كﻻم بديعوجيب لكل مبتلي

ملتقى الإيمان



📍قال الله: ﴿وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾.

🌿 يقول ابن القيم: في هذه الآية عدة أسرار ومصالح للعبد. فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب، والمحبوب قد يأتي بالمكروه، لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة لعدم علمه بالعواقب، فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد، ولا أنفع له من امتثال الأمر وإن شق عليه الابتداء، لأن عواقبه كلها خيرات ومسرات ولذات وأفراح، وإن كرهته نفسه فهو خير لها وأنفع لما يعقبه من اللذة العظيمة والخير الكثير. والعاقل الكيس دائما ينظر إلى الغايات من وراء ستور مبادئها، فيرى ما وراء تلك الستور من الغايات المحمودة، ولكن هذا يحتاج إلى فضل علو تدرك به الغايات من مبادئها، وقوة صبر يوطن به نفسه على تحمل مشقة الطريق لما يؤمل عند الغاية، وهان عليه كل مشقة يتحملها. ومن أسرار هذه الآية أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور، والرضا بما يختاره له ويقضيه له؛ لما يرجو فيه من حسن العاقبة. ومنها: أنه لا يقترح على ربه، ولا يختار عليه، ولا يسأله ما ليس له به علم، فلعل مضرته وهلاكه فيه وهو لا يعلم! فلا يختار على ربه شيئا؛ بل يسأله حسن الاختيار له، وأن يرضيه بما يختاره، فلا أنفع له من ذلك. ومنها أنه يريحه من الأفكار المتعبة في أنواع الاختيارات، ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منه في عقبة وينزل في أخرى، ومع هذا فلا خروج له عما قدر عليه فلو رضى باختيار الله أصابه القدر وهو محمود مشكور ملطوف به فيه. ومنها: أنه إذا فوَّض إلى ربه، ورضى بما يختاره له، أمدّه فيما يختاره له بالقوة عليه والعزيمة والصبر، وصرف عنه الآفات التي هي عرضة اختيار العبد لنفسه، وأراه من حسن عواقب اختياره له ما لم يكن ليصل إلى بعضه بما يختاره هو لنفسه. ومتى صح تفويضه ورضاه، اكتنفه في المقدور العطف عليه واللطف به، فيصير بين عطفه ولطفه، فعطفه يقيه ما يحذره، ولطفه يهوّن عليه ما قدّره. وإذا نفذ القدر في العبد، كان من أعظم أسباب نفوذه تحيُّله في ردّه، فلا أنفع له من الاستسلام، وإلقاء نفسه بين يدي القدر طريحا كالميتة، فإن السبُع لا يرضى بأكل الجيَف (من كتاب الفوائد).
2
441

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

رنوووزده
رنوووزده
جزاااك الله خييير ياقمر. .الله يسعدك
متجر هاجر
متجر هاجر
جزاك الله خير