laila1980

laila1980 @laila1980

عضوة نشيطة

العنف ضد النساء

الملتقى العام

يعد تفشي ممارسة العنف ضد النساء ظاهرة مزمنة ووبائية أنهكت شتى أنحاء العالم حتى النخاع، في حين لم تأخذ هذه الجريمة البشعة حقها من التسليط الإعلامي لكي توجه الأنظار باستمرار إلى وقائع الانتهاكات الواضحة لحقوق الإنسان وتجسّد هذه الكارثة الإنسانية الكبرى التي تتجاوز الحدود الثقافية والدينية والإقليمية والاقتصادية والعرقية والانتروبولوجية لتشمل جميع الشعوب على اختلاف ألوانهم وصفاتهم وعاداتهم وحالاتهم وفئاتهم وأعمارهم وطباعهم.
تكاليف الخسائر البشرية والمعاناة البشرية والأضرار الاجتماعية والإنسانية لهذا العنف المتزايد باهظة ومؤلمة، والإحصائيات والبيانات والدراسات والأبحاث الرسمية بدأت في السنوات الأخيرة تأخذ وضعية معقّدة بعض الشيء ومقلقة للغاية.
فلنطلق العنان للأرقام لتتحدث بلغتها الخاصة:
* في بقاع العالم تتعرض واحدة من بين كل ثلاث نساء في حياتها لإساءة المعاملة سواء كانت بالضرب أو التهديد أو الاعتداء أو الإيذاء أو التشويه أو جرائم الشرف أو الشتم أو التحرش أو الزواج الإجباري وغيره.
*40-70 بالمائة من النساء في كل من أستراليا وإسرائيل وجنوب إفريقيا وكندا والولايات المتحدة ممن تعرضن للقتل قُتِلن على أيدي أزواجهن أو رفاقهن، عادة في سياق علاقة تقوم على الإساءة.
* بصورة عامة يمكن القول بأن 40 بالمائة من النساء اللاتي يتعرضن للقتل يلقين حتفهن بأيدي الزوج أو الرفيق.
*70 بالمائة من ضحايا العنف في السويد كن قد عايشن بعض أشكال العنف أو التحرش الجنسي.
* 200 ألف امرأة في هولندا يتعرضن سنوياً للعنف على أيدي أزواجهن.
* 8 من بين كل 10 نساء في الهند هن ضحايا العنف وفي كل يوم تلقى 14 زوجة حتفها على يد أسرة زوجها.
* في 40-68 بالمائة من حالات العنف ضد المرأة في الجمهورية الدومينيكية يكون المعتدون رفاق الضحايا أو رفاق سابقين لهن.
* 50 بالمائة من الأسر في جورجيا تمر ببعض أشكال العنف المنزلي.
* 6 من بين كل 10 نساء في بوتسوانا هن ضحايا العنف المنزلي.
* 31 بالمائة من الفتيات والشابات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 16 و19 عاماً في مولدوفا يخضعون للعنف الجنسي.
* في كل عام تتعرض الملايين من النسوة للاغتصاب على أيدي الأزواج أو الأخلاء أو الأقرباء أو الأصدقاء أو الغرباء أو أرباب العمل أو الزملاء في العمل أو الجنود أو افراد الجماعات المسلحة.
* أكثر من 60 مليون أنثى محرومات من الحياة اليوم بسبب عمليات الإجهاض ووأد البنات.

هذه الأرقام تحمل بين سطورها وجعاً وأنيناً يستشري في أجساد المجتمعات ويزيد أعباء المهتمين والنساء بصورة مباشرة بسبب معاناة الضحايا اللامحدود. ومن الملاحظ أن العنف ضد المرأة لا يميز بين عصر وآخر، ولا يفرق بين لون أو فئة أو جهة أو طبقة وأخرى، وإنما يشمل كافة الأزمان والأماكن والبلدان.

من المهم والمؤسف جداً هنا التركيز على جانب مهم ألا وهو حقيقة كون المعنـِّف غالباً ما يكون من بين الذكور المحيطين بالضحايا. فقد يتحول المنزل أو مكان العمل إلى أخطر الأماكن بالنسبة للمرأة وهذه الحقيقة تبين مدى انتشار مختلف أشكال العنف في كل مكان وحجم المأساة العالمية وفي نفس الوقت تَمَكْن الجناة من الإفلات التام من العقاب.

الإعلان العالمي بشأن القضاء على العنف ضد المرأة
في المادة الثانية من الإعلان العالمي بشأن القضاء على العنف ضد المرأة الذي صدر وفق القرار 48/104 في ديسمبر 1993 تم تحديد أشكال العنف بإسهاب، فهناك العنف البدني والجنسي والنفسي الذي قد يحدث في إطار الأسرة أو في إطار المجتمع العام أو العنف الذي ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه، أينما يحدث. وفي المادة الرابعة يتم حث الدول على إدانة العنف ضد المرأة وعدم التذرع بأي عرف أو تقليد أو اعتبارات دينية للتنصل من التزاماتها وينبغي عليها اتباع سياسة للقضاء على العنف ضد المرأة والاستعانة بكل الوسائل الممكنة من أجل تحقيق ذلك. لهذه الغاية يتوجب على الدول منع ممارسة العنف ضد المرأة، والتصديق على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة أو الانضمام إليها أو سحب تحفظاتها عليه، وأن تفعل كل ما بوسعها لدرء أفعال العنف عن المرأة والتحقيق فيها والمعاقبة عليها، وفقاً للقوانين الوطنية، سواء أكان مرتكب الأفعال أفراد أم الدولة نفسها أم المسؤولين الحكوميين أم الذين يتصرفون بموافقة الدولة.

للنساء اللواتي تعرضن للعنف الحق في المطالبة بتعويضات عن الأضرار الجسدية والنفسية التي سترافقهن كظلالهن طوال حياتهن وينبغي تشجيع الدول للامتثال لتعهداتها الدولية ودعم فتح فرص الوصول إلى آليات العدالة أمام النساء وأن تتاح لهن سبل فعالة لإقامة محاكم عادلة. لضمان ذلك يقع على كاهل الدول ـ بعونٍ من المنظمات غير الحكومية، ولا سيما المنظمات المعنية بمسألة العنف ضد المرأة ـ تقديم المعلومات المستوفية التي بموجبها تصبح النساء على دراية بحقوقهن في التماس التعويض من خلال الفرص المتاحة ومن ناحية أخرى يجب التكفل بمناهج وقائية وتدابير قانونية وإدارية وسياسية تنشر الوعي وتعدل أنماط السلوك الاجتماعي والثقافي للرجل والمرأة وتعزز حماية المرأة والدعوة لتولي المرأة للسلطة السياسية، والمشاركة في صنع القرار، ووجوب تمتعها بحقوقها كاملة ـ تلك الحقوق المجسدة في الصكوك الدولية ، منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي لو نُفذت بشكل فعال ستساهم في القضاء على العنف ضد المرأة، وإعلان القضاء على العنف ضد المرأة من شأنه أن يسهل هذه العملية.

من المفترض وضمن إطار ميزانية الدول وضمن إطار التعاون الدولي تقديم المساعدات، كإعادة التأهيل البدني والنفسي، والمساعدة في علاج ورعاية الأطفال وتربيتهم وإعالتهم وتحسين الخدمات الصحية والاجتماعية بكافة مستوياتها، بالإضافة إلى إنشاء الهياكل التنظيمية والمؤسسات الداعمة للضحايا.

حملة منظمة العفو الدولية
بدأت منظمة العفو الدولية في مارس 2004 حملة عالمية تحت شعار "أوقفوا العنف ضد المرأة". تهدف الحملة إلى حشد دعاة حقوق الإنسان، رجالاً ونساءًً، في عمل منظم من أجل التصدي لأشكال العنف ضد المرأة. الحملة موجهة للحكومات والمجتمعات المحلية والأفراد للمشاركة في وضع نهاية للعنف، وتدعو إلى أن يقر كلٌ بمسؤوليته عن وقف هذه الفضيحة العالمية. من خلال الحملة تستكشف العلاقة بين العنف ضد المرأة وبين الفقر والتمييز وتفشي النزعة العسكرية فضلا عن العنف المستخدم ضد النساء والفتيات كسلاح حربي في أوقات النزاعات المسلحة.

متى يدخل العنف ضد المرأة ضمن نطاق جرائم حرب/ جرائم ضد الإنسانية؟
من الجدير بالذكر أن القانون الدولي واتفاقيات جنيف يقضي بحظر أعمال العنف ضد المرأة أثناء النزاعات. أما قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي اعتمد في روما في 17 يوليو 1998 ودخل حيز النفاذ في 1 يوليو 2002 وبدأت المحكمة عملها في العام 2003، فينص على منع عدد من أشكال العنف ضد المرأة باعتبارها جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. فالاغتصاب والاستعباد الجنسي والإجبار على ممارسة الدعارة والإجبار على الحمل والتعقيم الإجباري تعتبر جرائم حرب، وفي حال ارتكابها في سياق مسلسل انتهاكات إجرامية ضد جماعات من السكان المدنيين فإنها تشكل جرائم ضد الإنسانية.

بالرغم من حجم المأساة والمعاناة التي تخلفها مواجهة حقائقها وتأثيراتها على أرض الواقع يجب علينا التعاضد والتضامن والتعاون والتكافل لكي ننجح في كسر حلقة العنف المريعة ونمنع تشويه المجتمع وقتل النساء بقتل المحبة، فكما قال إفلاطون: "المرأة بلا محبة... ميتة..."
وختاماً لنذكر هاتين المقولتين لنحيي المرأة بمناسبة عيدها ولزرع روح الأمل: "إذا محوت المرأة من القاموس... لن يبقى في اللغة كلام ذو معنى" و "إذا صغر العالم كله فالمرأة تبقى كبيرة".
0
337

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️