أقبلت العشر فبادري بالخير

اجعلي هذه الايام أيام تربية لنفسك
فمع كثرة العمل الصالح في هذه الايام المباركات تكون فرصة لك بتعويدها على عدم ترك هذه الاعمال حتى في الايام العادية
فأول نية لنا من هنا ستكون نية التغيير
تغيير قلبي وسلوكي ومشاعري وأخلاقي وأولوياتي
فنيتنا من اليوم يا حبيبة ليست مجرد اكتساب الحسنات
بل هي اعمق لتصل الى قلوبنا وتغييرها وتطهيرها من كل دنس ومن كل شهوة ومن كل حقد وضغينة
فسنرتفع بها الى المعالي من كل أمور حياتنا
مرت بنا الايام الماضية حادثة عظيمة جدا
حادثة وقوع الرافعة في الحرم المكي
كانت لي معها وقفات مؤلمة في نفسي
سبحان الله تغير الجو فجأة وهطلت الامطار بشكل مخيف جدا
كنت وقتها أتحدث مع أختي التي تسكن في مكة وكنت أسمع الاصوات من على الهاتف
وهي كانت تصف الأمر بأنه يخُيل اليها بأن الشبابيك تكاد تنخلع من مكانها
وعندما شاهدت المقاطع التي تم انزالها على شبكات التواصل
تخيلت كيف حالنا سيكون يوم القيامة ، أناس أتت في هذه الساعة ناس تحركت بدلت مكانها قبل وقوع الرافعة بلحظات
كل هذه الأمور تسير وفقا لأمر الله عز وجل وتلك الأقدار والآجال هي بأمر الله عز وجل
لا تقلقي أختي الحبيبة لست مخلدة في هذه الدنيا
فمهما عشنا وعمرنا في هذه الحياة ستكون لكِ كالحلم تماما ولا بد أن تستيقظي
أسأل الله أن يجعلنا من أهل الفردوس الاعلى وأن يختم لنا بالصالحات
اجعلي هدفك الجنة ، دوما انظري الى مواضع قلبك ونقيه وذكريه دائما إنما هي رحلة ياقلب ولا بد أن تنتهي
فأول أعمالنا هي القلب وتنقيته وتصفيته

ومن الاعمال التي يجب علينا الاكثار منها

• تحري أوقات الاجابة الاكثار من الدعاء بأن يعينك الله عز وجل على استغلال هذه العشر بالعمل الصالح

• الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى لقوله تبارك و تعالى : { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآية 28).

روي عن عبد الله بن عمر ? رضي الله عنهما ? أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهن من التكبير ، والتهليل ، والتحميد "

• الإكثار من صلاة النوافل لكونها من أفضل القُربات إلى الله تعالى إذ إن " النوافل تجبر ما نقص من الفرائض

• الصوم جنة

عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه ? قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

"ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله. إلا باعد الله، بذلك اليوم، وجهه عن النار سبعين خريفا ".

رواه مسلم

• تلاوة القرآن الكريم

قال تعالى ?مادحاً من قام بهذا العمل- :{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ*

لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} .

• الإنفاق والصدقة في سبيل الله

قال تعالى : َلنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92) ] ال عمران: 92 [

هي فرصة عظيمة لتربية النفس والتقرب الى الله عز وجل والتعرض لنفحات رحمته وهو موسم تجارة رابحة ان شاء الله

قال ابن باز :
وسيئة في عشر ذي الحجة أشد وأعظم من سيئة في رجب
أو شعبان ونحو ذلك، فهي تضاعف من جهة الكيفية لا من جهة العدد.
فالسيئات لا تضاعف من جهة العدد لا في رمضان ولا في الحرم ولا في غيرها ،
بل السيئة بواحدة دائما وهذا من فضله سبحانه وتعالى وإحسانه .
ولكن سيئة الحرم ، وسيئة رمضان ، وسيئة عشر ذي الحجة أعظم إثما من السيئة فيما سوى ذلك ،
فسيئة في مكة أعظم وأكبر وأشد إثما من سيئة في اماكن اخرى ،
وسيئة في رمضان ، وسيئة في عشر ذي الحجة أشد وأعظم من سيئة في رجب ، أو شعبان ونحو ذلك
ابتعدي عن كل معصية اختي الحبيبة بقدر ما تستطيعين وعودي نفسك على ذلك
تأخير الصلاة عن وقتها
آفات اللسان من كذب وغيبة ونميمة وكلام فاحش
افات السمع الاصغاء الى كل محرم من اغاني وكلام لا ينفع ولايفيد
آفات القلب من كبر وعجب وحسد وغرور
اجعلي بينك وبين الذنوب والمعاصي حاجزا منيعا وعززيه في هذه الايام المباركة
عله ينفعك في الايام القادمة والتي قد يعتريك فيه الملل والفتور


اجعلي شعارك في هذه الايام (وتزودوا)
يعني كل ما عملت عملا فاستزيدي منه اكثر
كنت تقراي كل يوم جزء في هذه الايام اجعليها جزئين او ثلاثة وذكري نفسك (وتزودوا)
كنت تقومي الليل بركعتين اجعليها اربع او ست وذكري نفسك (وتزودوا)
كنت تصلي الفرض فقط صلي السنن وذكري نفسك (وتزودوا)
لماذا (وتزوداو) لانك ببساطة محتاجة هذا التزود طيلة عمرك وفي الاخرة ستجدي هذه الزيادة وقد أحاطتك بالخير
فهي اعمالنا غاليتي وحدها من سترحل معنا

وأخيرا واعلم اني قد أطلت اريدك اختي الحبيبة في يوم عرفة ان تتذكري هذا الحديث

قَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار، من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟))
اجتهدي اختي الحبيبة ان يكون لك مكان بين هؤلاء
أقبلي على الله عز وجل بأن تكوني ممن يعتقهم من النار


اغيظي ابليس في هذا اليوم واجعلي لك مكانا بين ممن يعتقون من النار

فالعتق في هذا اليوم ليس خاصا بالحجاج
ولا تنسي ان يوم عرفة هو اليوم المشهود هو يوم المغفرة
احبسي نفسك في هذا اليوم لله عز وجل ولا تشغلي قلبك بشيء ولا تأبهي لأي عرض من اعراض الدنيا أن يفوته
موسم وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .. ان لم تجدي من تنافسيه فنافسي نفسك على كل معالي الامور التي يحبها الله عز وجل

اللهم اجعلنا من الفائزين في الحياة الدنيا وفي الاخرة

روي عن سفيان بن عيينة انه شهد ثمانين موقفا (وقفة بعرفة) ...
وكان من شدة شوقه وحبه ...
يدعو الله في كل موقف : اللهم لا تجعله آخر العهد بك ...
وعلم الله صدق محبته وشدة شوقه فاستجاب دعاءه ولم يحرمه ...
فلما كان العام الذي مات فيه لم يقل شيئا ....
فسئل عن ذلك فقال : قد استحييتُ من الله تعالى
ينطوي يوم عرفة (مع انه يوم واحد ..بضع ساعات ) على عمر كامل وتصحيح مسار حياتك وذلك ان قبلك الله عز وجل وأعتق رقبتك