كانت مسترخية بسلام فسمعت من نافذة مفتوحة صوت مزعج لطائرة مرت فوق بيتها فتساءلت:
- ترى الى أين هم مسافرون؟ ولم سافروا؟ ليتني أسافر مثلهم ... محتاجة أنا لسفرة تريح ذهني وتساعدني على الاسترخاء من ضجيج الحياة والمهام
تذكرت شيئا فقامت من مكانها تتفقد جواز سفرها فوجدته وبحثت عن تاريخ اصداره لتطمئن على سريان مفعوله فكان المكتوب عام 1119 فقالت:
- ماهذا التاريخ؟ لم أكن مخلوقة في هذا التاريخ !! قد يكون خطأ مطبعي!
ثم نظرت لصورتها في الجواز إنها صوره حديثة
فنظرت لها الصورة وابتسمت ثم تكلمت قائلة:
- من قال أنك لم تكوني موجودة في ذلك التاريخ
- أنا من يقول ذلك.. إني أعرف تاريخ مولدي ..قد ولدت بعد عام 1119 بقرون !!
- اذن أنت لا تعرفينها؟
- من تقصدين؟
- المرأة التي تشبهك في كل شيء وعاشت في ذاك الزمن
- لا لا أعرفها
- كانت مثلك تماما لا تفرق عنك بشيء لا بشكل ولا بمشاعر ولا بطريقة تفكير
- لا ... ليست انا
- لا أدري.. أشك أنها أنت.. كانت تشبهك في كل شيئ
- هل قالت أنها أنا ؟
- لا ..هي لا تدري أنك ستجيئين أصلا
- أ يمكنني رؤ يتها؟
- ربما من يدري
- أأ ستطيع العودة للزمن الماضي بطريقة ما لأقابلها ؟
- ربما
- إذا كنت لا تعرفين إجابات اسئلتي فلم جيئت إذن؟
- أنسيت أني صورة ملصقة بالجواز وأنت من فتح الجواز؟
- اسمعي أريد رؤيتها ورؤية بساطة العيش في عصرها أريد نقل مشاعر الراحة والمتعة الى نفسي في هذا العصر المعقد
- ابحثي عن فكرة تجمعك بها
فذهبت لدرج في مكتبها وأخذت قلم وورقة ورسمت بابا وقالت:
- قد أستطيع ان أدلف من هذا الباب كأفلام الكرتون فأسافر لزمنها
- حاولي
فحاولت بيدها فتح الباب في رسمتها لكنه لم ُيفتح
ثم رن جرس باب بيتها فضحكت المرأة والصورة وقالت إحداهما :
- ذكرنا الباب فرن جرسه!
وانصرفت المرأة لفتح الباب فإذا بالباب امرأة تشبهها تماما ففتحت فاها وسألت:
- من انت؟
- أنا انت
- من اين جئت؟
- من عام 1119
ردت مبهورة:
- تفضلي
فردت الأخرى وهي تدخل البيت:
- شكرا
- كنا نتحدث عنك ونبحث عن حيلة توصلنا إليك
- ولذا أتيت
- هل سمعتنا؟
- بل عرفت صدق نيتك في مقابلتي
- تبدو على وجهك ملامح الإجهاد مثلي
- أنت تعرفين الحياة هي مليئة بالمصاعب المجهدة
- مصاعب؟! اي مصاعب؟! حياتك في عصر بسيط !! الممتلكات فيه يسيره والمتطلبات قليلة والعلاقات هاديئة ..لا وظائف متعددة ولا اجهزة معقدة ولا ضجيج ولا صخب
فأشارت المراة الى قلبها قالت:
- وماذا عن هذا؟
- تقصدين قلبك؟
- نعم
- أكيد انه في راحة
- ما أدراك؟
- اني اعرف ان الهدوء في الخارج يساعد على هدوء القلب وراحته
- ماذا اذا كان القلب مجهد بسبب لا يتعلق بالخارج
- تقصدين ان يكون مريض؟
- نعم
- آه صحيح أنتم في عصر لا مستشفيات فيه ولا أطباء كثر سلامتك ولا بأس عليك
- سلمك الله عزيزتي لكن قلبي لم يكن بحاجة لطب الأطباء
- أليس مريض؟
- إنه مرض من نوع آخر
- ما قصدك؟
- أقصد انه كان مليء بمشاعر كثيرة مختلطة تموج موجا فيه فلا يعرف الراحة
- أي مشاعر تلك التي تموج فيه ؟
- مشاعر حزن وأسى و مشاعر رفض وغضب ومشاعر قهر وغيض وكراهية وبغض واكتئاب ولا مبالاة
- كل هذا في قلبك؟
- نعم
- وأين مشاعر الفرح والطمأنينة والراحة والسرور؟
- انها قليلة وضيئلة
- و ما الذي ملأ قلبك بكل تلك المشاعر المتعبة؟
- إنها الحياة
- وما بها حياتك؟
- لم أكن راضية عنها قط
- ويلي كنت أتمنى أن يعود بي الزمان لأعيش في عصرك عصر البساطة والراحة
- لا ياعزيزتي لا تتمني زمن آخر ولا حياة أخرى ولا ظروف مغايرة ..تمني فقط شفاء قلبك.
= انتهت القصة ( بقلمي )=
الذي يجعلك ترى الأشياء بمنظار آخر فتسعد بما عندك ....طريقة سردك جميلة وسلسة ..بارك الله قلمك ☺