قصة معاناة جديدة @رحمكما الله يا ابنتي ذكرى و يا زوجي@

الملتقى العام

إحدى الأخوات الفاضلات أرسلت لي عبر البريد بقصتها تريدني أن اكتبها بأسلوبي و أن أنشرها هنا في الساحات،،

وبعد قراءتي لها و تأثري الشديد بها آثرت أن ابقيها بكلماتها مع بعض التعديل البسيط ،، فكلماتها أظن أنها كتبتها بدمها و دمعها،،

""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""

قد يستطيع الإنسان أن يعبر عن فرحه،، أن يسطُر آماله،، أن يشعر بمحبوبته،، أن يتغزل بها،، ولكن ما أصعب وما أقسى من أن يكتب حرفاً واحداً في فراق عزيز وغالي،، أن يسطُر كلمات تعبر عن أحزانه وآلمه،، أن يبحث عن أحرف لم تكتشف بعد لعلها تكون ابلغ في التعبير عن مكنون قلبه،، أن يفتش في قواميس جميع اللغات عن كلمة تصف حجم الألم و المعاناة .. عن جملة تتعمق في قلب المعنى لتشعر بحرارة الفراق،، لكني قررت أخيراً بعد سنة و نصف من الفراق أن أكتب و أعبر عن ما يجول في صدري،،

ما أقسى ذلك اليوم ،، نعم اذكره بكل تفاصيله،، اذكر انقباض قلبي،، أتذكر نظرات الوداع التي كنت يا ابا فيصل ترمقني بها ،، اتذكر نبرة صوتك الحنون وأنت تستعجلني من هاتف العمل
( هيا لقد أخرتنا عن السفر أني احترق شوقًا للقاء أمي،، أني قلق عليها ولن يطمأن قلبي حتى أراها بعيني ،، وارتمي في حضنها الذي حرمني منه لقمة العيش ) تلك كانت كلماته،،

أتذكر كذالك خطواتي الثقيلة إلى باب المصعد وأحسست برجفة يدي وأنا أحدد الدور الذي سأخرج منه إليك. ركبت السيارة و بدأت تعاتبني على تأخري وعلى عدم تقديري للوقت الذي أضعته،، فلو أني أنهيت عملي مبكرا ً أو حتى لم اذهب من البداية للعمل فأنك ستكون في هذه اللحظات أمام غرفة العمليات تنتظر أمك لتطمأن على صحتها،،

لم أكن اعلم وقتها لماذا لم أرد عليك بأي كلمة بل كنت انظر إلي طفلتي ذكرى و التي منذ أن رأتني اركب السيارة و أجلس إلى جوارك إلا و قفزت بكل خفه بين أحضاني وأحاطت عنقي بيديها الصغيرتين وقبلتني،، لقد حضنتها بكل رقة و حنان،، أذكر أني وقتها تمنيت ان ادخلها إلى داخل صدري،، لا لا بل إلى داخل قلبي حتى استفرد بها لوحدي و لكي احفظها من كل مكروه،،

قاطعني صوتها الطفو لي
( ماما ايش جبتي لي معاك من العمل ؟؟؟ ماما افتحي شنطتك أشوف ؟؟؟ ) لم أرد عليها ولكن اتذكر اني فتحت حقيبتي وأعطيتها قطعة الحلوى و التي وضعتها في فمها وقالت ماما خذيها واذكر إني أدخلتها تحت غطاء وجهي وأخذت من فمها الحلوى بقبله حاااااااااااااااااااااره وضحكت هي ضحكه رسمتها الطفولة على وجه كأنه صفحة البدر،،

اتجهنا إلى خارج المدينة وإذا بصوتك يخترق الصمت و السكون
( هيا قولي معي دعاء السفر ) تمتمت وقتها بكلمات لا اعرف هل كانت دعاء السفر إما ماذا !!! قطعنا مسافة كبيره من الطريق وأنا أنظر إليك و أنت ممسكاً بجوالك لتطمأن على أمك المريضة التي كانت وقتها قد بدأت تفوق من البنج بعد عملية جراحية بسيطة،،

اتصلت بجميع إخوتك وبوالدك وأنا اسمعك ولكني لا أعي،، ولكني افتكر جملة واحدة قالتها حين سمعت صوت أمك المتعب وهي تعاتبك
( لماذ تأتي يا إبني فأنت في مدينة بعيدة) وأنت تقول ( أمي أذا لم أتي لرؤيتك الآن فمتى ساتي أذاً ؟! ) حملت ابنتي ذكرى من على حضني وقلت لها (حبيبتي ارجعي واجلسي بالخلف حتى تنامي ولان الجلوس الأطفال خطر في مقدمة السيارة ) آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه اتذكر نظراتها إلى عيني وهي تستجيب لي وعادت لتقف خلفك وتعانقك من خلف المقعدة وهي تضحك وتقبل رأسك،،

بعدها لم اعرف ما الذي انتابني فمددت يدي بكل قوة وسحبت الهاتف الجوال من بين أناملك،، ونهرت
ك ( مليون مره أقول لمن تسوق لا تتكلم في الجوال ) ضحكت وقالت لي أخر كلمة سمعتها من فيك الغالي ( حاااااااضر ياستي )

أكملنا طريقنا وقد دخلت في عالم أخر،، لا اعرف ماحصل لي أصبحت لا أرى شي،، لا اذكر أين نحن،، ولا إلى اين نتجه،، يا إلهي مابي مالذي حدث لي ،، وماهي إلا كلمحة بصر في طرفة عين إلا وأنا أعجز عن تحريك نفسي و بالكاد افتح جزء من عيني لأميز أنني في سيارة الإسعاف،،



أسمع همسة رجال الإسعاف وهو يقول
( لا تتحركي انتي بخير حادث بسيط ) بعدها لم اعد أرى شيئاً،، ولا أعي بشي،، وجلست على ذلك الحال لثلاثة أسابيع،، وفي الأسبوع الرابع بدأت أفيق،، و بدأت اشعر بمن حولي،، الكل يحمد لله إني لم أمت أرى الوجوه مخضبة بالدموع . جال في رأسي سؤال لم استطع أن اتفوه به خشيت أن تكون إجابته تلك التي لا ارغب في سمعها فآثرت الصمت ذلك اليوم.

ومر اليوم الثاني والثالث و حتى اليوم الخامس وأنا امسك نفسي عن الكلام،، ومن حولي يتوقعون السؤال في أي لحظة،، فكانوا يذكروني باني نجوت من موت محقق وان إصابتي لم تتعدى الكسور وان النزيف الذي كان في الرئة توقف،، هم يعلمون أن كل هذا لا يهمني ولكن الشجاعة مازالت تخونني في أن اطرح السؤال،،

جاء ذالك اليوم الذي أنهكني فيه التعب والألم و أتعبتني أيدي الممرضات القاسية وهي تقلبني،، فأستسلمت لغفوة في تلك اللحظة ... فإذا بابنتي ذكرى بين يدي،، اقبلها أضمها ،، اشمها واخفي وجهي بين احضنها،، اااااااااه ما أجملها وما أجمل حضنها،، وما اطعم قبلتها،،

وبينما أنا في قمة لذتي بحضن ابنتي إذا بتلك اليد تمتد إلي من الخلف،، فألتفت فإذا برجل طويل القامة جميل الملبس لا تظهر من ملامحه شيئاً،، دققت و أمعنت النظر ولكني لم أرى سوى نوراً يشع من وجهه وكأنه البدر في ليلة اكتماله،، اخترق صوته دهشتي وبادرني قبل أن اسأله
( من أنت ) قال ( اعطيني إيها ) فنظرت إلى ابنتي وإذا هي نائمة بين أذرعي وبدون تردد ناولته إيها فحملها بكل لطف وإذا بي أراه يبتعد عني،، قلت ( أنت إلى أين أنت ذاهب اعد إلى ابنتي ) لم يرد على بل ظل يمشي وأنا اكرر عليه ( اعد على ابنتي أرجوك ) وفجاه التفت إلي قائلا ً ( سأحفظها لكي بأذن الله)

فزعت من نومي،، ونظرت من حولي فلم أجد سوى الأجهزة والستائر،، وأمي هناك في زاوية الغرفة،، قد توسدت يدها من التعب ونامت،، نظرت إلى وجهها وإذا بسحابة من الحزن تغطيها،، قلت في نفسي الآن نعم،، الآن يجب أن اسأل و أواجه الحقيقة،، إلى متى وإنا أتهرب،، صرخت في أمي واستيقظت المسكينة واتت تتخبط في أطراف ثوبها،، نعم يا ابنتي وهي تمسح عينيها،، ( ماذا تريدين لا تتحركي قولي فقط وأنا ألبي لك ما تتطلبين ) بصوت مخنوق قلت لها أين ابنائي لم أرهم منذ دخلت المستشفى ؟! أين ذكرى و رؤى و فيصل ؟! أين ابو فيصل؟!

قالت وقد لف الحزن صوتها والعبرات تخنقها إنهم بخير إحمدي الله انك قمت بالسلامة،، وان شاء الله سترينهم ،، قلت
( لم يأتوا لزيارتي أو حتى يتصلوا علي بالهاتف؟! أمي اصدقيني القول؟!! )

آآآآآآه يا أمي في هذه الحظات أذكر نظراتك الهاربة من عيني،، أذكر يديك وأنتي تمسحي جبينك،، اسمع صوتك الآن وأنت مخنوقة،، اسمع حتى حديث نفسك وأنت تقولين كيف ابدأ،، ماذا أقول لها كيف ستتقبل الخبر،، أتذكر رجفة يديك يا أمي و أنتي تسكبي لي الماء في الكأس وتناوليني زجاجة الماء بدلا ً من الكأس وتقولين اشربي يا ابنتي،،

في تلك الحظة افتكرتك يا أمي وأنتي تستقبلين من أتى لزيارتي عند باب الغرفة قبل أن يدخل عندي لتتمتمي في إذنه بكلمات لا اسمعها ولكن أحسها،، اقدر شعورك يا أمي ولكن ،، لابد أن اعرف مايحدث من حولي،،
( حسناً ) قلتها في نفسي سأسكت الآن،، ولكن فقط حتى تبحثي عن كلمات تقوليها لي،،

وأنا في تلك الدوامة من الأسئلة والأفكار،، وصورة ذالك الرجل الذي رأيته في منامي لا تختفي من أرجاء غرفتي إذا بصوت المؤذن يقطع فترة الصمت سمعته بنبرة غريبة،، سمعت كلمات الأذان وكأنها تقول لي شي،، أمي تقفز من أمامي وتأتي لي بالتراب هيا يا ابنتي تيممي حتى تصلي العصر قبل أن يأتي الزوار،، وادعي لنفسك ولزوجك و ابنائك،، لم اسألها ادعي لهم بماذا بشفاء أو بالرحمة أو أن الله أنجاهم،، و عدت إلى صمتي الأول،،

رأيتك يا أمي،، نعم رأيتك وأنت تأخذين الهاتف الجوال،، وتخرجين إلى خارج الغرفة،، و رايتك وأنت عائدة تخبئين وجهك عني،، ولكن لم افتح فمي بأي كلمة،،

ها قد دخل عمي وزوجته وعمي الأخر وزوجته وابنتاه و لم أرى أبي،، فجأة اختفت أمي من أمام ناظري،، و تعالت الاصوات حولي وكلها تتحدث عن الموت،، وكيف أني نجوت منه باعجوبة،، وان جدي قد توفى قبل عدة سنوات وجدتي صبرت بعده،، وأيضا قريبتنا فلانة عمرها لم يتجاوز الأربعين مات زوجها وهو بين يديها وهي التي لقنته الشهادتين و لم تتوقف حياتها بعده فهاهي تربي أطفالها،، لم تنساه ولكن يجب إن تعيش حياتها بعده،، هنا بدأت أهيئ نفسي لتقبل الخبر،، فقلب المومن دليله،، وبسرعة خاطفة لم أشعر بهم الا وهم مجتمعين حول سريري،، هذه يدها على صدري،، وتلك ممسكة بيدي وعمي يضغط على رجلي وبرودة أطرافه تخترق عظامي،، ورجفتي تكاد ترفع قدماي عن السرير هنا سمعت زوجة عمي تقول
( ابنتي تصبري جبر الله مصابك وأحسن الله عزائك فزوجك قد انتقل إلى رحمة الله ) ولم تدعني أبتلع ريقي ألا وأكملت ( وابنتك ذكرى أن شاء الله أنها شفيعة لكي في رعاية سيدنا إبراهيم )

هنا هنا فقط لم افتكر سوى صورة ذالك الرجل الذي اخذ ابنتي من بين أحضاني،، سبحان من ألهمني تلك الجملة في حينها ( اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها )

من بعد تلك الحادثة وأنا أتجرع لوعة الحزن والفراق لا اعلم الحزن على زوجي أبو فيصل صاحب الـ 33 ربيعاً،، ذالك الشاب اليانع الذي كنت و أياه كل يوم نتوسد وسادةً واحدة لنرسم خيوط مستقبل أطفالنا،، ونبني قصورا من الآمال والأحلام،، و رفيق دربي ومؤنس وحدتي،، وملجأي وسندي بعد الله ،، بل هو الحياة كلها،،

أم احزن على ثمرة قلبي ونور عيني والشمعة التي انطفأت في درب حياتي ذات الثلاث سنوات ذكرى،،

هنا لم اعد استطع الكتابة فمنذ بداية أمساكي بالقلم وأنا أغالب دموعي و ها هي قد غلبتني أخيراً



اللهم أرحم أبا فيصل و ذكرى و اسكنهم فسيح جناتك،،

وألهم أم فيصل الصبر و السلوان و أشفها و عافها و احفظ لها فيصل و رؤى


منقول من الساحات

اللهم أأأأأأأأأأأأأأأأمين امنوا يابناااااااااااات
62
3K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ابي ككاو
ابي ككاو
الله يرحمهم ويرحم اموات المسلمين000 جزاج الله خير
بنت الصالحين
بنت الصالحين
اللهم أرحم أبا فيصل و ذكرى و اسكنهم فسيح جناتك،،

وألهم أم فيصل الصبر و السلوان و أشفها و عافها و احفظ لها فيصل و رؤى

اقرا القصه وابكى لا حول ولا ققوه الا بالله
الوشاااااح
الوشاااااح
اللهم أرحم أبا فيصل و ذكرى و اسكنهم فسيح جناتك،،

وألهم أم فيصل الصبر و السلوان و أشفها و عافها و احفظ لها فيصل و رؤى
اسيرة الأمل
اسيرة الأمل
رحم الله ابو فيصل وذكرى
والهم ام فيصل الصبر والسلوان واخلفها فى مصيبتها خير منها
مصاب الموت مصاب جلل يقطع نياط القلب ويجفف دمع العين
لكن هى سنه الله فى خلقه
له الحمد كما يبغى لجلال وجهه وعظيم سلطانه
ام كينان
ام كينان
اللهم أرحم أبا فيصل و ذكرى و اسكنهم فسيح جناتك،،

وألهم أم فيصل الصبر و السلوان و أشفها و عافها و احفظ لها فيصل و رؤى