تــيــمــة

تــيــمــة @tym_1

عضوة فعالة

مشيئة الله .. " قصة قصيرة "

الأدب النبطي والفصيح



استيقظ الجميع على أصوات عالية في ذلك المعتقل المكشوف ..
كان الجنود يصرخون ويجذبون في كل دقيقة رجلا أو امرأة من داخل الخيام القديمة المنصوبة هناك ..
واصطف طابور طويل من الأجساد الهزيلة .. التي أنهكها الجوع والحصار .. وهاهم الأعداء يزيدونها ارهاقا باشاعة الخوف في الأجواء ..
صعد الضابط الى المنصة الخشبية ليلقي بكلمته ويكشف الغموض للأسرى المتفرجين .. والذين خرجوا جميعهم من خيامهم - عدا المرضى - ليروا ماذا يحدث .. وهتفت امرأة عجوز : فاجعة جديدة .. لعنهم الله .
ومن بين الواقفين في الصف .. كانت هناك .. سيدة سمراء .. ذات شعر بني حاولت عبثا أن تحجبه عن الأنظار ببعض الخرق البالية .. ولها عيون كانت فيما مضى واسعة مشرقة .. أما الآن فهي غائرة منطفئة .. لكنها احتفظت بنظراتها الثاقبة - بالرغم من ذلك - التي ما تكاد تنظر اليها حتى يهوي قلبك بين قدميك .. وتشعر وكأنها تقول لك : الويل لك ..
وبدأ الضابط يقول بصوت جهوري : بناء على التحقيقات .. تم اكتشاف مجموعة من الخارجين على القانون .. والذين كانوا يشاركون في التآمر علينا خفية .. وقد صدر اليوم حكم باعدام واحد من كل عشرة .. رميا بالرصاص .. ردعا لهم ولأمثالهم .. وليعلم الجميع أن لنا عيونا لا تنام !!

اصطف المتهمون متجاورين .. كل عشرة مع بعضهم .. وتقدم الضابط المتعجرف ينتقي ما يشاء من الأرواح ليزهقها .. وارتفعت الهتافات مع استشهاد كل شخص " الله أكبر .. الله أكبر " ..
أما هي .. فلم تكن تعي شيئا مما يحدث .. لقد كانت تناجي ربها : " يارب .. ها قد حان الوقت الذي انتظرته طويلا .. اللهم اني أسألك الشهادة .. أكرمني بها .. أسعدني برؤياك ياحبيبي .. اني رغبة في لقائك فخذني اليك .. وقربني منك .. وأرحني من عناء هذه الدنيا الفانية .. وألحقني بالشهداء والصديقين في الفردوس الأعلى .. يا ربي .. اني صدقتك فاصدقني .. اني صدقتك فاصدقني .. اني صدقتك فاصدقني .. أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله .. "
ودوى صوت رصاصة واحدة ... ثقبت رأسا واحدا ... وسقطت جثتان ..
سادت الدهشة الوجوه .. واقترب الطاغية المجرم حاملا مسدسه وقد تصاعد الدخان من فوهته وركع جوار الجثتين ..
كانت احداها فقط مثقوبة الرأس .. أما الأخرى فقد كانت جثة صاحبتنا .. ولم يكن بها أي أثر للرصاص !!
وحانت منه التفاته الى وجهها .. فرأى ابتسامة نصر ورضا على شفتيها .. ورأى عينيها تحدقان به في انذار مرعب .. فارتد الى الوراء ولم يصدق أنها ميتة .. فراح يطلق الرصاص على كل جزء من جسدها .. ولكن ما يضير الشاة سلخها بعد ذبحها .. لقد ماتت فعلا .. ماتت بلا سبب .. سوى ارادة الله .. أحبت لقائه فأحب لقائها .. لم تخف البشر يوما .. ولم تتشبث بالدنيا .. أو تفر من الموت ..
.. لقد صدقت الله فصدقها ..


مستوحاة من أحد المشاهد ..

__________________



2
454

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

فتاة اللغة العربية
لله در القائل :
قالوا الشهادة , قلت نيل شهادة.... وبلوغها في الله أعظم موكب
أكرم به موتًا يلاقيه الفتى .... بالذكر يلهج والصلاة على النبي
وإذا تعلقت القلوب بربها .... فلسوف يغدو الموت أعظم موكب
قصة مؤثرة جدًا
جزاك الله خيرا
وبارك فيك وفي حرفك المضيء
سنوكة حنين
سنوكة حنين
تعيدين الذكرى لي يا غالية
حقا لقد تذكرت تحليلي لهذه القصة
ووقفتنا أنت وأنا معها سويا

أشكرك من الأعماق
لأنك حينها زرت في قلبي نوعا من الثقة
والرغبة في البحث في المضمار الحرف

جزاك الله خيرا

ونفع بحرفك الأمة

ننتظر جديك

تقبل الله منا صالح الأعمال

تقبلي تقديري
واحرامي
وشكري الكثير يا تيمة