يارب فاغفر ذنوبي ، وعافني واعف عني
العفو منك إلهي ، والذنب قد جاء منــــي..
والظن فيك جميلٌ ، حقق بحـــقك ظنـــــي ..

هو الله العفـــــــــــــــوُّ الغفـــــــــــــور ..
ومن يصفح عن الذنوب ،
ويدع مجازاة المسئ بجميل إحسانه سواه ؟!
:
هو الله الواضع عن عباده تبعات خطاياهم وآثامهم ..
إن تابوا وأنابوا واستغفروا ..
أو تركوا لوجهه أعظم مما فعلوا ..
ليكفر عنهم مافعلوا بما تركوا ..
:
والعفــــــــــــــــــــوُّ .. من أسماء الله الحسنى
وقد ذكر في القرآن الكريم خمس مرات ،
أربع مرات مع اسم الله الغفور ، والخامسة مع اسمه القدير ..
:
في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت :
قلت يارسول الله إن أنا وافقت ليلة القدر ماأقول ؟
قال صلى الله عليه وسلم :
( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ).
:
إن العفو خلق من أخلاق القــــــــــرآن ..
يحب الله من عباده أن يتخلقوا به ..
ويرغّبهم في تلك الخصلة الكريمة ..
فإن عفا بعضهم عن بعض عاملهم تعالى بعفوه ..
قال تعالى :
( وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ).
وقال تعالى :
( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )..
:
ولئن سألت : ماحقيقـــــــــــــة العفـــــــــــو ..؟
نقول العفو هو :
أن يخطئ معك إنســـــــــان ..
وتكوني في موقف القوة ..
أي تكوني قادرة على معاقبته ومؤاخذته..
ولكنك تعرضين عنه وتصفحين ..
ولا يظهر العفو إلا مع الاقتدار ..
وقيل ماقرن شيئاً بشيء أزين من حلم إلى علم ،
ومن عفو إلى قدرة.

روايــــــــــــة ~
روى الإمام الغزالي أن ( ميمون بن مهران ) جاءته جارية له
بطعام ساخنٍ فوقع إناء الطعام من يدها فأصاب سيدها شيء منه
فقال لها غاضباً : أحرقتني ..!
فأجابته : يامعلم الخير ، ويامؤدب الناس !
ارجع إلى ماقاله الله تعالى ..
فقال : وما قال الله تعالى ؟
أجابت : قال ( والكاظمين الغيظ )..
قال : كظمت غيظي ..
فواصلت : ( والعافين عن الناس )..
قال : قد عفوت عنك ..
فأكملت : ( والله يحب المحسنين )..
قال : فأنت حرة لوجـــه الله ..
:
حديــــــــــــــث شريــــــــــــــــــف ~
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(ألا أدلكم على ما يرفع الله به الدرجات؟ )
قالوا : نعم ..
قال صلى الله عليه وسلم :
( تحلم على من جهل عليك ، وتعفو عمن ظلمك ،
وتعطي من حرمك ، وتصل من قطعك ).
:
ولنا في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر
فقد ضرب لنا أروع الأمثلة في العفو والصفح ..
كان أحلم الناس ...
وأرغب الناس في العفو مع المقدرة ..
:
وهناك موقف في تاريخ عفوه صلى الله عليه وسلم ، لاينسى ولا يبلى ..
وذلك يوم فتح مكة .. يوم أن انتصر على أعدائه الذين اضطهدوه
وآذوه ، وأخرجوه ..
كلمة قالها هدأت روعهم ، وأذهبت عنهم الخوف ..
( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن لقى السلاح فهو آمن ،
ومن أغلق بابه فهو آمن )..
هكذا علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم ..
وضرب لنا أروع مثل في العفو عند المقدرة .
وقد كانت له في ذلك المعنى مواقف أخرى كثيرة..
:
قـــــــــول في العفـــــــــــــو ~
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
( أعقـــــــــــــــــل الناس أعذرهــــــــــــــــم للناس ).

قصـــــــــــة وعظــــــــــــــة ~
حدث في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ...
أن جاء ثلاثة أشخاص ممسكين بشاب وقالوا:
يا أمير المؤمنين نريد منك أن تقتص لنا من هذا الرجل ، فقد قتل والدنا ..
سأله عمر : لماذا قتلته ؟
قال الرجل :
إني راعى ابل وأعز جمالي أكل شجرة من أرض أبوهم
فضربه أبوهم بحجر فمات ، فامسكت نفس الحجر وضربته به فمات ..!
قال أمير المؤمنين : إذن سأقيم عليك الحد.
قال : أمهلني ثلاثة أيام فقد مات أبي وترك لي كنزاً ..
أنا وأخي الصغير فإذا قتلتني ضاع الكنز وضاع أخي من بعدي..
...
فالتفت عمر يسأل : ومن يضمنك من الناس ؟
فنظر الرجل في وجوه الناس ثم أشار إلى أحدهم فقال :
هذا الرجل ...!وأشار إلى أبي ذر ..
فقال عمر بن الخطاب:
يا أبا ذر هل تضمن هذا الرجل ؟
أجاب أبو ذر : نعم يا أمير المؤمنين أضمنه ..
فقال عمر : إنك لا تعرفه وأن هرب أقمت عليك الحد..
فوافق أبو ذر ..
...
غادر الرجل .. ومر اليوم الأول .. والثاني .. والثالث ولم يبد له أثر ..
واجتمع من الناس من شهد الحادثة وهم في قلق على أبا ذر
وقبل أن تغرب شمس اليوم الثالث ..
لمح الناس من بعيد رجلاً مقبلاً
فإذا به الرجل المطلوب .. وهو يلهث .. وقد أشتد عليه التعب والإرهاق ..
ليلحق الموعد قبل فوات الأوان ..
...
قال الرجل : لقد سلمت الكنز وأخي لأخواله..
وجئت بأسرع ماأستطيع .. وأنا تحت يدك لتقيم علي الحد.
تعجب من موقفه أمير المؤمنين وقال :
ما دفعك إلى الرجوع والموت بانتظارك ؟!
:
أجاب : خشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد بين الناس
فالتفت عمر بن الخطاب لأبا ذر وسأله :
وأنت ..! ماالذي دفعك إلى أن تضمنه .. كان من الممكن ألا يأتي ..
فقال أبو ذر : خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس .
فتأثر أولاد القتيل بهذين الموقفين فبادروا في القول :
ونحن بدورنا قد عفـــــــــــــــــــونا عنه .
فقال عمر متعجباً : وماذا جعلكم تعفون عنه ؟
فقالوا قولة واحدة :
خشينا أن يقال لقد ذهب العفـــــــــــــــــــــــو بين الناس ..!
:
تلك هي مكارم الأخلاق تتفشى بين الكرام
كنشر الطيب...
أينما سرى .. يصيب ..!
:
قيـــــــــــــل في العفــــــــــــو ~
قال الأمام الشافعي
لما عفوت ولم أحقد على أحدِ ..
أرحت نفسي من هم العداواتِ..

ختـــــــــــــــــــــــــــامـــــــــــــــــــــــاً ~
فإن للعافين عند الله علو قدر وعظيم أجر ..
ولهم عند الناس تقدير ومكانة طيبة في القلوب ، وذكر حسن ..
والعافين آمنين إن شاء الله من الفتن والزلل ..
والفائزين بالعفو والمغفرة من الله بكريم فعلهم المقرون بالإيمان ..
:
إن العفو إن ساد في موطن لارتفع عنه الظلم والحيف ..
واطمأنت فيه النفوس بالتوكل على الله تعالى ..
ولتحمل الجميع فيه المسؤولية .
:
:
وهو خلق راقي حث عليه الدين الحنيف .....
ينمي المحبة ويدفع الضغينة ....
الغالية فيض طرح مميز كعادتك..أجدت في تفصيله بصورة جميلة ...
جزاك الله كل خير