي عهد الثورة رفضت مقابلة الرئيس عبد الناصر، ورفضت أن تخضع جمعيتها "السيدات المسلمات" لإشراف الاتحاد الاشتراكي، فصدر قرار حكومي بحل الجمعية وإيقاف مجلتها، ثم اعتقلت في (ربيع آخر 1385هـ= أغسطس 1965م) وسجنت 6 سنوات تعرضت خلالها لاضطهاد شديد سجلته في كتابها "أيام من حياتي".

* توسط الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز للإفراج عنها في (جمادى الآخرة 1391هـ= أغسطس 1971م) فتم له ذلك، ورحلت زينب الغزالي إلى عدد من الدول العربية والإسلامية رحلات دعوية، ولها مساهمات في الصحافة الإسلامية، وزارت الجبهة الأفغانية أثناء الجهاد ضد الروس أكثر من مرة.

* لها عدد من الكتب منها "أيام من حياتي"، و"نحو بعث جديد"، و"نظرات في كتاب الله".
سيف الجهاد
سيف الجهاد
28 من جمادى الآخرة 1426هـ= 3 من أغسطس2005م
وفاة الداعية الإسلامية المصرية زينب الغزالي عن عمر يناهز 91 عاما. كانت من أبرز عضوات "الاتحاد النسائي" الذي أسسته هدى شعراوي، ثم أسست جمعية "السيدات المسلمات"، وبدأت صلتها بجماعة الإخوان المسلمين بعد تأسيس جمعيتها بعام، وساهمت في إحياء جماعة الإخوان بعد تعرضها للمحنة، وتعرضت للاضطهاد الشديد في عهد عبد الناصر، وأفرج عنها بتدخل من الملك فيصل بن عبد العزيز...
الزنبقه السحرية
جزاك الله خير
سيف الجهاد
سيف الجهاد
الزنبقة السحرية
الشكر للمرور و الحضور بهذا الدعاء الذي هو أبلغ عبارة 00