مع الله

مع الله ..

ربما انشغلت في مشاق الحياة .. وانجرفت في معترك الواجبات.. والمتطلبات.. ربما لججت حتى غرقت في بحر الحسابات ..والحقوق .. وتوزيع المهام .. وتقسيم الاوقات..اليوم .. غدا.. بعد غد .. الشهر القادم .. السنة القادمة .. بعد عشر سنوات ..
ربما حققت الكثير ، وربما فشلت في الاكثر ،ومع تحقيق كل مبتغى شعرت بنشوة الانتصار ، وتنفست مرتاحا ، ما خططت له اثمرولو ببعض الامال ، ولكن ما اشد الاسوداد امام عينيك وانت تفشل ، ياله من طعم لتلك المرارة التى شعرت بها وانت ترى دفة القيادة تتجه عكس الجهة التي تشد اليها وتوّجه نحوها.
ربما وانت تركض وتركض في خضم هذه المتناقضات ، حانت منك التفاتة ذكرتك به ن ربما وانت ترخي العنان لسرعتك .. سرعة الوقت الذي يلاحقك من الوراء ، وانت تفر خوفا ان يصلك او يلامس كتفك ، رايت وميضا خطف بصرك لثانية او اقل، فلامست شف اروحك ، شعرت بها كريشة ناعمة لامست وجه الماء بخفة وطارت بعيدا ، فهزت في داخلك شيئا ما ن حميما ولكن السرعة جعلتك تمضي متناسيا!
وربما طرق سمعك طرقا خفيا .. ما نفض قلبك نفضا عنيفا .. فاستوقفتك الحياة لحظات .. ولكن ما اروعها من لجظات .. ذكرتك بما كنت ناسيا .. او متناسيا .. او ما كنت عنه منشغلا.. او غافلا .. ايقظت فيك ما خدرته ..بمحض ارادتك .. تجاهلا منك .. كي لا تشعر بوخز التقصير .. او التفريط.. او الفتور ، ازاحت الغشاوة عن العينيين .. وجلت ما على القلب من صدأ.. فسمحت لذلك السهم الحار الذي ترقرق من المقلتين.. ان ينغرز في ذاك الجليد المتماسك.. فيصدعه تصديعا متواصلا .. متتاليا .. فعندها شعرت بخيوط الدفء تتسلل الى القلب رويدا رويدا .. فتشعرك بسعادة غامرة ما شعرتها من قبل، ويتواصل الدفء .. حتى يعم الروح .. ويا لها من طمأنينةفي هذه اللحظات .. لاتوصف لا ولا بكل الكلمات .. ولا حتى بافصح التعابير والمصطلحات .. وهنا تدرك ماكنت تبحث عنه .. وهنا اصبت الهدف والمحور الذي حوله تدور ونركض وتتلفت باحثا عنه.. انها السعادة والنور .. هنا الهدوء والسكينة .. هنا حيث لا نصب ولا صخب .. ولا هموم ولا مخططات ، ولو نظرت بدقة فامعنت الفكر والنظر في تلك اللحظات .. لأيقنت السرّ .. وادركت كنهه .. في تلك اللحظات .. كنت مع الله.
فكن مع الله ولا تبالي ، كلما ضاقت بك واستحكمت حلقاتها .. كلما اسودت واحلولكت في عينيك .. كلما انغلقت محاور الفكر والتماس الاعذار .. فلا تتردد .. لا تتردد ان تطرق بابه .. ولا تتردد ان ترخي لفطرتك طبيعتها المتحررة .. بشوقها وحنينها الى الله ، كن مع الله ولا تبالي .....