أماني2006

أماني2006 @amany2006

محررة ماسية

أنت.. طالق بالقرعة..!! بدرية البليطيح

الأسرة والمجتمع

أنت.. طالق بالقرعة..!!
بدرية البليطيح





ليسمح لي القراء الأعزاء بفتح الستار مباشرة وبلا مقدمات، فمسرح الحياة غني عن المقدمات الطويلة بالمشاهد والصور الحية، وحرارة الحدث قد أذابت الكلمات ولا تحتمل التأجيل، وبيت أم أحمد ككل البيوت المغلقة يفور تارة وتهدأ ثورته تارة أخرى.. فإلى حكاية أم أحمد ورفيقاتها بزمن الشتات والتخلي عن المسؤوليات..!!

ملت أم أحمد من موال قد اعتادت ترديده بلا فائدة، فالاستراحة التي تجمع زوجها بأصدقائه بشكل يومي قد أصبحت أمراً مسلماً به شاءت أم أبت سيخرج إليهم ويسهر معهم ولن يمنعه من مزاولة تلك الهواية كثرة الأبناء أو حاجتهم إليه، وصل به الأمر لتخصيص مبلغ من مرتبه للإنفاق عليها، طبعاً الاستراحة وليست الزوجة.. وعندما ساورتها الشكوك فقد تكون هناك امرأة بحياة زوجها وهي آخر من يعلم قطعت الشك باليقين بإرسال من يأتيها بالخبر اليقين.. ولم تجد مشقة بإيجاد من يقدم لها أخباره بالتفصيل، وعندما اطمأنت هان عليها الأمر خصوصاً أنها اعتادت على غيابه ومع وجود من ينوب عنه (السائق) وينتظر إشارة ليدير محرك السيارة فيحمل الطفل للمستشفى والأبناء للمدارس ويقضي حوائجهم من السوق والمكتبة وقد يحملهم للنزهة ويفك اشتباك الأطفال إذا لزم الأمر ويسدد الفواتير ويصلح ما يحتاج للإصلاح في المنزل.. ضاعت مكانة الأب وهو يستمتع بحياته الفردية بعيداً عن جو المعارك والضوضاء وقد يصاب بالارتباك وهو أمام مدير أحد مدارس أبنائه عندما يسأله عن صف ابنه. قررت أم أحمد بعد أن يئست منه أن تعامله بالمثل وداوها بالتي كانت هي الداء.. فجمعت الصديقات ومن يعشن نفس مأساتها واتفقن على استئجار استراحة بشكل أسبوعي وقد يتحول الأمر ليومي بالإجازات وعندما استشارته بالأمر رحب بالفكرة ولم يعارض بل أمدهم بالمال فحملن معهن كل ما يحتجنه من لوازم للمنتجع الجديد، أخذ الأبناء يمرحون والنسوة يبتلعن غصتهن بجرعات من المشروبات الحارة والباردة والأحاديث التي تدور حول أولئك الأزواج فيذهبن ويعدن لمنازلهن وهم مازالوا بسهرتهم..

قالت إحداهن أحمدن الله على ما أنتن به واشكرن فضله، هل تعرفن فلانة قد طلقها زوجها منذ أيام.. هل تعرفن السبب؟. بلا سبب.. وقعت عليها القرعة.. قرعة الطلاق..!! فزوجها ينوي الزواج والمشكلة أن لديه أربع زوجات كل واحدة منهن لا تقل عن الأخرى بالمكانة لديه، ولا بد من طلاق إحداهن لتترك مكانها للجديدة. ولسوء الطالع وقعت عليها القرعة ولم يقصر معها فقد عوضها بالمال.. إنه كريم كعادته.. وعليها أن تنسى نفسها وتفكر بما تقوله للأبناء بعد رحيل والدهم.. ولكن السبب وجيه فرصة لا يجب إضاعتها عليه، والمال الذي دفعه وفرحت به مكرهة لا تدرى هل هو ثمن ما مضى من عمرها أم ثمن ما تبقى منه حيث ستبقى وقفاً لتربية أبنائه مدى العمر ويتولى رعايتها البار منهم آخر عمرها..!!

قالت إحداهن بدهاء: إذا كان زواج المسيار يحل مشاكل الأرامل والعوانس كما يقولون.. فما هو وضع (طلاق القرعة) عندما تفيض أموال أحدهم فيقرر ابن السبعين شراء ربيع فتاة العشرين ومعادلته بخريف عمره.. وطي ملف إحدى زوجاته بما حواه من تفانٍ وإخلاص إما بتقاعدها أو بالطلاق.. وهي لم تصل بعد لنصف عمره.. وهل سيطلق الأغنياء بالقرعة ليتزوج الفقراء بالمسيار؟.

سيحدث تكافؤ ولكن النسل (نسل الطرفين) في مجتمعنا ما هو مصيره..؟؟ هل سيربي الفقراء أبناء الأغنياء بمال آبائهم لعدم تفرغهم.. ويمتصون ما بقي من شباب وحنان مطلقاتهم.. الطلاق عند الله أبغض الحلال إذا وقع لأسباب فكيف إذا كان بلا سبب؟؟ إنه أمر عجيب..!!

قالت أخرى أنت تمزحين.. هذه الحلقة شاهدتها بمسلسل فكاهي منذ زمن الغرض منه الترفيه عن المشاهد، يستحيل أن تطبق على أرض الواقع.. عندما يضع الزوج زوجاته الأربع ويجري القرعة أمامهن ومن يشير إليها السهم يقع عليها الطلاق..!!

ردت بغضب: لا تستعجلي ستنضم إلينا قريباً وعندها تصدقين كلامي وأزيدكن من الشعر بيتاً، سيكون اجتماعنا بعد ذلك بمكان أرقى وأفضل حسب المقام وستتولى الأمر بعد أن تجد منكن السلوى..

قامت أم أحمد وهي تردد.. رضيت بالله رباً وبمحمد نبياً وبالإسلام دينا وبالاستراحة قضاء وقدراً.. والحمد لله أنك يا أبا أحمد مغمور بالديون.. وفقير لا تملك غيري..

وأخذت تنظر لطابور السيارات أمام الاستراحة وحولها السائقون من جميع الجنسيات وهي تقول:

سكان شرق آسيا الأصليون فيهم والله الخير!!..

وقفة: مصطلحات جديدة تغزو العقول الخاوية فتنفض المحافظ بما جمعتها من عملات ورقية وتخفف عن بعضها التخمة والتكدس فما عجز عن حمله الجسد من ورق هو دواء للقلب ضد الشيخوخة يداعبه بالوعود الزائغة والسعادة التي لا تدوم مستغلاً سماحة الدين مع أن الدين أنصف المرأة كما قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} فيحول البعض منهم هذه السماحة ومراعاة أحوال الناس وظروفهم لحكم جائر بحق المرأة ينتزعها بقوة من عشها بلا ذنب وتستسلم للأمر فعندما يقال له: إنها أم العيال كيف تفرط كيف تطلق..؟؟ يرد بثقة لن أخالف الشرع.. الشرع قال أربع وليس خمس، ولو قال الشرع خمس لقال هذا لا يكفي.. أحتاج للمزيد .. كفانا الله شر المزيد من المفردات الجديدة التي تبيحها الضرورات والحاجات المادية والنفسية ومستجدات العصر ولسوء آلية التنفيذ والجهل تحولنا لمخلفات تجارب مفزعة النتائج..!! تضيع بين أكوامها أجساد صغيرة قليلة الخبرة بالحياة فتنتج مخلفات أكبر وأشد خطورة تعجز عن معالجتها وسائل الإصلاح.
منقول من جريدة الجزيرة .......
3
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

مبدعات
مبدعات
الله المستعان
مقال جميل شكرا لك
أماني2006
أماني2006
والشكر موصول لكي على المراور والرد .
أخر مرة
أخر مرة
يا رب ..