نور البرق

نور البرق @nor_albrk

عضوة شرف في عالم حواء

العواصم من الفتن

الملتقى العام





وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ .



فتنة الشبهات : كالتشكيك في الدين، والوقوع في الشرك أو البدع، أو اختلاط الأمر على الإنسان فلا يميز بين الحق والباطل والمباح والمحرم، وغير ذلك فهذه فتنة الشبهات، ودواءها كما سوف يأتي بتعلم العلم وسؤال أهل العلم فبالعلم تزال كل الشبهات

أيها المؤمنون: أخبرنا الله ورسوله أن هذه الأمة سوف تفتن وتتعرض لأنواع من

الفتن وقد يكون في بعضها خير للمؤمنين ( ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم ). وقال

تعالى (ألم* أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين )

وجاء في صحيح البخاري عنْ سَالِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ-رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :"يُقْبَضُ

الْعِلْمُ وَيَظْهَرُ الْجَهْلُ وَالْفِتَنُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْهَرْجُ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ فَحَرَّفَهَا كَأَنَّه يُرِيدُ الْقَتْلَ " أ.هـ

وفي رواية أخرى في البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَا تَقُومُ السَّاعَةُ

حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ"أ.هـ

في بعض الفتن يحصل خير للأمة عظيم كالتعرف على صديقها من عدوها وصادقها من كاذبها ومؤمنها من منافقها ،في بعض الفتن ترسخ معان في الأمة لا ترسخها مئات الخطب والمحاضرات وهذا كله من رحمة الله بعباده ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


أيها المؤمنون : إن المؤمن الصادق الخائف من هذه الفتنة لابد وأن يدور في خلده وفي ذهنه سؤال كبير سؤال ، هذا السؤال يتردد في نفس كل مؤمن يعيش في زماننا هذا .

ما المخرج وما العاصم من هذه الفتن ؟
والرسول صلى الله عليه أوصى أمته عند حلول الفتن أن تأخذ بأسباب النجاة ولا تظل مكتوفة الأيدي فقد أخرج البخاري في صحيحه عن َأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ)أ.هـ
ولعل في الإشارة ما يغني عن بسط العبارة فنذكر أهم العواصم من الفتن نسأل الله أن يحمينا وإياكم من الفتن



العاصم الأول: الدعاء




أيها المؤمنون: إن من أبرز مظاهر التوحيد وسلامة المعتقد أن يلجأ المؤمن لربه في كل أموره ويعلق قلبه به وخاصَّة

أوقات الفتن فلا منجي ولا هادي ولا عاصم إلا الله فلا تلتفت لغيره يا عبد الله والزم وصية نبيك محمد صلى الله عليه وسلم

،فقد جاء في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال )تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ).

وعلمنا صلى الله عليه وسلم أن نتعوذ في دبر كل صلاة من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال .

العاصم الثاني : العلم .


أيها المسلمون : بالعلم يرفع الجهل وتستبين الأمة طريقها، بالعلم يرتفع اللبس عنها عند اختلاط الأمور، وكثرة الشرور .


والعلم الذي نقصده ونعنيه هو : العلم الشرعي؛ فالعلماء: هم قادة الأمة الذين يقودونها إلى بر الأمان، الذين يعلمون ما أنزل

الله في كتابه وما جاء عن رسوله؛ فيبلغونه للأمة لكي تنجو من الفتن وتسلم في أوقات المحن . والعلماء ورثة الأنبياء

والأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً ولكن ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر .

وإن من العلم أن تقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة صحابته وكيف واجهوا الفتن وتعاملوا معها فعليك

بطريقتهم ومنهجهم وسلوكهم ففيه النجاة (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده )، وهنا نهمس في آذان الدعاة والمربين

والمصلحين أن يجعلوا مرتكز دعوتهم وأساس تربيتهم على العلم الشرعي المؤصل من الكتاب والسنة وأن يحرصوا على تعويد الناشئة على حلق العلم والعكوف عليه ، فالعلم نور وهاد عند اشتداد الفتن نسأل الله أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح .



العاصم الثالث : العبادة والطاعة والعمل الصالح :

حينما تكثر الشهوات والملهيات وتنزين الدنيا للمؤمنين وتصرفهم عما خلقوا لأجله ، فالمؤمن يهرع ويفزع إلى سيده

ومولاه إلى الرحمن الرحيم جل وعلا ، حينما يتملك قلبك الهم ، ويعلو محياك الغم ، فعليك منهج نبيك فأتم .


جاء في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العبادة في الهرج وفي رواية في الفتنة كهجرة إلي ).

يعني بذلك أن لها ميزة وفضل وأجر عظيم في أوقات الفتن .

يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله معلقاً على هذا الحديث : ( وسبب ذلك أن الناس في زمن الفتن يتبعون أهوائهم ولا

يرجعون إلى دين فيكون حالهم شبيهاً بحال الجاهلية فإذا انفرد من بينهم من يتمسك بدينه ويعبد ربه ويتبع مراضيه

ويجتنب مساخطه كان بمنزلة من هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ،متبعاً لأوامره مجتنباً لنواهيه "أ.هـ.

ونبينا الكريم صلى الله عليه وسلم كان إذا حزنه أمرهرع وفزع إلى الصلاة .


جاء في صحيح مسلم عن ْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا

كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا" فالرسول

صلى الله عليه وسلم حث على المبادرة إلى الأعمال الصالحة عند حلول الفتن من صلاة وصيام وصدقة وبر وأداء للحقوق

الواجبة عليك وصلة الرحم وقراءة القرآن وغيرها من الأعمال ثبتنا الله وإياك على الطاعة .

العاصم الرابع : تربية النفس على الإيمان بالله وباليوم الآخر :



فبالإيمان بالله: يحصل تعظيمه وتعظيم أمره ومراقبته في السر والعلن، بالإيمان بالله يغرس في القلوب محبته ومرضاته وتقديمها على كل المحاب، بالإيمان بالله يتعرف على الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى فيظهر أثرها على السلوك والأخلاق ويظهر قوة الإيمان بها وقت الفتن والشدائد ،.


والإيمان باليوم الآخر واليقين الجازم بما أعد الله في ذلك اليوم للمحسنين وما أعد للمسيئين تحصل العصمة بإذن الله من

المغريات والشهوات التي هي ظل زائل ولا يعرف حقيقة الدنيا إلا من عرف حقيقة الآخرة وما أعد الله للمؤمنين ، يقول

جل وعلا : ( فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى ، وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى

فإن الجنة هي المأوى ) ويحصل اليقين بكثرة قراءة كتاب الله بتدبر وتمعن يقرأ ويتدبر ما أعد الله لعباده المؤمنين الذين

حرموا أنفسهم من الشهوات المحرمة خوفاً من الله وقاموا بما أوجب الله عليه من العبادة طمعاً في الأجر من الله ويقرأ في


كتاب الله ما أعد الله لمن عصاه من الويل والثبور فيكون زاجراً له عن الوقوع في الفتن ولقد كان منهج النبي صلى الله

عليه وسلم لأصحابه في تربيته لهم أن يربيهم ويعلق قلوبهم بما أعد الله لهم في الجنة حتى في أحلك الظروف وأقسى

الفتن فهذا صلى الله عليه وسلم يمر بآل ياسر وهم يعذبون ويسحبون في رمضاء مكة فيقول لهم صلى الله عليه وسلم ( صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة ) ولم يعلقهم ويعدهم بشيءٍ من حطام الدنيا .




العاصم الخامس : العمل بالعلم والدعوة إلى الله :





فإن العامل بدين الله الذي يبلغه وينشره الذي يأمر الناس بالمعروف وينهاهم عن المنكر هو من أبعدهم عن الوقوع في

الفتن الذي ينصح للمسلمين ويدلهم على كل خير هو أكثر الناس بعداً عن الوقوع في الخلل والزلل وأكثر الناس توفيقا

وهداية وسداداً ،يقول الله جل وعلا : ( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً ، وإذاً لآتيناهم من لدنّا

أجراً عظيماً ، ولهديناهم صراطاً مستقيماً ) ، فحصل لمن عمل بما يوعظ به : الخيرية و الثبات والأجر العظيم والهداية للصراط المستقيم .

العاصم السادس : الخوف من الفتن والفرار منها :


وعدم الاغترار بالنفس ، إن المؤمن الصادق المتواضع الذي يخاف على نفسه ، ومن خاف نجا ومن أمن هلك .

فإذا رأيت فتنة مال أو نساء أوغيرها من الفتن فابتعد ، وإياك ومواطن الفتن والريب ، حتى لا يصيبك منها شيء ، وقد
علمنا سلفنا هذا المنهج فكانوا يخافون منها ، فهذا ابن أبي مليكة يقول : " أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله

عليه وسلم كلهم يخشى النفاق على نفسه " أ.هـ ، وهذا أبوهريرة رضي الله عنه يقول : تكون فتنة لاينجي منها إلا دعاء

كدعاء الغرق " أ.هـ ،أي الذي بلغ منه الخوف والوجل كخوف الذي أوشك على الغرق .


والخوف من الفتن المحمود ماكان باعثاً على العمل فهذا نبينا الكريم خاف من الفتن فهرع إلى العمل الصالح فقد أخرج

البخاري في صحيحه عن أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنْ الْفِتَنِ وَمَاذَا فُتِحَ مِنْ الْخَزَائِنِ أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الْحُجَرِ فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الْآخِرَةِ.



كيف يعرف الإنسان أنه وقع في الفتنة أم لا ؟



أخيراً أختم هذا الحديث عن الفتن بهذا الأثر عن حذيفة رضي الله عنه - الفقيه بالفتن وما ورد فيها- كما جاء عند الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ، أنه قال : " إذا أحب أحدكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا؛ فلينظر فإن كان رأى حلالاً كان يراه حراماً فقد أصابته الفتنة ، وإن كان يرى حراماً كان يرى حلالاً فقد أصابته الفتنة "أ.هـ
فمن الفتن التي لا يعلمها كثير من الناس التقلب في الدين والرأي على غير هدى وبصيرة فمرة يؤيد الحق وأهله ومرة يؤيد الباطل وأهل والمهتدي من هداه الله والمعصوم من عصمه الله .تم الاستعانة ....بعدة مصادر




أسباب الثبات أمام الفتن
عبد العزيز بن عبد الله بن باز

http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=10126


فتن آخر الزمان
محمد بن سعيد القحطاني
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=9325

عشرون وسيلة لمواجهة الفتن
http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=1137

يتبع .....
27
3K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

سمسومه
سمسومه
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

اعوذ بالله من الفتن ظاهرها وباطنها

جزاك الله خير...والله يثبتنا
بوظبي وبس
بوظبي وبس
يزاج الله خير
ام سلطان الشيشاني
الله يجزيكي الخير
اصعب فتنه هي فتنة الدين
الله يحمينا ويحمي اولادنا لسا احنا ما شفنا اشي
نور البرق
نور البرق
يزاج الله خير
يزاج الله خير



وسائل الثبات على دين الله





من كتاب: وسائل الثبات على دين الله

للشيخ/محمد صالح المنجد



يتناول الدرس الثبات على دين الله كمطلب أساسي لكل مسلم صادق، يريد سلوك الصراط المستقيم بعزيمة ورشد، وذكر أهمية هذا الموضوع ثم ذكر وسائل الثبات، ونماذج من صور الثبات، ثم ذكر مواطن الثبات .

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد،،،

أهمية هذا الموضوع:الثبات على دين الله مطلب أساسي لكل مسلم صادق، يريد سلوك الصراط المستقيم بعزيمة ورشد، وتكمن أهمية الموضوع في أمور منها:



أولا:وضع المجتمعات الحالية التي يعيش فيها المسلمون، وأنواع الفتن والمغريات التي بنارها يكتوون، وأصناف الشهوات والشبهات التي بسببها أضحى الدين غريباً، فنال المتمسكون به مثلاً عجيباً: رواه الترمذي . ولا شك عند كل ذي لب أن حاجة المسلم اليوم لوسائل الثبات أعظم من حاجة أخيه أيام السلف، والجهد المطلوب لتحقيقه أكبر؛ لفساد الزمان، وندرة الأخوان، وضعف المعين، وقلة الناصر .



ثانيا: كثرت حوادث الردة والنكوص على الأعقاب، والانتكاسات حتى بين بعض العاملين للإسلام مما يحمل المسلم على الخوف من أمثال تلك المصائر، ويتلمس وسائل الثبات للوصول إلى برٍ آمن .



ثالثا: ارتباط الموضوع بالقلب ؛ الذي يقول النبي صلى الله عليه وسلم في شأنه: رواه أحمد وهو في صحيح الجامع رقم 5147. ويضرب عليه الصلاة والسلام للقلب مثلاً آخر، فيقول: رواه أحمد وهو في صحيح الجامع 2364. فسبق الحديثُ قولَ الشاعر:


وما سمي الإنسان إلا لنسيانه ولا القـلب إلا أنـه يتقلب



فتثبيت هذا المتقلب برياح الشهوات والشبهات أمر خطير يحتاج لوسائل جبارة تكافئ ضخامة المهمة وصعوبتها .




وسائل الثبات



ومن رحمة الله عز وجل بنا أن بين لنا في كتابه، وعلى لسان نبيه، وفي سيرته صلى الله عليه وسلم وسائل كثيرة للثبات، أستعرض بعضاً منها:



أولاً:الإقبال على القرآن:القرآن العظيم وسيلة الثبات الأولى، وهو حبل الله المتين، والنور المبين، من تمسك به عصمه الله، ومن اتبعه أنجاه الله، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم، وقد نص الله على أن الغاية التي من أجلها أنزل هذا الكتاب منجماً مفصلاً هي التثبيت، فقال تعالى في معرض الرد على شُبه الكفار:} وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا { سورة الفرقان .


لماذا كان القرآن مصدراً للتثبيت ؟



1- لأنه يزرع الإيمان، ويزكي النفس بالصلة بالله .



2- لأن تلك الآيات تتنزل برداً وسلاماً على قلب المؤمن، فلا تعصف به رياح الفتنة، ويطمئن قلبه بذكر الله .



3- لأنه يزود المسلم بالتصورات والقيم الصحيحة التي يستطيع من خلالها أن يُقوِّم الأوضاع من حوله، وكذا الموازين التي تهيئ له الحكم على الأمور؛ فلا يضطرب حكمه، ولا تتناقض أقواله باختلاف الأحداث والأشخاص .



4- أنه يرد على الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام من الكفار والمنافقين كالأمثلة الحية التي عاشها الصدر الأول.




نماذج:



1- ما هو أثر قوله تعالى: }مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى{ سورة الضحى. على نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما قال المشركون: ؟



2- وما هو أثر قول الله عز وجل: }لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ{ سورة النحل . لما ادعى كفار قريش أن محمداً صلى الله عليه وسلم إنما يعلمه بشر، وأنه يأخذ القرآن عن نجار رومي بمكة ؟



3- وما هو أثر قول الله عز وجل: }أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا { سورة التوبة. في نفوس المؤمنين لما قال المنافق: }ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي...{ سورة التوبة؟ أليس تثبيتاً على تثبيت، وربطاً على القلوب المؤمنة، ورداً على الشبهات، وإسكاتاً لأهل الباطل .. ؟ بلى وربي .



ومن العجب أن الله يعد المؤمنين في رجوعهم من الحديبية بغنائم كثيرة يأخذونها- وهي غنائم خيبر - وأنه سيعجلها لهم،

وأنهم سينطلقون إليها دون غيرهم، وأن المنافقين سيطلبون مرافقتهم، وأن المسلمين سيقولون:لن تتبعونا، وأنهم

سيصرون يريدون أن يبدلوا كلام الله، وأنهم سيقولون للمؤمنين: بل تحسدوننا، وأن الله أجابهم بقوله: } بَلْ كَانُوا لَا

يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا{ سورة الفتح ثم يحدث هذا كله أمام المؤمنين مرحلة بمرحلة وخطوة بخطوة وكلمة بكلمة ... ومن هنا

نستطيع أن ندرك الفرق بين: الذين ربطوا حياتهم بالقرآن، وأقبلوا عليه تلاوة وحفظاً وتفسيراً وتدبراً، ومنه ينطلقون،

وإليه يفيئون، وبين من جعلوا كلام البشر جل همهم، وشغلهم الشاغل ... ويا ليت الذين يطلبون العلم يجعلون للقرآن، وتفسيره نصيباً كبيراً من طلبهم .



ثانياً:التزام شرع الله والعمل الصالح: قال الله تعالى: } يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ

وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ
{ سورة إبراهيم .قال قتادة:' أما الحياة الدنيا: فيثبتهم بالخير والعمل الصالح،

وفي الآخرة: في القبر '. وقال سبحانه: } وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا{ سورة النساء

أي: على الحق، وهذا بيّن، وإلا فهل نتوقع ثباتاً من الكسالى القاعدين عن الأعمال الصالحة إذا أطلت الفتنة برأسها وادلهم

الخطب ؟! ولكن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم صراطاً مستقيما؛ ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يثابر على الأعمال الصالحة، وكان أحب العمل إليه أدومه وإن قل . وكان أصحابه إذا عملوا عملاً أثبتوه . وكانت عائشة رضي الله عنها إذا عملت العمل لزمته .



وكان صلى الله عليه وسلم يقول: رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وهو في صحيح النسائي . أي: السنن الرواتب . وفي الحديث القدسي: رواه البخاري.



ثالثاً: تدبر قصص الأنبياء ودراستها للتأسي والعمل: والدليل على ذلك قوله تعالى: }وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا

نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ { سورة هود. فما نزلت تلك الآيات على عهد رسول

الله صلى الله عليه وسلم للتلهي والتفكه، وإنما لغرض عظيم هو: تثبيت فؤاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفئدة المؤمنين معه .



نماذج للتأسي:







إبراهيم عليه السلام : فلو تأملت قول الله : }قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا ءَالِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَقُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَوَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ { سورة الأنبياء . قال ابن عباس: رواه البخاري. ألا تشعر بمعنى من معاني الثبات أمام الطغيان والعذاب، يدخل نفسك، وأنت تتأمل هذه القصة ؟



موسى عليه السلام: لو تدبرت قول الله عز وجل في قصة موسى: } فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَقَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ { سورة لشعراء . ألا تحس بمعنى آخر من معاني الثبات عند ملاحقة الطالبين، والثبات في لحظات الشدة وسط صرخات اليائسين وأنت تتدبر هذه القصة ؟



سحرة فرعون: لو استعرضت قصة سحرة فرعون، ذلك المثل العجيب للثلة التي ثبتت على الحق بعدما تبين، ألا ترى أن

معنى عظيماً من معاني الثبات يستقر في النفس أمام تهديدات الظالم وهو يقول: }قَالَ ءَامَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ

لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى

{سورة طه . ثبات القلة المؤمنة الذي لا يشوبه أدنى تراجع وهم يقولون: }قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَاإِنَّا ءَامَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى{ سورة طه ... وهكذا: قصة المؤمن في سورة يس، ومؤمن آل فرعون، وأصحاب الأخدود، وغيرها: يكاد الثبات يكون أعظم دروسها قاطبة .



رابعاً: الدعاء: من صفات عباد الله المؤمنين أنهم يتوجهون إلى الله بالدعاء أن يثبتهم: }رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا{ سورة آل عمران ، }رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا{ سورة البقرة . ولما كانت: رواه مسلم و أحمد؛ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: رواه الترمذي وابن ماجه، وهو في صحيح الجامع .



خامساً:ذكر الله: وهو من أعظم أسباب التثبيت؛ تأمل في هذا: الاقتران بين

الأمرين في قوله عز وجل: }يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{ سورة

الأنفال . فجعله من أعظم ما يعين على الثبات في الجهاد، وتأمل أبدان فارس والروم كيف خانتهم أحوج ما كانوا إليها،

بالرغم من قلة عدد وعدة الذاكرين الله كثيراً ... وبماذا استعان يوسف عليه السلام في الثبات أمام فتنة المرأة ذات

المنصب والجمال لما دعته إلى نفسها ؟ ألم يدخل في حصن: }مَعَاذَ اللَّهِ... { سورة يوسف . فتكسرت أمواج جنود الشهوات على أسوار حصنه؟ وكذا تكون فاعلية الأذكار في تثبيت المؤمنين .



سادساً:الحرص على أن يسلك المسلم طريقاً صحيحاً: والطريق الوحيد

الصحيح الذي يجب على كل مسلم سلوكه هو طريق: أهل السنة والجماعة، الطائفة المنصورة، والفرقة الناجية، أهل العقيدة

الصافية والمنهج السليم واتباع السنة والدليل،
والتميز عن أعداء الله ومفاصلة أهل الباطل . سمعنا كثيراً عن كبار تنقلوا

في منازل البدع، وآخرين هداهم الله، فتركوا الباطل وانتقلوا إلى مذهب أهل السنة والجماعة ساخطين على مذاهبهم الأولى، ولكن هل سمعنا العكس ؟! فإن أردت الثبات فعليك بسبيل المؤمنين .



سابعاً:التربية الإيمانية العلمية الواعية المتدرجة:







يتبع

كليوباترا الشام
فعلا موضوعك حلو ويستحق التثبيت