
سلام الله عليكن..
حياكن المولى ورزقكن من النعم ماتقر به قلوبكن واعينكن
نشارككن اليوم عدائب وبعضا من كنوز شتى تعرفنا عليها
وجمعناها خلال حفظنا لسورة الحج في ملتقى الهمم
راجين ان تشاركننا المتعة و الفائدة.. وفقكن المولى ونفع بكن..
وعلى بركة الله تبدأ رحلتنا في رحاب سورة الحج..

وقفات من سورة الحج
سورة الحج هي من أعاجيب سور القرآن الكريم ففيها آيات نزلت في المدينة وأخرى نزلت في مكة ، وآيات نزلت ليلاً وأخرى نهاراً، وآيات نزلت في الحضر وأخرى في السفر وجمعت بين أشياء كثيرة. وهي السورة الوحيدة في القرآن كله التي سميّت باسم ركن من أركان الإسلام وهو الحج. فالسورة تتحدث عن مواضيع كثيرة منها يوم القيامة والبعث والنشور والجهاد والعبودية لله
فما علاقة كل هذه الأمور ببعضها وبالحج؟
الواقع أن الحج هو العبادة التي تبني الأمة لما فيه من عبر لا يعلمها إلا من حجّ واستشعر كل معاني الحج الحقيقية.
1. فالحج يذكرنا بيوم القيامة وبزحمة ذلك اليوم والناس يملأون أرجاء الأرض وكلهم متجهون إلى مكان واحد في لباس واحد في حرّ الشمس (النفرة من مزدلفة والنزول من عرفة والتوجه لرمي الجمرات).
2. والحج يذكرنا بيوم البعث، فمنظر الحجيج في مزدلفة وهم نيام بعد وقوفهم في عرفة عليهم آثار التعب ويعلوهم التراب والغبار ثم يؤذن لصلاة الصبح فتراهم يقومون وينفضون عنهم التراب كما لو أنهم بعثوا من قبورهم يوم البعث.
3.والحج يذكرنا بالجهاد ولذا جاءت آيات الجهاد في السورة بعد آيات الحج لأنّ الحج تدريب قاس على الجهاد لما فيه ارتحال من مكان لآخر وتعب والتزام بأوقات ومشاعر أمر بها الله تعالى وعلّمنا إياها رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام
4. والحج يذكرنا بالعبودية الخالصة لله تعالى فالكل في الحج يدعون إلهاً واحدا في عرفة حتى الشجر والدواب والطير والسموات والأرض كلهم يدعو ربه ويسبحه لكن لا نفقه تسبيحهم.
في ختام السورة تأتي آية سجدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آية 77 وهناك مفارقة بين هذه السجدة والسجدة في سورة العلق (كلا لا تطعه واسجد واقترب) فالسجدة في سورة العلق كانت أول آية سجدة في القرآن وهي خاصة بالرسول عليه الصلاة و السلام وحده أما آية السجدة في آخر سورة الحج فهي آخر آية سجدة نزلت وهي موجهة للمؤمنين جميعاً. فسبحان الله العظيم.
==============
﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ﴾
لماذا خُصَّت المرضعة بالذكر هنا؟
مع أنها مجبولة على شدة محبتها لولدها، خصوصاً في هذه الحال التي لا يعيش إلا بها.
السعدي:533.
ما الوجه البلاغي في الوصف بــِ (مرضعة) دون «مرضع»؟
إنما لم يقل مرضع؛ لأن المرضعة هي التي في حال الإرضاع ملقمة ثديها للصبي، والمرضع التي شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به، فقال: (مرضعة) ليكون ذلك أعظم في الذهول؛ إذ تنزع ثديها من فم الصبي حينئذ.
ابن جزي:2/ 48 .
﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَٰدِلُ فِى ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَٰنٍ مَّرِيدٍ ﴾
الجدال نوعان فما هما؟ وما الجائز منهما؟
قال الفخر الرازي في تفسيره: هذه الآية بمفهومها تدل على جواز المجادلة الحقة;
لأن تخصيص المجادلة مع عدم العلم بالدلائل يدل على أن المجادلة مع العلم جائزة،
فالمجادلة الباطلة هي المراد من قوله: (ما ضربوه لك إلا جدلا) ،
والمجادلة الحقة هي المراد من قوله: (وجادلهم بالتي هي أحسن)
الشنقيطي:4/263.
وصف الله تعالى الأرض في سورة الحج بالهامدة (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ)
وفي سورة فصلت بالخاشعة (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ۚ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۚ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
مالفرق بين الهامدة و الخاشعة؟
والأرض الهامدة لا شيء فيها فهي كانت هامدة موت كامل
أما الخاشعة لا تكون ميتة بل معبأة ببذور ومهيأة بالكامل
عندما ينزل مطر كل هذه الحياة تمشي كالقلب الخاشع إذا نزل عليه ماء الذكر
هذا الفرق بين القلب الميت (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ ﴿46﴾ الحج)
وبين أن يكون غافلاً لكن قلبه مستعد ما أن تأتي بضعة إيمانيات
حتى كل ما في قلبه من خير يخرج..
(د.فاضل السامرائى)